حمدي غيث .. قلب الأسد
فنان مصري متميز، قدم جميع الاداور، واحتل مكانة بارزة خاصة في مجال المسرح، شارك في العديد من الأعمال السينمائية، والتليفزيونية، بالإضافة إلي المسرح الذي شكل احد أعمدته، اتسم أداؤه بالقوة، وساعده في ذلك عدد من الصفات التي كان يتمتع بها ومنها هيبة الصوت والمظهر.
ولد حمدي غيث بقرية كفر شلشمون بمنيا القمح في محافظة الشرقية في السابع من يناير عام 1924م، توفي والده وهو لم يتجاوز العاشرة من العمر تاركا له شقيقه الأصغر عبد الله، فتحمل حمدي مسؤولية شقيقه ومتابعته والاهتمام بشؤونه وبخاصة مع قرار والدتهما الانتقال للإقامة لدى خالها، أحد خطباء الأزهر هي وولداها بعد رحيل زوجها، وعاش حمدي في القاهرة بأخلاق الريف وارتبط بخال والدته وتعلم منه الكثير، مثل اللغة العربية التي ارتبط بها، مما شجعه على قراءة كل ما يقع تحت يده من كتب وبخاصة كتب التاريخ التي ارتبط بشخصياتها وأثرت في تعلقه بالتمثيل لتجسيد تلك الشخصيات.
تخرج حمدي غيث من معهد الفنون المسرحية في عام 1947م وكان أول دفعته، وتبنى موهبته التمثيلية الدكتور زكي مبارك ورشحه مع زميل له بالمعهد للسفر إلى فرنسا لدراسة الإخراج المسرحي، وهناك ظل طوال فترة الدراسة مستمعا فقط نظرا لعدم إجادته الفرنسية وعندما عاد للقاهرة كان زكي طليمات قد أنشأ فرقة المسرح الحديث وكان جميع أعضائها من الهواة الذين تفوقوا في موهبتهم على أعضاء المسرح القومي، وقدم غيث من خلال فرقة زكي طليمات مسرحيات تميزت بالتمرد على أسلوب يوسف وهبي المسرحي، وبواقعيتها بعيدا عن الكلاسيكية التي تميز بها مسرح وهبي.
كانت أولى مسرحياته هي مسرحية “كسبنا البريمو” من تأليف صوفي عبد الله، ثم قدم مسرحية “تحت الرماد” وهي أول مسرحية يقدمها بأسلوب تجريبي جديد، وقدم بعدها مسرحية “سقوط فرعون” وهي أول أعمال الكاتب الراحل ألفريد فرج.
وبدأت علاقة حمدي غيث بالسينما منذ منتصف الخمسينات حيث قدم أفلاما سجلت علامة في تاريخ السينما المصرية مثل “صراع في الوادي”، “صراع العشاق”، و”الناصر صلاح الدين” الذي قدم من خلاله شخصية ريتشارد قلب الأسد التي تعد رغم تعدد أدواره السينمائية أبرز أدواره في السينما، وفي عام 2000م قدم آخر أعماله السينمائية وهو فيلم “ارض الخوف” مع الفنان احمد زكي ومن إخراج داود عبد السيد
وفي التلفزيون قدم حمدي غيث نحو 60 مسلسلا على مدى تاريخه الفني كان أبرزها المسلسل الديني “لا إله إلا الله” و”الوعد الحق” و”نحن لا نزرع الشوك” والجزء الثاني من مسلسل “المال والبنون” و”بيت الزعفران” و”ملح الأرض” و”ذئاب الجبل”.
وقد شغل حمدي غيث العديد من المناصب إلى جانب عمله كممثل، من بينها منصب نائب المستشار الفني لفرق التليفزيون المسرحية والمشرف على فرقة المسرح العالمي وفرقة المسرح الحديث، كما شغل منصب مدير المسرح القومي لسنوات عديدة، وانتخب نقيبا للممثلين في ثلاث دورات متتالية وكان آخر مناصبه مستشار وزير الثقافة لشؤون البيوت الفنية.
وكانت أهم الملامح الإنسانية للفنان حمدي غيث هي علاقته بشقيقه الراحل عبد الله الذي رحل عن الدنيا عام 1993م حيث وصفها البعض بأنها أشبه بعلاقة الأب بابنه، وكانت أقسى لحظات مرت عليه هي عندما رحل عبد الله فجأة، وكان وقتها على وشك البدء في تصوير دوره في الجزء الثاني من مسلسل “المال والبنون”، حيث اضطر حمدي لإكمال دور عبد الله في المسلسل.
وفي السابع من شهر مارس من عام 2006م توفي الفنان الكبير حمدي غيث عن عمر ناهز 82 في مستشفي عين شمس التخصصي نتيجة هبوط في الدورة الدموية وارتفاع الضغط والسكر بعد صراع مع المرض استمر أكثر من شهرين.