تهدد أمراض الجهاز التنفسي المزمنة صحة الملايين من الناس في العالم، وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ما يقارب من 235 مليون شخص يعانون من الربو في العالم، مع تسجيل 3 ملايين وفاة تسجل سنوياً بسبب مرض الانسداد الرئوي المزمن.
ومن الضروري تشخيص هذه الحالات في الوقت المناسب لمساعدة المصابين بأمراض الجهاز التنفسي المزمنة على عيش حياة طبيعية. فعلى الرغم من أن هذه الأمراض غير قابلة للشفاء، فإن تحديد الأدوية والعلاجات المناسبة يضمن تمتع المصابين بحياة نشطة.
يتميز الموسم الحالي الثالث عشر من برنامج نجوم العلوم بوجود اختراعين واعدين في مجال الطب الرقمي. واستحق خبير الحاسوب اللبناني أسامة قنواتي مكانه في هذا الموسم من البرنامج عبر تقديمه قميصًا طبيًا للمعاينة عن بُعد.
يعمل هذا القميص على مراقبة رئتي المريض من خلال الجمع بين عدة سماعات رقمية وتكنولوجيا لاسلكية لتحديد أمراض الجهاز التنفسي المزمنة في مراحلها المبكرة بما يسهل العلاج الوقائي لهذه الحالات. ويتم نقل البيانات والتحليل إلى الطبيب، مع تنبيه المستخدم من خلال هاتفه النقال في حال اكتشاف أي خلل.
التزم أسامة بنصيحة والدته طوال حياته: “لا يهم إذا كنت تحمل شهادة الدكتوراه. الشهادات التي نعلقها على الحائط ليست مهمة، أهم شيء هو ما نملكه من المهارات”.
هكذا وبعد حصوله على شهادة الماجستير في علوم الكومبيوتر من جامعة تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية، اتبع أسامة نصيحة والدته وقرر حينئذٍ عدم متابعة الدكتوراه كما كان متوقعاً من قبل العديد من أقرانه المنحدرين من وطنه الأم لبنان.
بعد سنوات قليلة على تخرجه، أسس المخترع الواعد شركته الناشئة في مجال هندسة الطب الحيوي وعمل على تطوير تقنية حديثة تهدف إلى تسجيل مستويات الجلوكوز في الدم.
لم تنجح التقنية، إلا أن أسامة كان قد عشق التجربة وتعلم منها العديد من الدروس. تعلم أسامة الطرق الأمثل للتعامل مع العلامات التجارية وكيفية اجتذاب العملاء وماهية اتباعالأنظمة والقوانين الحكومية.
وفضلًا عن شخصيته الريادية وعقليته العلمية، فإن المبتكر اللبناني يعتني بصحته كثيرًا ويحافظ على لياقة بدنيه عالية إذ يتبع نظاماً غذائيا نباتياَ صارماً، ويراقب الإشارات الحيوية ليحافظ على حالة صحية مثالية.
الأمر الذي ساعده في مشروعه لبرنامج نجوم العلوم، والذي أتت فكرته من الرغبة بمساعدة المدخنين من حوله على مراقبة وتتبع حالة الرئة.
عن المشروع
يساعد القميص الطبي للمعاينة عن بعد المرضى في مراقبة حالة الرئة من خلال أجهزة السمع الدقيقة والتقنيات اللاسلكية الموجودة في هذا القميص المصمم خصيصاً للمريض. سيتمكن الجهاز من قراءة البيانات الصوتية المسجلة عبر السماعات الرقمية بشكل آني وتحليلها مما يوفر تقييماً دقيقاً لحالة الرئتين. يتم إرسال هذه البيانات إلى الطبيب المختص المسؤول عن متابعة حالة المريض مع إشعار إلى هاتف المستخدم في حال ملاحظة أي تطورات غير اعتيادية.
أثر المشروع
تواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم العربي مخاطر متزايدة تتعلق بحالة الرئتين وأمراض الجهاز التنفسي وذلك نظراً للعديد من العوامل التي تتضمن طبيعة المناخ المحلي للمناطق الصحراوية وتعرض السكان لمستويات كبيرة من الغبار الناعم الذي قد يحتوي على جزيئيات ضارة قد تتراكم في الرئتين، كمادة سيليكات الكريستالين المكونة طبيعياً على سبيل المثال.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال التدخين شائعاً جداً في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ففي الإصدار الثالث للتقرير العالمي الصادر عن منظمة الصحة العالمية حول اتجاهات تعاطي التبغ للأعوام 2000-2025، قدرت المنظمة أن 30 بالمائة من الذكور فوق سن 15 كانوا قد استخدموا التبغ في عام 2015. وقد كانت هذه النسبة أعلى في السنوات الماضية إذ بلغت نسبة استخدام التبغ 55.6 بالمائة في عام 2000.
وبالتالي فإن مخاطر الإصابة بأمراض الرئتين مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة تعتبر عالية في مجتمعات المنطقة العربية. وسوف يساعد اختراع أسامة في المساعدة على مراقبة وضع الرئتين لدى المرضى بشكل دائم، ويمكّنهم أيضاً من إجراء فحص مباشر وشامل للرئتين ومن ثم متابعة العلاج قبل تعرض الرئتين لأضرار كبيرة، مما يساعدهم على التمتع بحياة صحية وسليمة.
يُعد برنامج نجوم العلوم، مبادرة مؤسسة قطر التعليمية الترفيهية، التي تستكمل خطط قطر لتعزيز الأبحاث في مجال الطب والصحة الرقمية منذ إطلاقه في عام 2009، حيث قدّم العديد من خريجي البرنامج اختراعات طبية مبتكرة، تحوّل بعضها إلى مشاريع عالمية ناجحة اليوم.