مبدعونشخصيات علمية

ابن رضوان .. عميد أطباء القاهرة

طبيب مصري ذائع الصيت، كان طبيب الخليفة الحاكم بأمر الله، وعميد أطباء القاهرة، واسمه الكامل هو أبو الحسن المصري علي بن رضوان بن علي بن جعفر، ولد بالجيزة قرب القاهرة سنة 998م، وعاش فيها وتوفي بها ما بين 1061 (453هـ) وكان طبيباً ورياضياً ومن كبار الفلاسفة في الإسلام.

لا يعرف الكثير عن حياته. ويقال إن أباه كان فَرَّاناً أو سقَّاء، ولذا اضطر ابن رضوان في صغره إلى العمل ليحصل على ما يشتري به ما يحتاجه من الكتب.

يقول عن نفسه وأنا في السادسة أسلمت نفسي في التعليم، ولما بلغت السنة العاشرة انتقلت إلى المدينة العظمى وأجهدت نفسي في التعلم، ولما أقمت أربع عشرة سنة أخذت في تعلم الطب و الفلسفة ولم يكن لي مال أنفق منه، فلذلك عرض لي في التعلم صعوبة ومشقة، فكنت مرة أتكسب بصناعه القضايا بالنجوم، ومرة بصناعة الطب، ومرة بالتعليم ولم أزل كذلك وأنا في غاية الاجتهاد في التعليم إلى السنة الثانية والثلاثين.

إسهاماته العلمية

من أهم إسهامات “ابن رضوان” في الطب اهتمامه بمعاينة المريض والتعرف على المرض، وذلك بالنظر إلى هيئة أعضاء المريض وبشرته، وتفقد أعضائه الباطنية والخارجية، وطريقة نظره وكلامه ومشيته، والتعرف على نبض قلبه وعلى مزاجه عن طريق توجيه الأسئلة إليه.

وحدد ابن رضوان واجبات الطبيب في معالجة أعدائه بنفس الروح والإخلاص والاستعداد التي يبذلها عند معالجة أحبائه، وكانت بين ابن رضوان وابن بطلان طبيب بغداد، مراسلات دارت حول صغار الطير وعدد من المواضيع، الأخرى خاصة منها تعلّم الطب اليوناني.

من منهجه في العلاج يقول “ابن رضوان” إذا دعيت إلى مريض فأعطه ما لا يضره إلى أن تعرف علته فتعالجها عند ذلك، ومعنى معرفة المرض هو أن تعرف من أي خلط حدث أولاً، ثم تعرف بعد ذلك في أي عضو هو، وعند ذلك تعالجه.

رسالته إلى الأطباء

كان ابن رضوان كثير الرد على من كان يعاصره من الأطباء وغيرهم، وكذلك على كثير ممن تقدمه، والطبيب في وجهة نظره هو الذي اجتمعت فيه سبع خصال : الأولى أن يكون تام الخلق، صحيح الأعضاء، حسن الذكاء، جيد الروية، عاقلاً، ذكوراً، خير الطبع، والثانية أن يكون حسن الملبس، طيب الرائحة، نظيف البدن والثوب، والثالثة أن يكون كتوماً لأسرار المرضى لا يبوح بشيء من أمراضهم، والرابعة أن تكون رغبته في إبراء المرضى أكثر من رغبته فيما يلتمسه من الأجرة، ورغبته في علاج الفقراء أكثر من رغبته في علاج الأغنياء، والخامسة أن يكون حريصاً على التعليم والمبالغة في منافع الناس، والسادسة أن يكون سليم القلب، عفيف النظر، صادق اللهجة، لا يخطر بباله شيء من أمور النساء والأموال التي شاهدها في منازل الأعلاء فضلاً عن أن يتعرض إلى شيء منها، والسابعة أن يكون مأموناً ثقة على الأرواح والأموال، لا يصف دواء قتالاً ولا يعلمه، ولا دواء يسقط الأجنة، يعالج عدوه بنية صادقة كما يعالج حبيبه.

ومعلم الطب – وفق ابن رضوان – هو الذي اجتمعت فيه الخصال بعد استكماله صناعة الطب، والمتعلم هو الذي فراسته تدل على أنه ذو طبع خير، ونفس ذكية، وأن يكون حريصاً على التعليم، ذكياً، ذكوراً لما قد تعلمه.

مؤلفاته

ألف ابن رضوان عدة كتب في الطب، أشهرها : “كتاب في دفع مضار الأبدان بأرض مصر”، ترجم ماكس مايرهوف فصلاً منه في كتابه : “دراسة المناخ والصحة في مصر القديمة” (1923)، وكتاب “شرح الصناعة الصغيرة لجالينوس”، الذي كان له شهرة عظيمة، وقد ترجمه جيرار الكريموني إلى اللاتينية، ونشر في البندقية سنة 1496م.

ومن مؤلفاته أيضا : “شرح المقالات الأربع في القضايا بالنجوم لبطليموس”، “كفاية الطبيب فيما صح لدي من التجارب”، و”الكتاب النافع في تعلم صناعة الطب”، ويحتوي هذا الكتاب على عرض لأفكار ابن رضوان وأفكار كثير من زملائه الآخرين عن الطب اليوناني القديم، وتطوره، وقيمته، وطريقة تعلمه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى