ابتكر أنس الكفارنة على إنتاج البنزين من النفايات البلاستيكية
رغم الحصار الذي فرضه الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة, يأتي أهالينا هناك بالأفكار والحلول المبتكرة والبحث عن طرق وبدائل لسد العجز الحاصل في قطاع السلع، جراء منع إسرائيل إدخال البعض منها، حيث تعمل العديد من مصانع القطاع على إنتاج المصنوعات البلاستيكية، من خلال استغلال بقايا المخلفات البلاستيكية، ومن أبرز الاستخدامات التي سجلت نجاحاً حقيقياً إنتاج البنزين والسولار من خلال عملية حرق البلاستيك بعدة خطوات، ومن ثم الحصول على سولار وبنزين يستخدمه سكان غزة دون أي ضرر في تشغيل مركباتهم وبأقل تكلفة، وذلك لسد العجز في ظل تحكم إسرائيل في الكميات التي تدخل القطاع إضافة إلى سعره المرتفع.
إعادة التدوير
ووفقا لـ “القدس العربي” تمكن (أنس الكفارنة) من سكان مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة، من إنتاج السولار والبنزين من خلال إعادة تدوير بقايا النفايات البلاستيكية، واستغلالها بعد عملية حرق بمعدات وأجهزة بدائية، في الحصول على المحروقات الصالحة للاستخدام، والتي يمكن من خلالها سد مشكلة ارتفاع أسعار المحروقات في غزة والتي بات المواطن يئن منها، حيث تعتبر عملية الإنتاج هذه الأولى على مستوى فلسطين.
وتعد النفايات البلاستيكية من المواد الاستراتيجية في قطاع غزة، حيث تدخل في كثير من الصناعات المهمة، وتشهد محطات جمع النفايات نشاطاً ملحوظاً من انتشار للشبان والأطفال الذين يتواجدون بشكل يومي على مقربة من المكبات المنتشرة في شوارع غزة، للبحث بين أكوام النفايات عن قطع بلاستيكية من أجل بيعها لمكابس تعمل على تنظيفها وفرمها، ومن ثم بيعها لمصانع تعمل بدورها على إعادة تدوير هذه القطع في صناعات مختلفة، وينتج قطاع غزة أكثر من 700 طن يومياً من المخلفات الصلبة من بينها 250 طناً من النفايات البلاستيكية، يتم ترحيلها يومياً من خلال طواقم البلدية إلى تجمعات النفايات المنتشرة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة، والمخلفات من البلاستيك يتم تجميعها من قبل شبان وأطفال، يعملون بأجور زهيدة لإعادة تدويرها من قبل شركات ومصانع متخصصة.
وتقوم عملية تدوير النفايات في غزة على مبادرات فردية من بعض الشباب، وفي العادة كانت المصانع العاملة في القطاع تستخدم البلاستيك الخام المستورد في الصناعات المختلفة، لكن مع ارتفاع سعره نتيجة الضرائب المفروضة عليه، بدأ أصحاب المصانع التفكير في بدائل من خلال استغلال البلاستيك المستخدم وإعادة تدويره، وهذا منح الشاب الكفارنة تجربة إنتاج المحروقات من المخلفات البلاستيكية.
وتعتمد فكرة إنتاج المحروقات من البلاستيك، على فصل جزيئاته التي يتم الحصول عليها من قبل عمال يقومون بجمعه، ومن ثم إدخاله في وعاء حراري كبير تصل فيه الحرارة إلى 350 درجة مئوية، وتستغرق مدة حرق كمية البلاستيك المدخلة ما يقارب من 10 ساعات متواصلة، ليتم الحصول بعد ذلك على الشحمة البلاستيكية، التي تتحلل ويتم تحويل البخار الناتج عنها إلى وقود مسال، يصلح استخدامه في تشغيل جميع أنواع الماكينات التي تعمل بالوقود.
من جهته يقول صاحب المشروع أنس الكفارنة (33 عاماً) إن “فكرة إنتاج المحروقات من البلاستيك، جاءت من خلال متابعة تجارب مشابهة في إحدى الدول الأوروبية، حيث بدأنا بتطبيق الفكرة باستخدام مخلفات البلاستيك الأقل تكلفة في إنتاج المحروقات، والتي أثبتت نجاحها بعد أن عملت برفقة إخواني على إجراء تجربة للمشروع على مدار الأشهر الماضية للخروج بنتائج إيجابية، وذلك بعد أن قمنا بإجراء تجارب على ماكينات تعمل بالسولار والبنزين، وأعطت نتائج سليمة بعيداً عن أي مشاكل بالمحركات”.
الإنتاج اليومي
ينتج (الكفارنة) من مشروعه ما يقارب من 800 لتر يومياً من السولار والبنزين، وهذه الكمية قابلة للوصول إلى نسبة أكبر بكثير من ذلك، وهذا يعتمد على كمية البلاستيك المتوفرة، فنتيجة لتوجه الكثير من أصحاب المصانع للحصول على القطع البلاستيكية المستخدمة الأقل تكلفة مقارنة بالمستوردة، فإن ذلك تسبب بقلة وفرة الكميات التي يتم جمعها بشكل يومي.
ما يميز المشروع
وبين أن ما يميز مشروعه هو استخدامه لكافة أنواع المخلفات البلاستيكية التي يتم تجميعها بشكل عشوائي من مكبات النفايات، على اختلاف الصناعات البلاستيكية الأخرى مثل الأدوات المنزلية التي تدخل في إعداد الطعام، والتي يتطلب فيها استخدام مواد بلاستيكية خام مستوردة عالية الجودة، لا تحتوي على شوائب ومواد كيميائية خطيرة كالتي تجمع من النفايات.
وأوضح أن هناك اقبالا كبيرا على شراء المحروقات التي ينتجها من قبل أصحاب الدراجات النارية ومراكب الصيد بكافة أحجامها، ويعود هذا لجودة المنتج في تشغيل المحركات بأداء ممتاز من دون أي ضرر، إلى جانب انخفاض تكلفة البيع والتي تصل إلى دولار أمريكي واحد، مقارنة بالمحروقات التي تباع بالمحطات والتي تصل إلى دولارين ونصف أمريكي.