المسرحي الساخر
من أبرز كتاب المسرح المصري في القرن العشرين، وأول من كتب للسينما المصرية، وهو فنان متعدد المواهب فهو زجال وكاتب مسرحي وممثل وملحن وشكل مع نجيب الريحاني أعظم ثنائي مسرحي في الثلاثينيات والأربعينيات فهو احد الأسباب المهمة في سطوع ظاهرة نجيب الريحاني وهو أيضا والد الفنان عادل خيري، و جد الفنانة عطية عادل خيري مخرجة الرسوم المتحركة.
ولد الكاتب المبدع بديع خيري في يوم 18 أغسطس من عام 1893م في حي المغربلين أحد أشهر الأحياء الشعبية بالقاهرة، ودخل الكتاب وحفظ القرآن الكريم، ودرس في إحدى المدارس الأميرية الموجودة في حي المغربلين، وفي عام 1905م تخرج في معهد المعلمين وعُين مدرساً للجغرافيا واللغة الانجليزية، وأثناء فترة التعليم عشق كتابة الشعر، فكتب أول قصيده له وهو في الثالثة عشرة من عمره وكانت باللغة العامية تحت اسم مستعار هو “ابن النيل” ثم اتجه إلى العمل الفني فأخذ في كتابة القصائد في صحف “الأفكار” و”المؤيد” و”الوطن” و”مصر”.
انضم بديع خيري إلى جمعية التمثيل العصري وكانت تقام في الجمعية الندوات والحلقات الدراسية حول المسرح الفرنسي، وكتب بديع أول مسرحية في حياته وهى “أما حتة ورطة” عام 1908م، وكتب بديع أول مقطوعاته في نوع الفنون المسمى “المونولوج” وهى “ليلة العيد كنت مخدر، في ميدان عابدين ماشى اتمختر” وقد اشترته منه ممثلة شابة في ذلك الوقت كان اسمها “فاطمة قدري”.
وفى عام 1912م تعرف بديع خيري على فنان الشعب سيد درويش، وبعدها وفي عام 1916م أنشأ فن الاوبريت الراقص مع نجيب الريحاني، وكان أول عمل من هذا النوع هو “الجنيه المصري” ثم أنشأ المسرح الأدبي عام 1917م وألف بديع بعض المسرحيات لفرقة عكاشة، وفى عام 1918م بدأ في الكتابة للسينما المصرية، فكان أول من كتب لها سواء في عهد السينما الصامتة أو الناطقة من خلال تأليفه للحوار والقصة والأغاني ومن أفلامه الصامتة “المندوبان” ومن أفلامه الناطقة “العزيمة” و”انتصار الشباب”.
كون بديع خيري مع سيد درويش فرقة مسرحية في نهاية عام 1922م وعرضا مسرحية من تأليف الأول بعنوان “الطاحونة الحمراء” لكن سرعان ما أحبط الهجوم عليهما المشروع فقرر خيري العودة للريحاني الذي كان قد عاد من رحلة فاشلة إلى الشام، وقدم معه أوبريت “الليالي الملاح” في مارس عام 1923م وأوبريت “الشاطر حسن”، وبعد عودة الزعيم سعد زغلول وإفراج السلطات البريطانية عنه قدم بديع خيري أوبريت “البرنسيس” وفي عام 1924م عرضت فرقة الريحاني له أوبريت “أيام العز” و”الفلوس” و”مجلس الأنس” و”لو كنت ملك”، وفي أواخر هذا العام كتب خيري مسرحيته التاريخية “محمد علي وفتح السودان” وحصل بها على الجائزة الثانية من وزارة الأشغال.
وبعد سفر الريحاني وفرقته إلى البرازيل في عام 1924م اتجه خيري إلى كتابة المسرحيات لعلي الكسار حيث كتب له مسرحية “الغول”، وفي العام نفسه أعادت منيرة المهدية تكوين فرقتها من جديد وكتب لها خيري أوبريت “الغندورة” الذي عرض في عام 1925م وقد قامت منيرة بعرضه مرة أخرى باسم “قوت القلوب” وعندما نجح الاوبريت ولاقى استحسانا من النقاد كتب لها خيري أوبريت “قمر الزمان” الذي لم يكتب له النجاح مثل سابقه، لكنه مع ذلك لم يوقف تعاون مؤلفه مع منيرة المهدية فكتب لها أوبريتي “حورية هانم” و”الحيلة”.
وعندما جاء عام 1926م قدم الكسار لبديع خيري مسرحية “الوارث”، واستمر في كتابة المسرحيات مستفيدا من تقنية خيال الظل في صنع الحبكة الدرامية لمسرحياته ورسم بعض مشاهدها مثلما حدث في مسرحية “ليلة جنان” و”علشان بوسه”، كما استفاد أيضا من فن الاراجوز الذي وظفه في مسرحياته التي كتبها للسخرية من الشخصيات الأجنبية ذات السلطة في المجتمع المصري.
وقد توفى هذا الكاتب العملاق في يوم 3 فبراير من عام 1966م تاركا وراءه تراثا مسرحيا وسينمائيا وشعريا خالدا
طايع الديب