رسام، ونحات، ومهندس، وشاعر إيطالي، كان لإنجازاته الفنية الأثر الأكبر على محور الفنون ضمن عصره وخلال المراحل الفنية الأوروبية اللاحقة، اتخذ من جسد الإنسان موضوعا أساسيا بالفن، وكان يؤمن أن الفن مصدره أحاسيس داخلية متأثرة بالبيئة التي يعيش فيها الفنان، ويعد واحدا من المع رجال عصر النهضة الأوروبية وواحدا من أعظم الفنانين في جميع العصور.
وُلد مايكل أنجلو بوناروتي في يوم 6 مارس من عام 1475م في قرية كابريز في فلورنسا بإيطاليا، وتتلمذ وهو في الثانية عشرة من عمره على يد “دومينيكو جيدلانتاجو”، أشهر رسامي فلورنسا آنذاك، إلا أنه لم يستطع التوافق مع هذا المعلم وكثيرا ما كان يصطدم معه ما جعله ينهي عمله لديه بعد أقل من عام، كما تدرّب أنجلو على النحت بإشراف أحد تلاميذ النحات الشهير “دوناتللو”.
كان مايكل أنجلو يبحث دائما عن التحدي سواء كان تحدي جسدي أو عقلي، وأغلب المواضيع التي كان يعمل بها كانت تستلزم جهدًا بالغاً سواء كانت عبارة عن لوحات جصية أو لوحات فنية، وكان يختار الوضعيات الأصعب للرسم إضافة لذلك كان دائما ما يخلق عدة معاني من لوحته من خلال دمج الطبقات المختلفة في صورة واحدة، وأغلب معانيه كان يستقيها من الأساطير، الدين، ومواضيع أخرى.
كانت لدى مايكل أنجلو قدرة مذهلة على قهر العقبات التي وضعها لنفسه في صنع تحفه إلا أنه كثيرا ما كان يترك أعماله دون إنجاز وكأنه يُهزم بطموحهِ نفسه، وأنجز اثنان من أعظم أعماله النحتية وهما تمثال داوود، وتمثال بيتتا، العذراء وكان دون سن الثلاثين من عمره، وكانت أعماله الأخيرة من وحي واستلهام الديانة المسيحية مثل صلب السيد المسيح.
وخلال مسيرة عمله تعرف مايكل على مجموعة من الأشخاص المثقفين الذين يتمتعون بنفوذ اجتماعي كبير، وكانوا هم رعاته الذين سعى مايكل دائما لان يكون مقبولاً لديهم لأنه كان يعلم بأنهم الوحيدون القادرون على جعل أعماله حقيقة.
وكان أنجلو يعتبر الفن عملا يجب أن يتضمن جهدا كبيراً وعملاً مضنياً فكانت معظم أعماله تتطلب جهداً عضلياً وعدداً كبيراً من العمال وقليلاً ما كان يفضل الرسم العادي الذي يمكن أداءه بلباس نظيف، وتعتبر هذه الرؤية من إحدى تناقضاته التي جعلته يتطور في نفسه من حرفي إلى فنان عبقري قام بخلقه بنفسه.
وقام مايكل أنجلو في فترة من حياته بمحاولة تدمير كافة اللوحات التي قام برسمها ولم يبق من لوحاته إلا عدة لوحات ومنها لوحة باسم دراسة لجذع الذكر التي أكملها أنجلو عام 1550م والتي بيعت في صالة مزادات كريستي بنحو أربعة ملايين دولار، وكانت هذه اللوحة واحدة من عدة رسومات قليلة للأعمال الأخيرة لمايكل أنجلو الذي والتي تبدو أنها تمت بصلة إلى شخصية المسيح.
وكرس مايكل أنجلو الكثير من وقته للعمارة والشعر، وفي عام 1546م عينه البابا بولس الثالث معمارياً مشرفاً على “كنيسة القديس بطرس”، فعمل فيها دون أجر، لكنه لم يكمل المشروع وأكمله معماري آخر، وبعد عام 1538م صمم مايكل أنجلو تخطيطاً لميدان المركز المدني لروما والمبنى المواجه له، وكانت آخر أعماله التي أنجزها بعد أن بلغ الخامسة والسبعين من عمره، لوحات جصية في كنيسة القديس بول في الفاتيكان، كما كتب أنجلو العديد من القصائد الشعرية.
وبالرغم من اعتبار رسم اللوحات من الاهتمامات الثانوية عند أنجلو إلا أنه تمكن من رسم لوحات جدارية عملاقة أثرت بصورة كبيرة على منحى الفن التشكيلي الأوروبي مثل تصوير قصة سفر التكوين في العهد القديم على سقف كنيسة سيستاين، ولوحة يوم القيامة على منبر كنيسة سيستايت في روما.
ومايكل أنجلو كان الفنان الوحيد الذي تم كتابة سيرته على يد مؤرخين بينما كان على قيد الحياة حيث قام المؤرخ جورجو فازاري بكتابة سيرته وهو على قيد الحياة، ووصف فازاري أنجلو بذروة فناني عصر النهضة، حيث أثر على من عاصروه ومن لحقوه بتأثيرات عميقة فأصبح أسلوبه بحد ذاته مدرسة وحركة فنية تعتمد على تضخيم أساليب مايكل ومبادئه بشكل مبالغ به حتى أواخر عصر النهضة فكانت هذه المدرسة تستقي مبادئها من رسومات مايكل ذات الوضعيات المعقدة والمرونة الأنيقة، وقد توفي هذا الفنان العظيم في عام 1564م.