بلغ خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت أعلى مستوياته في عدة سنوات خلال الربع الأول من عام 2022، ولكن تفشي فيروس كورونا في الصين يمكن أن يحد من انتعاش الطلب العالمي، كما أن السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي التشديدية وفرص التوصل إلى صفقة في أوكرانيا يمكن أن تعرقل مكاسب النفط.
لقد ساهمت العديد من العوامل في القفزات الواسعة التي سجلتها أسعار النفط في الثلاثة أشهر الأولي من العام، حيث أدى رفع عمليات الإغلاق والقيود المرتبطة بفيروس كوفيد 19 في الاقتصادات الكبرى إلى زيادة الطلب على النفط الخام التي فاقت العرض بسرعة،ومع الهجوم العسكري الروسي لأوكرانيا في فبراير والذي تبعه موجة من العقوبات الغربية على روسيا وقيام الولايات المتحدة الولايات المتحدة وبريطانيا بحظر صادرات النفط الروسية، شهدت أسعار النفط ارتفاعات قياسية.
ومع ذلك، فإن الارتباك المحيط بالعقوبات سريعة التطور وإخراج البنوك الروسية من نظام الاتصالات السلكية واللاسلكية SWIFT قد ترك مشتري النفط والشاحنين الأجانب مترددين في التقاط البضائع من الموانئ الروسية، وعلى الرغم من عدم استهداف صناعة النفط الخام الروسية رسميًا من قبل معظم الدول الغربية إلا أن الصناعة التي تزود السوق العالمية بنحو 10 ملايين برميل يوميًا باتت في حالة من الفوضى، وقد استجابت أسعار النفط لهذه التوترات الجيوسياسية حيث قفز خام برنت إلى أعلى مستوى له منذ عام 2008.
وحتى إذا ارتفع الطلب العالمي فمن المرجح أن تشهد أسعار النفط وضع تصحيحي على المدى القصير، قد يأتي هذا الوضع قريبًا إذا تفاوضت أوكرانيا وروسيا على إنهاء نزاعهما الحالي، يمكن أن تشهد المفاوضات رفع بعض الدول الغربية للعقوبات وإن كان جزئيًا، ومن ثم استئناف شراء منتجات الطاقة الروسية، بالإضافة إلى عامل العرض ستؤدي نهاية الحرب أيضًا إلى إزالة المخاطر الجيوسياسية على أسعار النفط.
من المرجح أن تنكمش الواردات بعد انخفاض الطلب في أكبر مستهلك للنفط في آسيا وسط نوبة تفشي فيروس كورونا في الصين، مما يخفف الضغط على قدرة العرض المحدودة،وقد ينخفض الطلب الإجمالي في سوق الطاقة أيضًا، يقال إن الصين تستوعب بعض الطاقة الاحتياطية الجديدة لروسيا لكن معظم نفطها لا يزال يأتي من دول أخرى غير روسيا.
تم إلغاء معرض بكين للسيارات الذي كان من المقرر عقده في أواخر أبريل بسبب موجة جديدة من تفشي كوفيد 19، يمكن إلغاء الأحداث الكبيرة الأخرى حتى تتم السيطرة على تفشي الفيروس، مما يفتح الباب أمام تصحيح أسعار النفط.
لا تزال التقلبات المحيطة بسوق النفط عنيفة لكن النتيجة النهائية قد تكون استمرار الأسعار عند مستوياتها المرتفعة،إن الأداء النهائي لأسعار النفط هو بلا شك نتيجة الجمود الذي شكلته العديد من العوامل المؤثرة، بعد الضجيج الجغرافي في مارس تراجعت الإثارة بشأن أسعار النفط بشكل كبير في أبريل حيث سجل خام برنت وغرب تكساس ارتفاع بأقل من 1% على مدار شهر أبريل، لكن عقوبات الطاقة التي فرضتها أوروبا على روسيا لا تزال بمثابة عامل رئيسي داعم لارتفاع الأسعار، لكن وجود العديد من العوامل الهبوطية للأسعار تستمر في تهدئة سوق النفط.
أسعار الطاقة سترتفع أكثر من 50% هذا العام
قال البنك الدولي في تقريره الأخير عن توقعات سوق السلع أن الوضع في أوكرانيا تسبب في صدمة كبيرة لأسواق السلع الأساسية، وأن التغييرات الناتجة في أنماط التجارة والإنتاج والاستهلاك العالمية ستبقي الأسعار العالمية عند مستويات تاريخيةحتى نهاية عام 2024.
وأشار البنك الدولي إلى إنه من المتوقع أن ترتفع أسعار الطاقة بأكثر من 50% على مدار عام 2022، ومن المحتمل أن ترتفع الأسعار غير المرتبطة بالطاقة بما في ذلك الزراعة والمعادن بنحو 20% في عام 2022.
في غضون ذلك، يتوقع البنك الدولي أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 100 دولار للبرميل هذا العام وهو أعلى مستوى منذ 2013، ومرتفعًا بأكثر من 40 % عن عام 2021 حيث تعطل الصراعات الجيوسياسية التجارة والإنتاج.
وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعات الطلب على النفط لعام 2022
خفضت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها لإمدادات الخام الروسية بسبب العقوبات، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تهبط إمدادات النفط الروسية بنحو 1.5 مليون برميل يوميا في أبريل أي نحو نصف توقعاتها السابقة، وقالت الوكالة إن خسائر الإمدادات قد تتضاعف إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا في مايو، كما خفضت توقعاتها للطلب العالمي على النفط هذا العام.
في التقرير الشهري لوكالة الطاقة الدولية تتوقعأن تكون الأسواق العالميةمتوازنة لمعظم العام، فهي تتوقع ضعف الطلب العالمي واحتمالية اطلاق الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية العنان لكميات كبيرة من احتياطيات النفط الطارئة.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية:عادت أسعار النفط إلى مستويات قريبة من مستويات ما قبل روسيا وأوكرانيا، لكنها لا تزال عند مستويات عالية مقلقة، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للتوقعات الاقتصادية العالمية.
خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط هذا العام بمقدار 260 ألف برميل يوميًا، حيث من المتوقع أن يبلغ متوسط الطلب العالمي على النفط 99.4 مليون برميل يوميًا في عام 2022، بزيادة 1.9 مليون برميل يوميًا عن العام السابق.
على وجه التحديد، خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للطلب للربع الأول بمقدار 400 ألف برميل إلى 98.5 مليون برميل يوميًا، وخفضت توقعاتها للطلب للربع الثاني بمقدار 400 ألف برميل إلى 98.3 مليون برميل يوميًا، والربع الثالث بمقدار 100000 برميل يوميًا إلى 100.1 مليون برميل يوميًا، والربع الرابع بمقدار 100000 برميل إلى 105 مليون برميل يوميًا.
استجابة للضغط المتزايد على أسعار النفط في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية، أعلن أعضاء وكالة الطاقة الدولية في بداية شهر أبريل أنهم سوف يسحبون ما مجموعه 240 مليون برميل من احتياطيات النفط الطارئةوهو أكبر إطلاق في تاريخ الوكالة.
وأشارت إلى أن أعضاء أوبك بلس يقاومون زيادات أسرع في الإنتاج لأنهم لا يعتقدون أن السوق سيواجه نقصًا حقيقيًا، ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية قدم أعضاء أوبك بلس 10% فقط من الزيادة المخطط لها في مارس، حيث أضافت نحو 40 ألف برميل يوميا في مارس أي أقل بمقدار 360 ألف برميل يوميا من هدفها المخطط،وقالت أن دول أوبك بلس أصرت على عدم وجود نقص في الإمدادات بينما أصدرت الولايات المتحدة ووكالة الطاقة الدولية مخزونات للمساعدة في منع حدوث نقص حاد في النفط.
فيما يتعلق بالمخزونات، يظهر التقرير الشهري لوكالة الطاقة الدولية أن مخزونات النفط العالمية قد انخفضت لمدة 14 شهر متتالية،وتراجعت مخزونات النفط العالمية بمقدار 714 مليون برميل في فبراير من مستوياتها في أواخر عام 2020.
على الرغم من إطلاق الدول الأوروبية والأمريكية لاحتياطيات النفط، استمرت الحرب الروسية الأوكرانية في تعطيل إمدادات النفط الخام الروسي، حتى إذا كان من المتوقع أن يوقع الجانبان اتفاقية هدنة فلن يتم رفع العقوبات التي فرضتها أوروبا والولايات المتحدة ودول أخرى في نفس الوقت، وسيظل نقص الإمدادات قائمًا، ويقدر السوق أن صادرات روسيا ستنخفض بمقدار 3 ملايين برميل يوميا، إذا استمرت الحرب هذا العام فسيكون هناك نقص بأكثر من 800 مليون برميل، وبالتالي فإن هذا الإجراء يمثل قطرة في بحر.