تعديل جيني يساعد على تحسين قدرة السمع عن المعدل الطبيعي.. هكذا أظهرت دراسة جديدة أن زيادة التعبير عن بروتين مسؤول عن الحفاظ على صحة الخلايا العصبية أدى إلى معالجة أفضل من الطبيعي للمعلومات السمعية. وتفتح هذه النتائج الباب أمام علاجات جديدة لبعض أشكال فقدان السمع.
Table of Contents
تلف المشابك العصبية وفقدان السمع
كان يُعتقد في الأساس أن فقدان السمع المرتبط بالعمر ينجم عن تلف أو تدمير الخلايا الشعرية . حيث تقوم مجموعة من الخلايا الشعرية الداخلية في القوقعة التي تشبه الحلزون بتحويل اهتزازات الصوت إلى إشارات كهربائية تنتقل إلى المخ عبر العصب السمعي. ومع ذلك، تشير الأبحاث الحديثة إلى أن تلف المشابك العصبية التي تربط هذه الخلايا الشعرية بألياف العصب السمعي قد يكون الخطوة الأولى في عملية فقدان السمع.
تحسين المعالجة السمعية
توصلت دراسة جديدة أجراها باحثون في معهد كريسج لأبحاث السمع التابع لجامعة ميشيغان الطبية إلى أن تعديل التعبير عن بروتين معين لزيادة عدد المشابك العصبية أدى إلى تحسين المعالجة السمعية إلى مستويات أفضل من الطبيعي في الفئران السليمة.
تختلف المعالجة السمعية عن السمع. ففي حين أن السمع هو تحويل الموجات الصوتية إلى إشارات سمعية يتم إرسالها إلى المخ، فإن المعالجة السمعية هي ما يفعله المخ بالمعلومات السمعية التي يتلقاها من الأذنين.
كان الباحثون قد أجروا تجارب سابقة على نيوروتروفين-3 (Ntf3)، وهو بروتين يتحكم في بقاء الخلايا العصبية وتمايزها في الثدييات. وجدت دراسة أجريت عام 2014 أن الإفراط في إنتاج Ntf3 أدى إلى زيادة عدد المشابك العصبية وعزز تجددها بعد التعرض لساعتين من الضوضاء التي تصل إلى 100 ديسيبل. ثم في عام 2022 ، وجدت دراسة أن المستويات الأعلى من Ntf3 أدت إلى تحسين فقدان السمع المرتبط بالعمر لدى الفئران في منتصف العمر.
توفير نيوروتروفين 3
قال غابرييل كورفاس، مدير معهد كريسج والمؤلف المشارك في هذه الدراسة والدراستين السابقتين: “كنا نعلم أن توفير Ntf3 (نيوروتروفين 3) للأذن الداخلية لدى الفئران الصغيرة يزيد من عدد المشابك بين الخلايا الشعرية الداخلية والخلايا العصبية السمعية، لكننا لم نكن نعرف ما الذي قد يفعله وجود المزيد من المشابك بالسمع”. “نُظهر الآن أن الحيوانات التي لديها مشابك أذن داخلية إضافية لديها عتبات طبيعية – ما يصفه أخصائي السمع بالسمع الطبيعي – لكنها تستطيع معالجة المعلومات السمعية بطرق خارقة للطبيعة”.
وكما فعلوا في دراسات سابقة، قام الباحثون بتعديل تعبير Nft3 في الفئران لإنتاج مجموعتين: واحدة بها عدد أكبر من المشابك العصبية والأخرى بها عدد أقل. وخضعت كلتا المجموعتين لاختبار تثبيط الانعكاس الصوتي المسبق للفجوة (GPIAS) لقياس المعالجة الزمنية السمعية أو إدراك الصوت في وقت محدد أو مقيد. وقد ثبت أن نتائج اختبار GPIAS لدى البشر ترتبط بالمعالجة السمعية.
يتضمن الاختبار وضع فأر في غرفة بها ضوضاء في الخلفية. يتم تشغيل نغمة عالية تخيف الفأر إما بمفردها أو تسبقها فجوة صامتة قصيرة جدًا. عندما يكتشف الفأر الفجوة، تقل استجابة الفزع (يكتشف أنها قادمة بسبب الصمت). عندما قاموا بقياس المدة التي تحتاجها الفجوة الصامتة حتى يكتشفها الفئران، وجد الباحثون أن الفئران التي لديها عدد أقل من المشابك العصبية تحتاج إلى فجوة صامتة أطول بكثير. تشير النتيجة إلى أن وجود عدد أقل من المشابك العصبية يسبب عجزًا في المعالجة السمعية.
ولكن ما كان أقل توقعاً هو أن الفئران التي لديها عدد متزايد من المشابك العصبية كان أداؤها أفضل في اختبار GPIAS وفي اختبار استجابة جذع الدماغ السمعية (ABR)، الذي يقيس مدى كفاءة عمل القوقعة ومسارات السمع في الدماغ. ويشير كلا الاختبارين إلى القدرة على معالجة كمية متزايدة من المعلومات السمعية.
القدرة على المعالجة السمعية
وقال كورفاس “لقد فوجئنا عندما وجدنا أنه عندما قمنا بزيادة عدد المشابك العصبية، أصبح الدماغ قادرًا على معالجة المعلومات السمعية الإضافية. وأدى هؤلاء الأشخاص أداءً أفضل من الفئران الضابطة في الاختبار السلوكي. وهذا يشير إلى أن هذا الجزيء لديه القدرة على تحسين السمع لدى البشر في مواقف مماثلة. وتشير النتائج الجديدة إلى أن المشابك العصبية المتجددة أو زيادة أعدادها من شأنها أن تحسن معالجة السمع لديهم”.
ويقول الباحثون إن نتائجهم قد تؤدي إلى علاجات جديدة لبعض اضطرابات السمع، فضلاً عن حالات أخرى.
وقال كورفاس: “تبدأ بعض الاضطرابات العصبية التنكسية أيضًا بفقدان المشابك العصبية في المخ. وبالتالي، فإن الدروس المستفادة من الدراسات التي أجريت على الأذن الداخلية قد تساعد في اكتشاف علاجات جديدة لبعض هذه الأمراض المدمرة”.