أبحر محمد عنان بفن وعلم الترجمة لإعادة اكتشاف الفردوس المفقودة
في عصر الموازين المختلة، وعقول الشباب المحتلّة، التي يفخر فيها لاعب بعدد أهدافه المسجلّة، ومطرب يتباهى بمشاهدات الفيديو المُشغّلة، وسفيه يزهو بعدد المتابعين، ومغمور يتفاخر بعدد المعجبين، حق لنا نحن أن نفخر بعميد المترجمين، وشيخ الأدباء والناقدين، الذي تبوأ مكانا عليّا، واشتق من العنان صفة فأصبح عنانيّا، وأفاد بعلمه الأجيال متواضعاً ولم يكن أنانيّا.
أبحر محمد عنان بفن وعلم الترجمة لإعادة اكتشاف الفردوس المفقودة
أعاد اكتشاف “الفردوس المفقود”، ليكتب لها في الإنجليزية والعربية البقاء والخلود، صال وجال في تلك الملحمة، وأبحر في علوم الفنون والترجمة، التي زادت عن عشرة آلاف سطر فاتحا من الإبداع أبوابا، وواضعا كنوزا ثمينة في اثني عشر كتابا، وقسَّم ترجمتها في أجزاء عدة، لتنال استحسان الجميع بقوة وبشدة.
تعددت فنونه، ما بين “فن الكوميديا” و “الأدب وفنونه” و”فن الترجمة” و”فن الأدب والحياة “، استظل الكثير تحت أشجار واحاته، مثل “واحات العمر” و”واحات الغربة “. علّم تلاميذه أن علم الترجمة لا يعني حرفية النص الذي نريد، إنما هو محاولة خلق نص جديد، مع الحفاظ على جماليات وثقافة النص المترجم منه وإليه، وأنها امتزاج حضارتين في بوتقة واحدة، بغرض درء الصدامات الحضارية، والاختلافات الثقافية، ليتم شق قناة تواصلية، يتعارف الناس من خلالها على ثقافاتهم الإنسانية.
تجاوز عناني الحدود ليترجم بعض الأبيات على شكل شعر بوزن وقافية، بخاصة في الأماكن التي تحتاج إلى شاعرية، مثل الحوار بين آدم وحواء قبيل السقوط في شَرك المعصية، ووصف معاناة إبليس في الجحيم وحسده لآدم أبي البشرية.
سيرته المهنية
عمل عناني كمراقب لغة أجنبية بخدمة رصد بي بي سي في كوفرشم (بيركشير) من عام 1968 إلى 1975 أثناء إكمال دراسة الماجستير والدكتوراه. ثم عاد إلى مصر في عام 1975 وعمل محُاضراً في اللغة الإنجليزية في جامعة القاهرة، كما انضم أيضاً إلى اتحاد كتاب مصر. ترقّى إلى درجة أستاذ مساعد (مشارك) للغة الإنجليزية عام 1981 ثم حصل على الأستاذية عام 1986. رأَس عناني قسم اللغة الإنجليزية بالجامعة بين عامي 1993 و1999.
انتُخب عناني كخبير في مجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 1996. وكان المنسق الأكاديمي لبرنامج جامعة القاهرة الخاص بالترجمة الإنجليزية بين عامي 1997 و2009، والذي من خلاله ألَّف أو نقّح كل ترجمات وكتيبات التدريس الخاصة بالجامعة منذ عام 1997. وبين عامي 1986 و2003 كان المحرّر العام لسلسلة الأدب المعاصر – سلسلة الأعمال الأدبية العربية المترجمة إلى الإنجليزية – والتي صدر لها 75 عنواناً نشرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب. ومنذ عام 2000 أصبح مسئولاً عن سلسلة “الألف كتاب الثاني” للترجمة إلى اللغة العربية، والتي تنشرها هيئة الكتاب المصرية.
كتب عناني عدداً من المسرحيات العربية التي عُرضت في القاهرة والمحافظات المصرية (سبعة أصلية وثلاثة مُعدّلة وثلاثة مُترجَمة) بين عامي 1964 و2000. وكان محرّرا لمجلة المسرح المصري منذ عام 1986، ومحررا مشاركا للمجلة الثقافية الشهرية سطور من عام 1997 وحتى 2007.