الباحث المصري “ياسر حسن” هو أحد مؤسسي صفحة العيادة التعليمية (Education Clinic) وله أبحاث في مجال الطاقة الضوئية والمواد المتناهية في الصغر منشور بعدة مجلات عالمية. نجح ياسر مؤخراً بمساعدة فريقه العلمي في جامعة أكسفورد البريطانية في التوصل للغز تلف الخلايا الشمسية المصنوعة من مادة البروفسكايت، وتحولها بعد مدة زمنية قصيرة إلى شيء عديم الفائدة، وغير منتج أو موصل لطاقة الكهرباء.
واستند الباحث، على دارسة ديناميكية عمل جسد الإنسان، واستطاع من خلال مادة يفرزها الكبد البشري من التوصل إلى منع تكسير خلايا الجيل الرابع الشمسية المعتمدة على البروفسكايت، وهو ما يمثل طفرة هائلة ينتظرها العالم بالاعتماد على الجيل الرابع من الخلايا الشمسية ذات الإمكانيات الكبيرة.
دورية “نتشر” العلمية الشهيرة احتفلت بهذا البحث الهام وروجت له، وبدأت شركتان متخصصتان في إنتاج الخلايا الشمسية في التطبيق العملي له، وفقاً لما أكده الباحث المصري ياسر حسن لموقع “سكاي نيوز عربية”.
وأوضح حسن أن البحث العلمي مشغول منذ بدء الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بكيفية تطوير وزيادة كفاءة الخلايا الشمسية التي تنتج الكهرباء من الضوء، وهذا أمر عكفت عليه الأبحاث والدراسات والتطبيقات العلمية عشرات السنين وقطعت فيه شوطا كبيرا.
وأشار إلى أن ثمة أجيال عدة من الخلايا الشمسية، وأول ما اخترعت البشرية كانت الخلايا المصنوعة من السيليكون وداخل جيل السليكون هناك عدة أجيال أخري.
وأوضح الباحث المصري أن الخلايا المصنعة من السيليكون بصوره عامة هي أفضل أنواع الخلايا الشمسية وأكثرها كفاءة، “فخلايا السليكون تعتبر أكثر الخلايا كفاءة بقدرة 25 بالمئة… وهذا حتى عقد من الزمن تحديدا في 2012 عندما نشر بحث عن خلايا البروفسكايت الشمسية الجافة”.
في عام 2012 اكتشف رئيس المجموعة البحثية التي يعمل بها ياسر حسن في أكسفورد البروفيسور هنري سنيث مادة أشباه الموصلات البروفسكايت واستخدامها في الخلايا الشمسية، وأصبح هذه المجال هو مركز انتباه جميع الباحثين في هذا المجال على مستوى العالم، وذلك لأن مادة البروفيسكايت تعتبر من أفضل المواد التي اكتشفها البشرية في خصائصها الفيزيائية والتوصيل الكهربي جعلها تفوق السيلكون في الكفاءة، لأن خلايا السيلكون تعاني من وجود عيوب بلورية تنتقص من كفاءتها في التوصيل، وفقا لتأكيد حسن.
وعن الأجيال المختلفة من الخلايا الشمسية، فهي وصلت إلى الآن 4 أجيال، هي الجيل الأول (السيلكون)، والجيل الثاني (الخلايا الصبغية المستحثة والجيل الثالث (الخلايا الشمسية العضوية المعتمدة على مركبات عضوية)، والجيل الرابع (البروفيسكايت).
وأوضح ياسر حسن أنه على مدار الوقت واجه الجيل الثاني والثالث مشاكل فيما يتعلق بكفاءة هذه الخلايا، مما أدي إلى أن يبقي السيلكون هو المهيمن على الصناعة بالرغم من تكلفته العالية، إلى أن ظهر البروفيسكايت أو ما يعرف تحديدا بـ (Metal halide perovskites).
وفي أول الأمر عام 2009 نشر باحثون يابانيون استخدام البروفيسكايت كبديل للأصباغ لتحسين خصائص الجيل الثاني، إلا أن تجربتهم لم تجن ثمارا مبهرة، إلى أن جاء البروفيسور هنري سنيث من أكسفورد وأدمج فكرة استخدام البروفيسكايت في خلايا شمسية جافة مثل الجيل الثالث، ومن هنا بدأ الجيل الرابع.
وفقا للباحث المصري فإن البيروفسكايت أصحبت حديث الساعة نظرا لما أثبتته الأبحاث المتوالية من إمكانية استغلال قوتها، ليس فقط لانبعاث الضوء، ولكن أيضًا لتأثير أوسع محتمل للتطبيقات الكهروضوئية الأخرى، مثل الخلايا الكهروضوئية، وأيضا تمتلك كفاءة تفوق السيلكون في ظل رخص تكلفة إنتاجها.
ولكن “الحلو ما مابيكملش” وفقا لحسن، فمادة البروفيسكايت كانت تعاني من تكسير وعدم ثبات تحت عوامل الضوء والحرارة والعوامل الجوية، مما منع تصنيعها للمستهلك، وعلى مدار العقد الماضي من الزمن ظل الباحثون منشغلين بكيفية حل مشكلة تكسير مادة البروفيسكايت، من دون جدوى “حتى تمكنت مع فريقي من ذلك”.
ويضيف “عكفنا على فهم لطبيعة الكائنات الحية وكيفية تعاملها مع العناصر المكونة لمادة البروفيسكايت وهي تتكون من هيدروجين، نيتروجين، رصاص، هالوجينات اليود وغيره، وتوصلنا إلى أن مادة الجلوتاثيون التي يفرزها كبد الإنسان لمعالجة الأكسدة بعنصر الرصاص في الجسم هي مفتاح الحل لتبيت التركيب الكيميائي للمادة في خلايا البروفيسكايت”.
ويواصل: “بحثا عن أدلة ميكانيكا الكيمياء التي تكشف مسارات التدهور وآلية عدم الاستقرار، وتمكنا من التغلب عليها، ونظرنا أولاً في تكوين عنصر البروفيسكايت، ووجدنا أن وجود أي ذرات رصاص غير مرتبطة بذرات أخرى على سطح البروفيسكايت يمكن أن تتسبب في تدهور يعرف باسم فصل الهالوجينات”.
ويستطرد: “اعتمدنا على نفس الآلية التي يقوم بها كبد الإنسان بتنظيف الجسم من سموم الرصاص، لإزالة ذرات الرصاص غير المرغوب فيها بخلايا البروفيسكايت وتحقيق ثباتها الكيميائي تحت الضوء والحرارة والعوامل الجوية.
يؤكد العالم المصري: “أدت خطوة العلاج هذه إلى تلألؤ كهربائي أحمر اللون كان صعب الحصول عليه قبل ذلك مع ثبات كيميائي”.
ويشير إلى أنه وفريقه توصلوا كذلك إلى أن الرصاص هو المسؤول عن تكسير خلايا البروفيسكايت، وليس اليود كما كانت تعتقد الأبحاث السابقة لبحثهم.
حول الباحث
حصل ياسر حسن على بكالوريوس العلوم في تخصص الكيمياء من جامعة الزقازيق عام 2002، وحصل على الماجستير في الكيمياء الضوئية عام 2007 في تعاون بين جامعة الزقازيق مع جامعة عين شمس عن تحلية المياه بالطاقة الشمسية.
وفي عام 2010 حصل على منحة كاملة مموله من جامعة تورونتو للحصول على درجة الدكتوراه وبدأ دراسة ماجستير أخرى ثم دكتوراه في قسم الهندسة الكيميائية والكيمياء التطبيقية، ثم حصل على الدكتوراه في عام 2016 في تخصص النانوتكنولوجي، وانتقل بعدها ليعمل باحثا ما بعد الدكتوراه في جامعة أكسفورد بريطانيا في تخصص الخلايا الشمسية والضوئية.