Table of Contents
من “الشمسية” إلى “الذرية” .. تطور الساعات عبر التاريخ
الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك. هكذا يقول المثل. فمنذ أدرك الإنسانُ مفهوم الوقت، أو حقيقة أن الحاضر شيء مختلف عن الماضي وعن المستقبل، بدأ سعيه لتسجيل هذا التيار المتواصل وحيد الاتجاه وتحسين استفادته منه.
وعلى مر التاريخ استخدم الإنسان عدة سبل لقياس مرور الوقت، فقبل ظهور الساعات في شكلها المتعارف عليه حالياً، اعتمدت الحضارات القديمة سواءاً الفرعونية أو الإغريقية أو الرومانية، على أدوات غريبة لمعرفة الوقت؛ مثل الأجرام السماوية، والماء، والبخور.. وغيرها.
ورغم بدائية تلك الساعات، إلا أنها تكشف عن عبقرية الإنسان القديم، الذي سعى لتحديد الوقت رغم ضعف الإمكانيات المتاحة له، على عكس ما نحن عليه الآن.
فيما يلي، نرصد كيف تطورت أدوات قياس الوقت من “الشمسية” إلى “الذرية” :
1- الساعة الشمسية :
أقدم الساعات هي تلك التي كانت تعكس ببساطة الدورات التي تحدث في السماء ليراها الناس وقد كانت عبارة عن دوائر عملاقة من الحجر أو أية مادة أخرى تحدد تعاقب الفصول أو حركة النجوم أو شواهد صخرية.
ويَعتقد العلماء أن هذه الشواهد الصخرية ، وهي مجموعات من الأحجار الضخمة القديمة التي وجدت في انكلترا.. كانت تستخدم في وقت من الأوقات كساعة من تلك الساعات ففي أوقات معينة من السنة تكون الشمس والقمر على خط واحد مع بعض الصخور وعندما يحدث ذلك يدرك القدماء أن فصلاً جديداً قد بدأ .
ولم يخطر على بال البشر مطلقاً تقسيم الأيام إلى وحدات متساوية حتى ما يُقرب من 4000 سنة مضت حينما ظهرت فكرة تقسيم اليوم إلى أربع وعشرين ساعة وربما كان ذلك عند البابليين الذين ابتكروا المزولة أو الساعة الشمسية لمعرفة الوقت (وهي عبارة عن دائرة عليها علامات تبيـّن الساعات فيما بين شروق الشمس وغروبها وتغرس في وسط الدائرة ساق خشبية صغيرة حيث يقع ظلها على العلامات ومع حركة الشمس عبر السماء يتحرك الظل مشيراً إلى الوقت .
من “الشمسية” إلى “الذرية” .. تطور الساعات عبر التاريخ
2- الساعة المائية:
نتيجةً لصعوبة قياس الوقت ليلاً بواسطة “المسلة”، صنع قدماء المصريين ما يعرف بالساعة المائية، وهي عبارة عن وعاء به ثقوب صغيرة في القاع، ويطفو على سطح الماء، وكان يعرف الوقت من خلال الـ 12 سطراً رأسياً منقوش على جانب الوعاء الذي يملأ بمعدل شبه ثابت.
أما أقدم نموذج من هذا الساعات، فقد عثر عليه في مقبرة أمنحتب الأول فرعون مصر في الفترة (1525-1504) قبل الميلاد، نقلت بعد ذلك تلك الساعة إلى اليونان القديمة على يد افلاطون، وكذلك عرفها باقي حضارات العالم القديم، وهي الإغريق، وبابل، وفارس، والصين، والهند على أيدي علمائها في ذلك الوقت.
3- الساعة الرملية :
عرفت الحضارة السومرية ما يعرف بالساعة الرملية في العام 3300 قبل الميلاد، وهي عبارة عن غرفتين زجاجيتين متقابلتين رأسياً متصلتين بواسطة فتحة صغيرة، تتساقط حبات الرمل من الغرفة العلوية إلى السفلية بمعدل ثابت.
وهي من الساعات الموثوق بها لقياس الوقت في الرحلات البحرية، وظلت قروناً عدة تستخدم على متن السفن.
4- الساعة البخورية :
عرفت الصين واليابان هذا النوع من الساعات في القرن الـ 6 الميلادي تقريباً، وهي عبارة عن عصا للبخور ذات قياسات محددة، ويوجد فيها مجرى محفور يشبه المتاهة، يحتوي على أنواع متعددة من البخور، وكان مستخدمو الساعة يشعلون البخور عند أحد الأطراف فلا ينتهي اشتعال أحد أنواع البخور حتى تكون قد انقضت ساعة كاملة.
ظل هذا النوع من الساعات يستخدم حتى بدايات القرن الـ 20.
5- الساعة الفلكية :
خلال القرن الـ 11 وفي عهد أسرة سونغ، ابتكر عالم الفلك والمهندس الصيني سوسونغ ساعة فلكية تدار بالماء، واستخدم فيها تقنية ميزان الساعة، بالإضافة إلى سلسلة نقل حركة لتدير الحلقات بها.
في بداية القرن الـ 12، بدأ الفلكيون المسلمون تطوير هذا النوع من الساعات، واستخدامها في المساجد، ومن أشهر من ساهم في تطويرها وتحسين أدائها، هم الجزري، وابن الشاطر، وأبو الريحان البيروني.
6- الساعة الشمعية :
لا أحد يعرف على وجه التحديد متى بدأ استخدامها، لكنها كانت منتشرة في الصين واليابان وبلاد فارس، وظلت على حالها حتى طورها إسماعيل الحزري في العام 1206 ميلادية، فجعل لها عقرباً لعرض الوقت، حيث كان يمثل إذابة الشمعة ساعة واحدة فقط.
7- ساعة الفيل :
من الساعات العجيبة التي صنعها الحزري هي ساعة الفيل، وهي ساعة مائية على شكل فيل ضخم، يعلوه بيت صغير، ويقوده رجال آليون، وتمتاز بأنها دمجت حضارات العالم القديم في تصميمها، فالفيل يمثل الحضارة الهندية، والتنين الحضارة الآسيوية، وطائر العنقاء الحضارة المصرية القديمة.
وكانت تضبط هذه الساعة مرتين في اليوم، عند شروق الشمس وعند غروبها.
8- الساعة الميكانيكية :
أول من عرفها كان هم الرهبان في الكنائس بأوروبا، ففي خلال القرنين الـ 9 والـ 15، تم صناعة الكثير من الساعات، وتعد من أشهر الساعات هي ساعة ميلان، وساعة روان، وساعة براغ، أما أقدم ساعة ميكانيكية ما زالت تحتفظ بحالتها منذ صناعتها في العام 1386، فهي ساعة كاتدرائية سالزيري.
ثم عرف العثمانيون هذا النوع من الساعات، وشرعوا في تطويرها، وتم صناعة أول ساعة ميكانيكية تحتوي على ثلاثة مؤشرات للساعات والدقائق والثواني بواسطة العالم تقي الدين الشامي خلال القرن الـ 16.
9- الساعة البندولية :
رغم أن أول من فكر في وضع البندول للساعة العالم الفلكي غاليليو غاليلي، إلا أن أول من ابتكر الساعة البندولية هو العالم الهولندي المتخصص في الرياضيات والفلك كرستيان هوغينز في العام 1656، وخلال أشهر انتشر هذا النوع من الساعات.
10- ساعة اليد :
في العام 1675، ابتكر كرستيان هوغينز ما يعرف بـ “النابض الشعر” أو “نابض الاتزان”، وكان لهذا الاختراع أثر مهم في تطور صناعة الساعات، فتم صناعة الساعة صغير الحجم المحمولة في اليد بدلاً من الساعات كبيرة الحجم التى كانت تعلق بالحائط أو توضع على الأرض.
لكن في منتصف القرن الـ 19، انتشر ساعات اليد على يد آروندينسون، وادوارد هوارد، حيث انتجا ما يزيد عن 1000 ساعة يد.
11- ساعة البحر :
في العام 1759، استطاع جون هاريسون حل مشكلة دامت عدة قرون، وهي كيفية العثور على خطوط الطول في البحر، من خلال صناعة ساعة بحرية عرفة بـ H-1.
12- ساعة الكوارتز :
وهي تطوير تم إدخالها على ساعة اليد، واعتمد هذا النوع من الساعات على الكهربية الانضغاطية لبلورات الكوارتز، التى اكتشفها العالمان بيير وجاك كوري في العام 1880، وقد صنعت أول ساعة من هذا النوع في كندا في بداية القرن الـ 20، ثم انتشرت على مستوى العالم، وما زالت تصنع حتى اليوم.
13- الساعة الذرية :
في العام 1949 تم صناعة أول ساعة ذرية، لكن في العام 1967، تم تشغيل هذا الساعة بواسطة ذرة السيزيوم، يوجد في المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا.