مبدعونعباقرة

طه حسين .. عميد الأدب العربي

طه حسين

هو عميد الأدب العربي، وصاحب البصمة الكبرى في الثقافة العربية، استطاع أن يقهر الظلام ويتغلب على إعاقته ليصل إلي ارفع المناصب، ويحتل قمة الأدب العربي رغم ما تعرض له من انتقادات بسبب آراءه وكتاباته، كان أدبه مدرسة حديثة، وركنا أساسيا من حقبة كاملة هي حقبة التنوير في الفكر العربي.

ولد الدكتور طه حسين في الرابع عشر من نوفمبر عام 1889م في عزبة “الكيلو” التي تقع على مسافة كيلو متر من مدينة “مغاغة” بمحافظة المنيا في صعيد مصر وكان والده موظفًا صغيرًا بسيط الحال ، يعول ثلاثة عشر من الأبناء كان ترتيب طه حسين السابع بينهم.

فقد بصره في السادسة من عمره بعد إصابته بالرمد ، وحفظ القرآن الكريم قبل أن يغادر قريته إلى الأزهر الشريف، ليتتلمذ على يد الإمام محمد عبده، لكنه طرد من الأزهر، ولجأ إلى الجامعة المصرية في عام 1908 ودرس الحضارة المصرية القديمة، والإسلامية، والجغرافيا، والتاريخ، والفلك، والفلسفة، والأدب وعكف علي إنجاز رسالة الدكتوراه التي نوقشت في ١٥ مايو عام ١٩١٤م وحصل على درجة الدكتوراه الأولى في الآداب عن أديبه الأثير: “أبي العلاء المعري”، ثم سافر إلي باريس ملتحقًا بجامعة “مونبلييه”.

عاد طه حسين من فرنسا عام 1918م بعد أن فرغ من رسالته عن ابن خلدون، وعمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني حتى عام 1925م تم عين أستاذًا في قسم اللغة العربية مع تحول الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية، وأصبح عميدًا لكلية الآداب سنة 1930، وحين رفض الموافقة على منح الدكتوراه الفخرية لكبار السياسيين سنة 1932، طرد من الجامعة ولم يعد إليها إلا بعد سقوط حكومة صدقي باشا، وفى عام 1942م أصبح مستشاراً لوزير المعارف ثم مديرا لجامعة الإسكندرية حتى أحيل للتقاعد في 16 أكتوبر من عام 1944م واستمر كذلك حتى 13 يناير 1950 عندما عين لأول مرة وزيراً للمعارف، وكانت تلك آخر المهام الحكومية التى تولاها طه حسين حيث انصرف بعد ذلك إلى الإنتاج الفكري والنشاط في العديد من المجامع العلمية التى كان عضوا بها من داخل وخارج مصر، وتوفي الأديب الكبير في 29 أكتوبر من عام 1973م عن عمر يناهز 84 عاماً.

أنتج طه حسين أعمالا كثيرة منها أعمال فكرية تدعو إلى النهضة والتنوير، وأعمال أدبية تنوعت ما بين الروايات والقصص القصيرة والشعر، ومن أهم هذه الأعمال: “على هامش السيرة”، “الأيام”، “حديث الأربعاء”، “مستقبل الثقافة في مصر”، “الوعد الحق”، “في الشعر الجاهلي”، “المعذبون في الأرض”، “صوت أبى العلاء”، “من بعيد”، “دعاء الكروان”، “فلسفة ابن خلدون الاجتماعية”، “الديمقراطية في الإسلام”، “طه حسين والمغرب العربي”، “شجرة السعادة”، “أديب” ، “من حديث الشعر والنثر”.

كذلك قام طه حسين بدور اجتماعي وسياسي كبير في إنهاض المجتمع المصري وتنوير العقل العربي، وهو صاحب شعار “التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن” وقد تعرض لانتقادات كثيرة وخاض معارك فكرية بسبب آراءه وأفكاره وصلت إلي حد تكفيره ورغم ذلك كان الدكتور طه حسين وسيظل  بحق “عميد الأدب العربي” نظراً لتأثيره الواضح على الثقافة المصرية والعربية.

ونال طه حسين العديد من الجوائز والأوسمة بلغت أكثر من 36 جائزة مصرية، ودولية منها “وسام قلادة النيل” عام 1965م، و”جائزة الدولة التقديرية في الآداب” كما قلده ملك المغرب محمد الخامس “وسام الكفاءة الفكرية” وذلك عندما قام طه حسين بزيارته للمغرب وهو وسام رفيع يقدم للعلماء والأدباء وغيرهم من المتميزين، و”جائزة الأمم المتحدة” لإنجازاته في مجال حقوق الإنسان وذلك في عام 1973م، وقامت فرنسا بمنحه “وسام اللجيون دونيه” من طبقة جراند أوفيسيه، كما حصل على عدد كبير من الدكتوراه الفخرية من جامعات عالمية مثل “ليون” و”مونبلييه”، و”روما”، و”أثينا”، و”مدريد”، و”أكسفورد”. 

وتم اختيار الدكتور طه حسين عضواً في عدد من الهيئات فكان عضوًا بالمجمع العلمي المصري، والمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وعضوًا مراسلاً للمجمع العلمي العربي بدمشق، والمجمع العلمي العراقي، وعضوًا أجنبيًّا في المجمع العلمي الفرنسي، والمجمع العلمي الإيطالي، وعضوًا عاملاً بمجمع اللغة العربية منذ عام 1940م، كما تم انتخابه نائبًا لرئيس المجمع عام 1960م، وكان  أول من شغل هذا المنصب، كما تم انتخابه رئيسًا للمجمع عام 1963م خلفًا لأحمد لطفي السيد، وظل في هذا المنصب حتى وفاته. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى