كشفت دراسة حديثة “للمعهد القومي الأمريكي للصحة”، أن تناول الأطعمة المفيدة للقلب والشرايين والفقيرة في السعرات الحرارية، مع ممارسة التمارين الرياضية بشكل كاف، هي أفضل طريقة لإنقاص الوزن، أياً كانت نسبة البروتين أو الدهون أو السكريات، وشككت الدراسة في مختلف أنواع “الحميات” التي ظهرت في السنوات الأخيرة، ولا سيما في الولايات المتحدة التي بلغت فيها السمنة معدلات مرتفعة جدا.
وشملت الدراسة التي استمرت لمدة عامين 811 متطوعا، 38% منهم من الرجال و62% من النساء، تتراوح أعمارهم بين 30 و70 عاما ويعانون من زيادة الوزن، وأشار الباحثون إلى أن أنظمة الحمية مثل نظام “أتكينز” الغني في الدهون والفقير في السكريات، أو نظام “أورنيش” الذي لا يحدد كمية معينة من السعرات لكنه يعتمد على الأطعمة النباتية والغنية بالألياف، تستند إلى نوع محدد من الأطعمة على حساب الأخرى.
وقام الباحثون باختبار أربعة أنظمة مع نسب مختلفة من العناصر الأساسية الثلاثة للغذاء: البروتينات والدهون والسكريات، ولاحظوا بعد ستة أشهر ثم بعد عامين، انخفاضا مشابها لدى كل المشاركين الذين فقدوا 5.9 كلغم في المتوسط خلال ستة أشهر، وحافظوا على 4.08 كلغم لمدة عامين.
وأوضحت الدراسة أن محيط خصر المشاركين تناقص بمقدار 2.54 سم في ستة أشهر و7.62 سم في نهاية الدراسة، وكانت الرغبة في تناول الطعام والإحساس في الشبع أو الجوع، ودرجة الرضا عن النظام المتبع متشابهة لدى جميع المشاركين.
من جهة أخرى، أظهرت دراسة طبية أجريت في جامعة “ستانفورد” بكاليفورنيا، أن نظام “أتكينز” الغني بالبروتينات وقليل النشويات والسكريات، هو الأكثر فاعلية لتخفيف الوزن لدى النساء.
وتناولت الدراسة التي تعد الأوسع نطاقا في الولايات المتحدة، التي قارنت بين أربعة أنظمة حمية غذائية، مجموعة ضمت 311 مشاركة (70% منهن من البيض)، تتراوح أعمارهن بين 25 و50 عاما وغير مصابات بالسكري، وخسر ربع العينة (77 سيدة) اتبعن حمية اتكينز لمدة سنة، ضعفي ما خسرته اللواتي اتبعن الأنظمة الثلاثة الأخرى.
وأكد الدكتور “كريستوفر غاردنر” – من “معهد الطب في جامعة ستانفورد” في كاليفورنيا- أن هؤلاء النساء سجلن أيضا تحسنا في نسبة الكوليسترول وفي ضغط الدم مقارنة مع الأخريات، وقال إن “عددا من الأطباء، كانوا يرفضون أهمية أنظمة الحمية التي تستند إلى التقليل جدا من معدل النشويات، أو يشككون بها .. ولكن يبدو أن ذلك يشكل خيارا جيدا للأشخاص الراغبين في فقدان الوزن”.
وكان نظام حمية “أتكينز” موضع جدل كبير أدى إلى رفع بعض الدعاوى القضائية أمام المحاكم، حيث أكد بعض المدعون أن هذا النظام الغني بالبروتينات التي تؤمنها اللحوم ومشتقات الحليب، مسؤول عن أمراض القلب التي أصابتهم.
وأشارت نتائج الدراسة إلى أن مجموعة النساء اللاتي اتبعن حمية “ذي زون” خسرن ما معدله 7.1 كلغم، وهي حمية ترتكز على توازن في تناول النشويات والدهون والبروتينات، بنسبة 40 % و30 % 30% على التوالي.
أما النساء اللواتي اتبعن نظام “أورنيش” الذي يقوم على نسبة مرتفعة من النشويات وقلة الدهون، وبالتالي يرتكز على الخضروات، خسرن ما معدله 8.2 كلغم، أما النساء اللواتي اتبعن مبادئ النظام الغذائي لوزارة الزراعة الأمريكية فخسرن ما معدله 9.2 كلغم، وهذا النظام الغذائي المعروف باسم “ليرن” غني جدا بالنشويات وقليل الدهون، ويرتكز بالتالي على الفاكهة والخضروات والحبوب الكاملة.
وتكمن فاعلية النظام الغذائي ” اتكينز” في أنه غني بالبروتينات التي تؤدي إلى اكتفاء أكبر، عند تناولها مقارنة مع النشويات أو الدهون ما يؤدي إلى تناول كميات اقل من الطعام.
ويُشار إلى أن دراسة سابقة شملت 160 شخصا فقط من الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و 72 عاما، ويعانون من زيادة في الوزن ونشرت عام 2005م، قارنت بين أربعة أنظمة حمية غذائية هي: “أتكينز وذي زون واورنيش و”ويت ووتشر”، ولكن لم تظهر النتائج فارقا بين أولئك الأشخاص الذين سجلوا خسارة متواضعة في الوزن.
وتقول الدكتورة جاكلين ابرشتاين – خبيرة التغذية التي تعاونت لفترة طويلة مع الدكتور اتكينز- إن نتائج الدراسة الأمريكية الجديدة لم تكن مفاجئة حيث أنها تعزز حصيلة سنوات من العمل، وتؤكد أن الشكوك المستمرة لدى السلطات الفيدرالية والطب والصناعة الغذائية ليست في مكانها.
ويسمح نظام “أتكينز” لإنقاص الوزن بحصول البدين من دون قيود على جميع الأغذية البروتينية، بالكميات التي يرغبها منها بما تحتويه من دهون, و القليل جدا من الكربوهيدرات الموجود منها فقط في خضراوات السلاطة وما شابهها, ويبتعد عن تناول الحليب لاحتوائه على سكر اللبن (اللاكتوز) ويأكل القليل من الأجبان في طعامه.
يعتمد نظام “أتكنيز” على نظرية تقول “إن البدناء يأكلون كثيرا من النشويات والسكريات، وأجسامنا تحرق الدهون والنشويات والسكريات للحصول على الطاقة، ولكن النشويات والسكريات تستعمل أولا”.
وترى النظرية أنه عند التقليل من المواد الكربوهيدراتية وتناول كثير من البروتينات والدهون، فإن الأجسام تفقد وزنا بصورة طبيعية عن طريق حرق دهون الجسم بطريقة أفضل، ويحقق هذا النظام بالفعل نجاحا كبيرا في خفض الوزن والحفاظ عليه، ولكن هناك تشكيكا في أضراره الصحية.
ووفق نظام “أتكينز” فإن الجسم في محاولته إفراز كثير من الأنسولين، كما يحدث عندما يتم تناول كثير من السكريات والنشويات، يصبح أقل استجابة للأنسولين، وفي نهاية الأمر يتطور الموضوع إلى الإصابة بمرض السكري، وتسمي نظرية “أتكينز” هذه الحالة “بسكر الدم غير المستقر”، حيث يرتفع معدل السكر في الدم ثم ينخفض بسرعة.
وبالرغم من أن الدهون في هذا الغذاء قد ترفع “الكوليسترول”في الدم بصفة مؤقتة، إلا أن ذلك غالبا ما يكون لفترة قصيرة يعود بعدها إلى الانخفاض للمعدل الطبيعي، وهذا يحدث نتيجة لانخفاض الوزن، وهو ما تقوله النظرية.
ولكي يعمل هذا النظام بصورة جيدة يجب ألا يزيد استهلاك المواد الكربوهيدراتية عن 20 جراما في اليوم لكي تحدث العملية الكيميائية الحيوية في الجسم، وبالرغم من عدم التركيز على أهمية الرياضة، فان نظرية “أتكينز” تقول بأن بعض الناس يجب أن يزيدوا من نشاطهم البدني حتي تحدث الكيتونية ( وهي بدء احتراق الدهون) في أجسادهم، ويجب على من يتبع هذا النظام أن يتناول الفيتامينات المتعددة حيث أن التقليل من استعمال الخضروات والفواكه يقلل من تناول الفيتامينات من مصادرها الطبيعية.
وفي المقابل، يرى المتشككون في هذا النظام أنه يؤدي إلى حدوث نقص سريع بوزن الجسم بنحو 4 كغم خلال الأسبوع الأول من إتباعه، ويكون معظمه من الماء، ثم يتوقف ذلك بعد مرور بعض الوقت ويستعيد البدين ما فقده من وزنه، ويكون هذا النظام ذا محتوى مرتفع من البروتين والدهون وقليل الكربوهيدرات, لذا يؤدي استعماله فترة طويلة إلى إنتاج الأجسام “الكيتونية” داخل الخلايا نتيجة حرق البروتين والدهون ثم ظهورها في البول والدم، وحدوث حالة “الحماض الكيتوني” Ketoauidosis وهي مضرة للصحة.
ويشكك الخبراء في فاعلية هذه الحمية، حيث أن ارتفاع محتوى البروتين في الحمية الغذائية له مخاطر على صحة الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى, كما قد يسبب زيادة حدوث نوبات داء النقرس في الأشخاص المهيئين لحدوث هذا المرض نتيجة زيادته تركيز حمض “البوليك” في الدم.
كما أن هذه الحمية الغذائية توفر كمية كبيرة من مركب الكولسترول، بمعدلات خطيرة على صحة الأشخاص الذين يعانون ارتفاعا في كولسترول الدم ومرضى القلب والدورة الدموية وتصلب الشرايين.
يعد نظام “أتكينز” من أكثر الأنظمة الغذائية التي أثارت جدلا واسعا لدى خبراء التغذية، حيث يعتبره البعض نظاما حيويا ولكنه يحتاج لمزيد من الاختبار، فيما يقرر البعض الآخر أنه ينجح فعلا في خفض الوزن، كما ينجح أيضا في تحسين نسب الدهون الثلاثية والكوليسترول المفيد في الدم.
ويبدي آخرون تشككهم حول تأثيراته طويلة المدى، بل أن شكوكهم تتعدى قدرة هذا النظام الغذائي على إحداث فقد للوزن أو حتى المحافظة على الوزن دون زيادة، وتذهب إلى مناقشة ادعائه أنه يمنع الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسرطان، وهناك أيضا احتمال أن تفقد العظام بعض مكوناتها، واحتمال تعرض بعض مرضى الكبد والكلى لمشاكل مع ارتفاع كمية البروتينات في هذا الغذاء.
ووفق “اتحاد التغذية الأمريكي” فإن هناك بعض الأمور المقلقة في نظام “أتكينز”، ذلك أن الجسم يحتاج إلى حد أدنى من المواد الكربوهيدراتية للقيام بوظائفه بصورة صحية وفعالة، بكمية تصل إلى نحو 150 غراما يوميا، وأقل من ذلك يعني أن النشاط “الأيضي” الطبيعي سيضطرب.
ويقول خبراء التغذية إن المخ يحتاج إلى الجلوكوز لكي يعمل بكفاءة، وتكسير الدهون والبروتين يأخذ وقتا طويلا حتى ينتج طاقة تصل إلى المخ، بينما تتحول الكربوهيدرات خصوصا في صورة الخضروات والحبوب والفواكه بكفاءة إلى جلوكوز، وهذا الاستعمال الكفء للجلوكوز قد تطور في فترة زمنية طويلة عندما كانت الفواكه والخضروات غذاء طبيعيا للإنسان منذ قديم الزمن”.
ومن جهة أخرى، لم يتم التحقق من نظريات “أتكينز” الغذائية كلها, ولكن معظم الخبراء قلقون بشأن نسب البروتين والدهون العالية في الغذاء، والتي يمكن أن تسبب العديد من المشاكل وخصوصا بين الأشخاص المعرضين للإصابة بمرض القلب، والأكثر خطورة أن هذا النظام لا يسمح بتناول كمية كبيرة من الفواكه أو الخضروات والتي ينصح بها خبراء التغذية لفوائدها المؤكدة، وأولها احتوائها على مضادات الأكسدة المفيدة للقلب والأوعية الدموية وباقي أنسجة الجسم.
ومن ضمن الدراسات التي شككت في نظام “أنكنيز”، أجرت جامعة “كولولاردو” الأمريكية اختبارات أثبتت فيها أنه إذا تناولت الفئران حمية غذائية تحتوي على 25% من البروتينات، فسوف تؤثر سلبيا على البويضة ونمو الأجنة، وأعلن فريق البحث في مؤتمر عن الخصوبة الذي عقد في برلين، أن هذا يعني أن النساء اللائي يتناولن ما يزيد على 30 % من البروتين عرضة لمشاكل في الحمل.
وقام الباحثون بتغذية مجموعتين من أنثى الفئران الأولى بحمية تحتوي على كمية بروتين نسبتها 25%، بينما اتبعت المجموعة الأخرى حمية غذائية تحتوى على نحو 14 % من البروتين، وكشفت الاختبارات أن المجموعة التي تناولت كمية مرتفعة من البروتين قد أنتجت كمية من “الآمونيوم” تزيد على أربع مرات من القيمة الطبيعية في القنوات التناسلية، ووفق الدراسات السابقة فإن كمية مرتفعة من “الآمونيوم” يمكنها إتلاف بويضات الفئران وتشويه عمليات النمو، بسبب تأثيرها عن الجين الوراثي H19)) الذي يتحكم في النمو.
وأكد فريق البحث، في اجتماع “الجمعية الأوربية للتناسل البشري وعلم البويضات” أن هذه النتائج، بالإضافة إلى نتائج مشابهة لاختبارات أجريت على الأبقار، تعني أن على النساء اللائي يرغبن في الحمل الحذر وخفض كمية البروتين التي يحصلن عليها بنسبة لا تتجاوز 20 % من الحمية.
وفي المقابل رفضت المتحدثة الرسمية لحمية “أتكينز” نتائج هذه الدراسة، وأكدت أنها لاحظت حالات ساعدت فيها الحمية على رفع نسبة احتمالات حمل النساء، وأن الحمية لم تضع حدودا لكمية البروتين التي يمكنهن تناولها.
وقالت المتحدثة : “إن موضوع الدراسة كان عن الفئران بينما لا نعرف ما إذا كانت هذه النتائج يمكن تطبيقها على الإنسان”، وأشارت إلى أن الدراسات أثبتت أن تقليل مستوى المواد النشوية، حسب نصيحة حمية “أتكينز” يمكن أن يساعد النساء البدينات على التغلب على أعراض تليف المبيض والحمل.
صلاح عبد الصبور