شخصيات دينيةمبدعون

(إبراهيم الخولي).. فارس الأزهر النبيل.. صاحب الخبرات العلمية والعملية بعلم الجدل والمناظرة

انتقل إلى رحمة الله تعالى العلامة المنافح عن الإسلام الدكتور إبراهيم الخولي الذي وافته المنية أمس السبت 17 رمضان 1444هجرية الموافق 8 أبريل 2023م عن عمر قارب ال 94 عاما ميلاديا، قضاها في التعليم والتأليف والدفاع عن الإسلام.

العلامة الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد عبد الله الخولي الذي ولد في 14 أبريل 1929م، هو أحد أبرز علماء الأزهر الشريف، وعضو في جبهة علماء الأزهر، وكان يعمل أستاذا للبلاغة والأدب والنقد، بكلية اللغة العربية في جامعة الأزهر.

شارك في العديد من المؤتمرات الإسلامية في مصر والبلدان العربية والإسلامية، وكان له العديد من الأعمال والمؤلفات الإسلامية واللغوية، التي أنجزها في حياته، في مجال الدراسات الإسلامية والبلاغة العربية والنقد الأدبي؛ من أهمها:-

كتاب «السنة بيانا للقرآن».

كتاب «التعريض في القرآن الكريم».

كتاب «التكرار بلاغة».

كتاب «لزوميات أبي العلاء (رؤية بلاغية نقدية)».

كتاب «منهج الإسلام في الحياة من الكتاب والسنة».

كتاب «الجانب النفسي من التفسير البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني».

كتاب «مكان النحو من نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني».

كتاب «مقتضى الحال بين البلاغة القديمة والنقد الحديث».

جامعة الأزهر تنعي الدكتور إبراهيم الخولي

نعاه الآلاف حول العالم، ومنهم رئيس جامعة الأزهر الأستاذ الدكتور سلامة داود، الذي كتب يقول:

(الأستاذ الدكتور إبراهيم الخولي، أستاذ البلاغة والنقد المتفرِّغ بكلية اللغة العربية بالقاهرة، العلَّامة الكبير مربِّي الأجيال والحارس الأمين على لغة الضاد لغة القرآن الكريم ووعائه؛ والحارس الأمين على ثقافة الأمة وهويتها، الصَّادع بالحق المبين، العلامة المتبحر في فقه لغة القرآن الكريم والحديث الشريف ولسان العرب.

إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك (يا إبراهيم) لمحزونون.

لقد فقدت جامعة الأزهر علمًا من أعلامها النبلاء، وعالمًا جليلًا من صفوة علمائها، عاش للعلم، وربَّى جيلًا من الأساتذة الكرام.

لقد جلست بين يديه متعلمًا فكان نعم الأستاذ؛ نهرًا عذبًا وموسوعية قَلَّ نظيرها، وصاحبَ رسالة، وحامل راية، ثقة صدوقًا مجددًا، أبى إلا أن يلقى الله وهو صائم.

كانت محاضرته ساعة بعد صلاة الظهر فإذا هي تمتد إلى صلاة العشاء؛ حبًّا للعلم وتربيةً للجيل.

شيخنا الجليل، طبت حيًّا، وطبت ميتًا، وجزاك الله عنَّا خيرًا، وآجرنا في مصابنا فيك، اللهم اغفر له وارفع درجته)..

رحم الله العلامة د. إبراهيم الخولي بقدر ما عاش من أيام وساعات ودقائق، وبقدر ما علم وربى، وبقدر ما دافع عن الإسلام، وعوض الأزهر الشريف والعلم والعلماء وطلبة العلم والعالم الإسلامي عنه خيرا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الدكتور إبراهيم الخولي

نعي كلية اللغة العربية

ونعت كلية اللغة العربية بالقاهرة، جامعة الأزهر، أستاذ البلاغة والنقد المتفرغ بكلية اللغة العربية بالقاهرة، والمفكر الإسلامي، إذ كتبت عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: بقلوب يعتصرها الحزن ويملؤها الرضا بقضاء الله وقدره تنعى كلي اللغة العربية بالقاهرة علمًا من أعلامها البارزين؛ فضيلة الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد عبد الله الخولي، أستاذ البلاغة والنقد المتفرغ بالكلية، والمفكر الإسلامي، متابعة: رحم الله الأستاذ الكريم، وغفر له، وأسكنه واسع الجنات، وجزاه عن طلاب العلم خيرًا عميمًا، وإنا لله وإنا إليه راجعون

وكتب عنه الدكتور على إبراهيم:

أستاذنا الحبيب المناضل الثائر الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد عبد الله الخولي، تاريخ نضاله في سبيل إرساء الحق لا يكفيه مؤلف كبير يتتبع هذا التاريخ، وبقدمه للقارئ معينًا لا ينضب في الاقتداء.

من مواقفه الثائرة موقفه من شيخ الأزهر السابق الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي – رحمه الله – حين التقى حاخام اليهود في مكتبه، حيث كتب مقالا في جريدة الشعب بعنوان: “بيان للناس من عالم أزهري” خيَّر فيه شيخ الأزهر بين أمرين بين الاعتذار لعموم المسلمين، وبين ترك منصبه، وقد حُول أستاذنا إلى التحقيق بسبب هذا المقال وانتهى التحقيق الذي كان برئاسة أحد أبناء كليته إلى إنهاء خدمته بالجامعة فرفع قضية وكان الحكم بعودته إلى كرسيه في الجامعة، ومما أذكره عند تنفيذ الحكم بتمكينه من عمله أن عميد الكلية حينذاك طلب إليه أن يكتب التماسًا يطلب فيه تمكينه من العمل فرفض وقال له: أنا لا ألتمس، أنا آتيك بحكم محكمة نفذ أو قل لي لن أنفذ.

 

وُلد شيخنا الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد عبد الله الخولي في قرية القرشية التابعة لمديرية الغربية يوم الجمعة الثامن من شهر ذي الحجة عام 1347هـ الموافق السابع عشر من شهر مايو عام 1929م، وأقام مع أسرته في قرية فيشا التابعة لمديرية البحيرة.

التحق أستاذنا بمعهد دسوق الديني، وحصل منه على الشهادة الابتدائية (الإعدادية الآن) عام 1947م، ثم التحق بالمعهد الأحمدي بطنطا، وحصل منه على الثانوية الأزهرية عام 1952م، ثم التحق بكلية اللغة العربية بالقاهرة، وحصل منها على درجة الليسانس عام 1956م، وحصل على دبلوم عام في التربية وعلم النفس عام 1957م، وحصل على دبلوم خاص في التربية عام 1961م، وحصل على درجة الماجستير بتقدير ممتاز عام 1972م، وكان البحث الذي قدمه بعنوان: “مكان النحو من نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني”، وحصل على درجة الدكتوراه عام 1978م بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وكانت رسالته بعنوان: “مقتضى الحال بين البلاغة القديمة والنقد الحديث”، وقد طبعتها دار البصائر بالقاهرة عام 2007م. بإشراف الأستاذ الدكتور كامل الخولي، ومناقشة أد. أحمد الحوفي الأستاذ في كلية دار العلوم، وأد. محمد رجب البيومي.

عُين شيخنا مدرسًا في التربية والتعليم في مدارس محافظة البحيرة بعد تخرجه عام 1956م حتى عام 1968م، ثم عُين معيدًا في كلية اللغة العربية بالقاهرة عام 1968م، ثم مدرسًا مساعدًا (محاضرًا)عام 1972م، ثم مدرسًا (أستاذًا مساعدًا) عام 1978م، ثم أستاذاً مساعدًا (مشاركًا) عام 1985م، ثم أستاذًا عام 1994م.

قدم دورات في طرق تدريس العربية في كلية اللغة العربية بالقاهرة.

عمل في باكستان لمدة عامين.

من مؤلفاته:

– التعريض في القرآن الكريم، طُبع في دار البصائر عام 2004م، ويقع في مائتين وثلاثين صفحة من القطع المتوسط، عالج فيه شيخنا بعد المقدمة مفهوم التعريض، ودلالته، وعناصر الدلالة في التعريض، والقيمة الفنية للتعريض.

– التكرار بلاغةٌ، أهداني الأخ الحبيب الأستاذ الدكتور صلاح سرور – جزاه الله خيرًا – نسخة من هذا الكتاب في طبعته الثانية لدار الأدب الإسلامي تحمل تاريخ 1425هـ – 2004م، يقع هذا الكتاب في اثنتين وتسعين ومائة صفحة من القطع الوسط.

في حوار عبر الهاتف نطق شيخنا عنوان هذا الكتاب برفع كلمة بلاغة وبنصبها، وكذا ضُبطت في المطبوع، وهذا الكتاب غايته وبغيته – كما وصفه أستاذنا -: الانتهاء في قضية التَكرار إلىَ كلمة فصل؛ تنهي النزاع حول ظاهرة أسلوبية؛ فاشِيَة في القرآن العظيم؛ تتصل ببلاغته، ويتصل الحديث عنها ببيانه وإعجازه!. هنا: كان لزامًا علىَ هذا الكتاب: أن يقيم للتكرار محكمة عادلة؛ تنفي الزيف عن هُويته، وتُبين عن وضعيته الحقة: وسيلة بيانية؛ لها قدرها وخطرها بين فنون البيان، وفي هذا السياق طُرحت تساؤلات كبيرة عميقة؛ تُجلي جوانب القضية، وتحيط بها!. كما أن عنوان الكتاب: (التكرار بلاغة) يحمل دلالتين: دلالة علىَ طبيعة البحث ووجهته؛ فهو بحث بلاغي نقدي في لبه وجوهره؛ وهذه الدلالة تنبثق عن العنوان متىَ قرئ هكذا: (التكرار بلاغةً) بنصب كلمة (بلاغة)، ودلالة ثانية علىَ ما لهذا الأسلوب من قيمة بيانية فنية؛ وهذه تنبثق عن العنوان إذا قرئ برفع كلمة (بلاغةٌ) علىَ أنها خبر، و(التكرار) مبتدأ!. بهذا الضبط المزدوج: يوحي العنوان – منذ البداية – بجهة البحث؛ وحيثيته، ويوحي – منذ البداية كذلك – بموقف ورؤية للتكرار؛ يُنحيان عنه المواقف والرؤىَ الخاطئة؛ والمختلطة.. وبهـَـذا يحتل مكانته: فنًا بيانيًا أصيلًا، وأداة بلاغية مواتية؛ في مقامات ومواقف؛ لا يسعف فيها إلا التكرار!.

– الجانب النفسي من التفكير البلاغي عند عبد القاهر الجرجاني، أهداني الأخ الحبيب الأستاذ الدكتور صلاح سرور – جزاه الله خيرًا – نسخة من هذا الكتاب في طبعته الثانية لدار الأدب الإسلامي تحمل تاريخ 1425هـ – 2004م، يقع هذا الكتاب في واحدة وأربعين ومائة صفحة من القطع الصغير.

وهذا الكتاب – كما وصفه شيخنا – يتناول جانبًا من جوانب تفكير عبد القاهر البلاغي! وفكر الشيخ البلاغي هو أبرز جوانب فكره، و(دلائل الإعجاز)، و(أسرار البلاغة)؛ هما أشهر كتبه!. وإذا كان فكر الإمام البلاغي ما زال ينطوي علىَ خبىء لم يُكشف عنه بعد.. فإن الجانب النفسي منه هو أشد جوانبه خفاءً، وأصعبها كشفًا، وأعوصها تناولًا وعرضًا!.

والدارس لعلم عبد القاهر وتراثه يدرك فيه سمتين تميزانه:

خصوصية النظرة التي يرى بها موضوعه الذي يفكر فيه.

صرامة المنهج الذي يتناول به ما يعالجه من قضايا ومسائل.

والجانب النفسي الذي نقصد إليه هنا: هو أمر مختلف عن المنهج النفسي؛ الذي يذكر في الدراسات النقدية والأدبية، وهو مختلف أيضًا عن النظريات النقدية والأدبية التي تقوم علىَ أصول أو مبادئ نفسية، وهو مختلف كذلك عن الدراسات النقدية والتحليلية التي تتناول حياة الأدباء والشعراء وتحلل شخصياتهم من خلال نتاجهم.

الجانب النفسي في تفكير عبد القاهر البلاغي: هو تفسير وتعليل لتأثير الكلام في نفس متلقيه. لا يكتفي بالكشف عن الخصائص، والسمات، والشِّيات.. وما إليها من نتائج النَّظْم التي تقف عندها تحليلات البلاغيين عادة؛ ولكنه يتجاوز ذلك؛ ليوغل في البحث عن الأسباب والعلل؛ ذات الطابع النفسي؛ التي تجعل هذه الخصائص البيانية تُحدث في نفس المتلقي ما يشبه هِزَّةَ الطرب، أو تخييلات السحر!…

هناك آخرون تحدثوا عن عبد القاهر وتراثه من وجهة نظر نفسية.. لكن حديث هذا الكتاب عنه حديث آخر.

– السنة بيانًا للقرآن الجزء الأول، وهو الكتاب الثاني ضمن سلسلة مأدبة الله، نشرته الشركة العربية للطباعة والنشر عام 1993م.

طرح شيخنا بعض الأسئلة وأجاب عنها من خلال هذا السفر العظيم منها هل بين السنة والكتاب صلة؟، وما طبيعتها إن كانت؟، وما أثر التسليم بقيام هذه الصلة؟، وما المنهج الذي يجب اصطناعه للكشف عنها؟، وما صلة هذا كله بقضية توثيق السنة؟، وإلى أي مدى يفتح الطريق أمام البلاغة لتُوظف في خدمة قضايا الدين عقيدة وشريعة؟

وفي حوار هاتفي مع شيخنا قال لي أستاذنا عن هذا الكتاب إنه التاج الذي ألبسني إياه الله، وقد أهداه شيخنا لسيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

ومن أدب الحوار مع سيدي رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – في هذا الكتاب ما أنقله رغبة في أن ينالني شرف الحشر مع شيخنا في زمرة الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – من هذا الأدب قول شيخنا: ” سيدي يا رسول الله بأبي أنت وأمي. هل لي أن أستأذن في أن أطرق باب خدمتك بهذا الكتاب؟

لئن قعد بي ما أعرف من ضعة شأني وصغر أمري إلى ما أعرف من رفعة قدرك، وسمو مقامك فإن ما أعلمه من سجاحة خلقك العظيم، ونبل تواضعك الجليل ليطمعني في القبول، ويغريني بالإقدام، فها أذنت يا رسول الله؟

إنك ما قلت “لا” قط لسائل يطرق باب كرمك وأنا أسألك بالله أن تقبلني.

لكم تمنيت لو كنت بين مَنْ مَنَّ الله عليهم بصحبتك أسابقهم إلى شرف حمل نعلك، وأجاذبهم فضل صب وضوئك على قدميك الطاهرتين، وأنعم معهم بشرب بقية من سؤرك لا أظمأ بعدها في الدنيا ولا في الآخرة.

لكن شاء الله أن أحيا في غير زمنك، وإني لأسأله – طمعًا في كرمه العميم – أن يجعل من سعيي في هذا الكتاب خدمة لسنتك يعوضني بها ما لم يقدر لي من خدمتك يا رسول الله”.

وهذا الكتاب – كما وصفته منصة القارئ – وضع لخاصة أهل العلم؛ بل لخاصة الخاصة منهم! وقد صيغ عنوانه ليحدد بدقة موضوعه والغاية منه؛ إذ ينصب انصبابًا على صلة السنة المطهرة بالقرآن العظيم: من حيث هي بيانه وتبيينه.. وصلة السنة بالقرآن ليست من قبيل الصلات بين الآثار الأدبية أو الآداب الإنسانية! وليست من قبيل الصلات التي يُشغل بها البلاغيون والنقاد! وهي غير الصلات بين الكتب السماوية، أو بين الشرائع بعضها وبعض!.. فالصلة بين السنة، والقرآن العظيم غير هذا كله! هي علاقة من نوع مختلف!.. ففي ضوء هذا الكتاب: يتهافت منطق من يزعمون: أن القرآن مستغن بنفسه عن السنة! وتتهافت دعوىَ أن السنة لها استقلال عن القرآن!.

وفي ضوء هذا الكتاب أيضًا: يُفتح طريق وثيق – وإن كان وَعْرًا – لتوثيق السنة؛ إذ يقرر: أن كل حديث يُحكم بصحته؛ فلا بد أن يكون له أصل في القرآن؛ يشهد له، وأنه متىَ شهد القرآن للحديث فهو حسبه!..

– لزوميات أبي العلاء رؤية بلاغية نقدية، أهداني الأخ الحبيب الأستاذ الدكتور صلاح سرور – جزاه الله خيرًا – نسخة من هذا الكتاب في طبعته الثانية لدار الأدب الإسلامي تحمل تاريخ 1425هـ – 2004م، يقه هذا الكتاب في ثمان وثمانين ومائة صفحة من القطع الصغير.

يقدم هذا الكتاب – كما وصفه أستاذنا – رؤية للزوميات أبي العلاء تختلف عن كل ما كتب حولها في القديم والحديث؛ حيث بنيت هذه الرؤية على تأمل عميق طويل للزوميات نفسها، ولم تعتمد على مجرد الروايات والأخبار، والتسامع!. واللزوميات في تراث أبي العلاء معلم بارز؛ كمنارة مسجد عتيق في مصر إسلامي!. قيل عن المتنبي (إنه ملأ الدنيا وشغل الناس)! وأبو العلاء – في تقديرنا – كان جديرًا بأن يملأ الدنيا، ويشغل الناس بأكثر مما صنع أبو الطيب؛ لنتفق حول هذه الرؤى أو نختلف؛ لكن ما ينبغي ألا نختلف عليه: أن تراث أبي العلاء، واللزوميات في مقدمته؛ شهادة تضعه في مقدمة من يستحقون الانتماء إلى (الأدب الإسلامي) والانتساب إلى الأدب الإنساني العالمي!. ولسنا نبالغ حين نقول: إن أبا العلاء أحق شعراء العربية وأدبائها بوصف الشاعر والأديب الإسلامي.. لقد التزم أبو العلاء في إبداع ديوان اللزوميات الضخم ما لا يلزمه؛ فهل كان صنيعه هذا نافلة يثاب عليها، أو تكلفًا يحاسب عليه؟! هو يقر بأنه تكلف في اللزوميات ثلاث كُلَف، فلم تكلفها؛ وهو واعٍ بآثارها؟ ما دافعه لذلك وما تفسيره وما أثره؟ هل لديوانه هذا نظير في التراث الشعري العربي قبله؟ ما علاقة كل هذا بآفة أبي العلاء؟ ما علاقة شكل اللزوميات بمضمونها؟ وإلى أي مدى اقتضى المضمون فيها الشكل؟. قضايا كثيرة متشعبة ومتداخلة يعالجها هذا الكتاب.. تلك بعض منها!.

– متشابه القرآن، طبعته دار البصائر في 84 صفحة، بدأه شيخنا بمقدمة في ست صفحات تكلم فيها عن الحداثة، وعن العلمانية، وعن فكرهم، ومصادره، وأهدافهم، وبين أفكارهم حول القرآن الكريم كالتلاعب بالنص تحت ذريعة التأويل الباطل، والقول بتاريخية النص القرآني، وحبسه في إطار البيئة والزمان والمكان الذي نزل فيه، وقولهم إن العبرة بالمغزي دون المعنى، والقول بالنظر للنص مقطوعًا عن مصدره، والقول بأن المعول عليه في فهم النص هو المتلقي، وأن لكل قارئ الحق المطلق في تفسير النص أو تأويله حسبما يتأتى له، والقول بأن النص بعد نزوله وتلبسه باللغة يصبح إنسانيًّا لا إلاهيًّا، ثم تحدث عن موقف المسلمين من التأويل، وذكر أن القرآن الكريم هو الذي أثار قضية التشابه، واستخدم ألفاظ المحكم والمتشابه، والتأويل، وأرسى قواعد المنهج القويم لتناول هذه القضية، وبين أن المتشابه هو مجال التأويل وأن إدخال المحكم في دائرة التأويل يكون ضربًا من الجهل، ثم تحدث عن قضية الكتاب وهي متشابه القرآن، ومنهجه فيها، ثم جاءت قضايا الكتاب في ثلاث عشرة قضية.

– مقتضى الحال بين البلاغة القديمة والنقد الحديث، رسالته للدكتوراه، وقد رصد فيه الشيخ حركة البلاغة العربية، وتطورها منذ نشأتها وعبر تاريخها الممتد، وحرر مناط البلاغة وربطه ربطًا وثيقًا بقضية البلاغة المحورية: الملاءمة بين المقال والمقام، كما أبرز وضعية البلاغة العربية الخاصة التي تميزها من سائر بلاغات الأمم، وعبَّد الطريق البلاغة العربية وتجديد مناهج البحث البلاغي، وصنَّف عمل البلاغيين في دائرتين؛ دائرة التفكير المبدع، ودائرة التنظيم والتقعيد والتهذيب.

كما أن هذا الكتاب راجع وصحح ونقد ونقض تصورات واتجاهات ومناهج وأحكامًا تنكبت الجادة أو ضلت عن سواء السبيل تأثرًا بوافد مخالفة، وخلفيته الثقافية مغايرة أو قصورًا في الأدوات أو خلالا في المناهج، كما كشف زيف دعاوى وفنَّد ادِّعاءات تزعم أو يزعم لها أنها إبداع جديد بينما هي – في الحقيقة – ليست سوى أصداء، وربما سرقات لتراث الأقدمين.

– مكان النحو من نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني، بحثه للماجستير، نشر في دار البصائر بالقاهرة عام 2008م.

– منهج الإسلام في الحياة من الكتاب والسنة.

الاتجاه المعاكس

شارك أستاذنا في كثير من حلقات برنامج الاتجاه المعاكس الذي يقدمه الإعلامي د. فيصل القاسم منها حلقة بعنوان: “المشروع الأمريكي والمشروع الإسلامي”، وحلقة بعنوان: “تشريعات ضد الشرع”، وحلقة بعنوان: “المناهج الجنسية في المدارس العربية”، وحلقة بعنوان: “حوار الأديان”.

أعد شيخنا وثيقة البيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام المعلنة في سبتمبر عام 1981م بمقر اليونسكو بباريس بعد هذا التاريخ بعامين، وشارك مع المستشار حمدي عزام نائب رئيس مجلس الدولة في وضع دستور إسلامي الذي أُعلن عنه في إسلام آباد عام 1983م، كذلك أعد شيخنا وثيقة بيان وحدة الأمة المعلن في إسلام آباد عام 1988م.

في مديح إبراهيم الخولي

أما الدكتور خالد فهمي فكتب يقول:

عرفت الجماهير الراحل الكريم الدكتور إبراهيم الخولي من خلال شاشة : الجزيرة التي استضافته ليناظر عددا من رموز التيار العلماني في مصر والدول العربية.

وقد كان لتكوينه العلمي الأصيل أثره الظاهر في إفحام خصومه وهو ما تحقق له من استجماعه أمرين :

الأول: المعرفة اللغوية والشرعية الأصيلة التي حازها بحكم انتمائه الأصيل للمرسة العلمية الأزهرية،

الأخير: خبرته العلمية والعملية بعلم الجدل المناظرة.

فضلا عن ضحالة تكوين مناظريه في الأمرين معا.

لكن الذي يلفت النظر إليه هو أصالة تكوينه العلمي في حقل اختصاصه الأصيل؛ وهو علم البلاغة العربية.

بدأ إبراهيم الخولي من نقطة تأسيسية مركزية تمثلت في فحص أبعاد العلاقة بين علم النحو وعلم البلاغة بوصف الأول هو الأب البيولوجي للثاني، وفي أعلى تجليات هذه العلاقة المتمثلة في قضية النظم، وعند مؤسسها الأبرز وهو عبد القاهر الجرجاني، كما يظهر من كتابه المبكر :مكان النحو في نظرية النظم.

ثم تطور منجز الرجل في إخلاصه للدائرتين القرآنية

والحديثية عندما اتجه لفحص عدد من مشكلاتهما البلاغية على ما نرى في دراساته عن : المتشابه القرآني، وهو موضوع صعب ودقيق يروم السالكوه نمطا من تفكيك استراتيجيات الغموض المبدع في الكتاب العزيز.

وعلى ما نرى في دراسته عن السنة النبوية الشريفة بوصفها بيانا للقرآن الكريم.

رحم الله الراحل الكريم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى