شخصيات رياضيةمبدعون

أحمد برادة .. أيقونة الإسكواش المصري وبداية المجد العالمي

يُعد أحمد برادة واحدًا من أبرز رموز رياضة الإسكواش في مصر والعالم، وأحد اللاعبين الذين ساهموا في وضع الأساس لمكانة مصر الريادية الحالية في هذه اللعبة. فقد استطاع خلال فترة التسعينيات أن يصبح اسمه لامعًا في سماء الرياضة العالمية، وأن يكون مصدر إلهام لجيل كامل من اللاعبين الذين ساروا على خطاه حتى تسيّدت مصر الساحة الدولية.


البدايات والنشأة

وُلد أحمد برادة في القاهرة عام 1977، وبدأ ممارسة رياضة الإسكواش في سن مبكرة. أظهر موهبة استثنائية منذ خطواته الأولى داخل الملعب، حيث لفت أنظار المدربين بقدرته على اللعب بثقة، وسرعة رد فعله، ودقته في تسديد الضربات. انضم إلى نادي الصيد المصري، وهناك صُقلت مهاراته وبدأت رحلته نحو العالمية.

منذ سنواته الأولى، كان واضحًا أن براده يملك مزيجًا فريدًا من القوة البدنية والذكاء التكتيكي، وهي عناصر ساعدته على مواجهة كبار اللاعبين رغم صغر سنه.


الانطلاقة نحو العالمية

مع منتصف التسعينيات، بدأ اسم أحمد برادة يتردد بقوة في البطولات الدولية. شارك في العديد من المنافسات وحقق نتائج مميزة جعلت الاتحاد الدولي للإسكواش يضعه ضمن قائمة اللاعبين الواعدين. وبالفعل، لم يخذل التوقعات، إذ سرعان ما أصبح ضمن العشرة الأوائل في التصنيف العالمي.

عام 1997 كان نقطة تحول كبيرة في مسيرته، حيث وصل إلى نهائي بطولة العالم، وهو إنجاز لم يحققه لاعب مصري منذ عقود طويلة. وعلى الرغم من خسارته النهائي أمام الأسطورة الباكستاني جانشير خان، فإن مجرد وصوله إلى هذا الدور جعله حديث الإعلام الرياضي، وأعاد مصر إلى واجهة اللعبة.


إنجازات بارزة

خلال مسيرته الرياضية، حقق أحمد برادة العديد من الإنجازات التي لا تزال محفورة في ذاكرة عشاق الإسكواش، ومنها:

  • الوصول إلى نهائي بطولة العالم عام 1997.

  • الفوز ببطولة هونغ كونغ المفتوحة عام 1998.

  • احتلال المركز الثاني عالميًا في تصنيف لاعبي الإسكواش، وهو أعلى تصنيف يصل إليه لاعب مصري آنذاك.

  • التغلب على عدد من الأساطير مثل بيتر نيكول، ديفيد بالمر، وجانشير خان في مواجهات تاريخية.


بصمة خاصة في تاريخ اللعبة

أحمد برادة لم يكن مجرد لاعب يحقق الانتصارات، بل كان أيقونة أعادت الأمل للمصريين بأن الإسكواش يمكن أن يكون مجالًا للتفوق العالمي. بفضل إنجازاته، زادت شهرة اللعبة في مصر، وبدأت الأندية تهتم بتطوير البنية التحتية وتخريج أجيال جديدة من اللاعبين.

يمكن القول إن برادة كان الجسر الذي عبرت من خلاله مصر من مرحلة المشاركة الشرفية إلى مرحلة السيطرة على بطولات العالم. وبعد اعتزاله، استمر تأثيره حاضرًا من خلال اللاعبين المصريين الذين حطموا الأرقام القياسية، مثل عمرو شبانة، رامي عاشور، محمد الشوربجي، ونور الشربيني.


الاعتزال وبداية مرحلة جديدة

قرر أحمد براده اعتزال اللعب الدولي في مطلع الألفية الجديدة وهو في أوج عطائه، وهو قرار فاجأ الكثيرين. غير أن براده لم يبتعد عن الرياضة، فقد اختار أن يساهم بطرق أخرى في خدمة المجتمع والرياضة المصرية.

انخرط في مجال العمل العام، حيث شغل منصب نائب في البرلمان المصري، وأبدى اهتمامًا كبيرًا بالقضايا الشبابية والرياضية. هذا الانتقال من الملعب إلى السياسة جسّد روح المسؤولية لديه ورغبته في خدمة بلده من منابر مختلفة.


إرث خالد

اليوم، وبعد مرور أكثر من عقدين على إنجازاته الكبرى، ما زال اسم أحمد براده يُذكر بكل فخر عند الحديث عن تاريخ الإسكواش المصري. فهو من وضع الأساس لحقبة ذهبية، وكان مصدر الإلهام الذي دفع عشرات اللاعبين لملاحقة أحلامهم وتحقيق المجد.

إرث براده يتجاوز البطولات والكؤوس، إذ يتمثل في الروح التي بثها في قلوب الشباب: أن الحلم ممكن، وأن مصر قادرة على أن تكون في القمة. وبالفعل، أصبحت مصر لاحقًا المهيمن الأكبر على رياضة الإسكواش، وهو ما يثبت أن الطريق الذي فتحه براده كان البداية لرحلة عظيمة.


تكريم وتقدير مستحق

لم تمر مسيرة أحمد براده دون أن تحظى بالتكريم والتقدير، فقد اعتُبر سفيرًا غير رسمي لمصر في الرياضة، وكرّمته العديد من المؤسسات الرياضية داخل مصر وخارجها. كما أن جماهير الإسكواش ما زالت تتذكر أسلوب لعبه المميز، الذي جمع بين القوة والمهارة والسرعة. وقد أصبح اسمه مرادفًا للريادة، حيث يُدرّس في كتب الرياضة كنموذج للاعب استطاع أن يغيّر خريطة اللعبة عالميًا، ويمهد الطريق لهيمنة مصرية استثنائية على مدار العقود التالية.

خاتمة

يبقى أحمد براده رمزًا للعزيمة والإصرار، وأحد أعظم من حملوا راية الإسكواش المصري عالميًا. قصته تؤكد أن الموهبة وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى العمل الجاد والدعم المجتمعي والإيمان بالنفس. وبفضل ما حققه، سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الرياضة المصرية والعالمية كأيقونة صنعت الفارق، وفتحت أبواب المجد للأجيال التالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى