مخرج سينمائي مصري ذو شهرة عالمية، معروف بأعماله المثيرة للجدل، تحمل أفلامه دائما عناقيد مثمرة ولآلئ خفية وبقع ضياء يحار المرء فيها، واستطاع شاهين يشكل اكبر مدرسة سينمائية في مصر وكانت مدرسة تعليمية حقيقية أثرت في عدد كبير من المخرجين الذين عملوا معه في أفلامه واستفادوا منه كل بطريقته.
ولد يوسف جبريل شاهين في مدينة الإسكندرية في يوم 25 يناير من عام 1926م لأسرة مصرية من الطبقة الوسطى، كانت أمه يونانية وأبوه من أصول كاثوليكية لبنانية، بدأ شاهين دراسته في مدرسة “سان مارك” ثم انتقل إلى الكلية الإنجليزية حتى حصل على الشهادة الثانوية، وبعد عام قضاه في جامعة الإسكندرية، انتقل إلى الولايات المتحدة والتي أمضى فيها عامين في دار “باسادينا” المسرحي لدراسة صناعة الأفلام والفنون الدرامية، وبعد رجوعه إلى مصر، ساعده المصور السينمائي ألڤيز أورفانيللي بالدخول في العمل السينمائي.
وكان أول فيلم أخرجه شاهين هو “بابا أمين” عام 1950م وبعد عام واحد شارك فيلمه “ابن النيل” في مهرجان أفلام كان، وفي عام 1952م اخرج فيلمي “المهرج الكبير” و”سيدة القطار” وفي العام التالي اخرج فيلم “نساء بلا رجال” وفي عام 1954م قام بإخراج فيلمي “صراع في الوادي” و”شيطان الصحراء” ثم فيلم “صراع في الميناء” عام 1956م.
ومن أشهر أفلامه “جميلة بوحريد” الذي أخرجه عام 1958م ويتناول قصة كفاح المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد، وفيلم “باب الحديد” الذي أخرجه في نفس العام وشارك في بطولته مع الفنان فريد شوقي والفنانة هند رستم وفي عام 1963 اخرج فيلمه الرائع “الناصر صلاح الدين”، وفي عام 1969م فيلمه “الأرض” الذي قام ببطولته الفنان الكبير محمود المليجي.
واخرج يوسف شاهين أيضا مجموعة رائعة من الأفلام منها “وداعا بونابرت” و”اليوم السادس” و”حدوتة مصرية” و”المصير” و”الآخر” و”سكوت هنصور” وفيلم “المهاجر” الذي أثار جدلا واسعا خاصة من قبل الأصوليين بسبب تناول شاهين لقصة سيدنا يوسف عليه السلام وكان آخر أفلام يوسف شاهين فيلم “هي فوضى”.
في عام 1970م حصل شاهين على الجائزة الذهبية من مهرجان قرطاچ وحصل على جائزة الدب الفضي في برلين عن فيلمه “إسكندرية… ليه؟” عام 1978م، وهو الفيلم الأول من أربعة أفلام تروي سيرته الذاتية، والأفلام الثلاثة الأخرى هي “حدوتة مصرية” و”إسكندرية كمان وكمان” و”إسكندرية-نيويورك” وحصل على جائزة اليوبيل الذهبي من مهرجان كان في عيده الخمسين عن فيلمه “المصير” عام 1997م.
ومنذ بداية مشواره مع السينما، استخدم شاهين الموسيقى و الغناء كعنصرين أساسيين في أفلامه منذ فيلمه الأول “بابا أمين” و حتى آخر أفلامه “هي فوضى” ففي تلك الأفلام تعامل مع عدد كبير من المؤلفين والملحنين والمطربين وكان يشارك في اختيار الأغاني والموسيقى التي تخدم فكره، وتعاون شاهين مع فريد الأطرش وشادية وقدمهما في صورة مختلفة في فيلم “انت حبيبي” عام 1957م، وقدم مع فيروز و الأخوين رحبانى فيلم “بياع الخواتم” عام 1965م وأختار المطربة ماجدة الرومي لبطولة فيلم “عودة الابن الضال” عام 1976م والمطربة لطيفة في “سكوت هنصور” عام 2001.
ويمثل المطرب محمد منير حالة خاصة، لأنه أكثر المطربين مشاركة بصوته وأدائه في أفلام يوسف شاهين فقدم معه “حدوتة مصرية” عام ١٩٨٢م أتبعها بفيلم “اليوم السادس” بعدها بأربعة أعوام، ثم فيلم “المصير” عام ١٩٩٧م.
وفي مساء يوم 15 يونيو عام 2008م، أُصيب يوسف شاهين بنزيف متكرر بالمخ، دخل على أثره مستشفى الشروق بالقاهرة وتم نقله علي متن طائرة إسعافات ألمانية خاصة إلي باريس، حيث تم إدخاله إلي المستشفي الأمريكي بالعاصمة الفرنسية، و لكن صعوبة وضعه حتمت عليه الرجوع إلى مصر.
وتوفي يوسف شاهين عن 82 عاما في فجر يوم الأحد 27 يوليو عام 2008م بمستشفى المعادى للقوات المسلحة بالقاهرة، بعد دخوله في غيبوبة لأكثر من ستة أسابيع وأقيم له قداس في كاتدرائية القيامة ببطريركية الروم الكاثوليك بمنطقة العباسية بالقاهرة، ودفن جثمانه في مقابر الروم الكاثوليك بالشاطبي في مدينته الإسكندرية التي عشقها وخلدها في عدد من أفلامه وقد نعاه قصرا الرئاسة في مصر وفرنسا حيث وصفه الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي بالمدافع عن الحريات.