عندما أطلقت شركة “أبل” عام 2010 منتجها الشهير آي باد “iPad” تشكك الكثيرون من رجال الأعمال وكذلك الصحافة في قيمة المنتج، وقالوا من سيرغب في اقتناء هذا الجهاز، بينما يوفر الكمبيوتر المحمول (Laptop) وظائف أكبر، لكنه فقط بحجم أكبر قليلا.
نجح آي باد كثيرًا جدًا، لأن الناس أحبوه وأقبلوا على شرائه بسرعة، فهو ممتع وسريع وصغير الحجم، وأتاح لهم القيام بكل ما كانوا يقومون به بواسطة آي بود (iPod)، لكن مع وجود شاشة كبيرة ولوحة مفاتيح (keyboard) أسهل كثيرا في الاستخدام.
في مقابلة مع مجلة فورشين (Fortune) قال “ستيف جوبز” مؤسس شركة أبل أنه لم يقم أبدا بعمل بحوث تسويقية لمعرفة رغبات واحتياجات العملاء، فليست وظيفة المستهلك أن يعرف ماذا يريد، وقال أن “ألكسندر جراهام بل” مثلا لم يقم يأية بحوث تسويقية قبل اختراعه للتليفون.
وأضاف جوبز أن هذا ليس معناه أننا لا نستمع إلى العملاء، ولكنه قد يكون من الصعب على العملاء أن يخبروك بما يريدونه ويطلبونه، في الوقت الذي لا يعلمون شيئا عن وجود مثل هذه المنتج.
أدرك ستيف جوبز – لأنه مبتكر وعبقري أيضا – حاجة العميل التي لا يشعر بها العميل نفسه، وهي الحاجة إلى وجود جهاز يتيح التواصل والحصول على المعلومات بوسيلة سهلة وممتعة ومسلية وجذابة.
يقول “بيتر دراكر” أستاذ الإدارة الأشهر أنه من المهم أن نعرف ماذا يريد العميل، ولكن هذا ليس معناه الاقتصار على مجرد سؤال العميل عن احتياجاته ورغباته، فمن الضروري جدا إيجاد وسائل مبتكرة لمعرفة هذه الاحتياجات والرغبات، حتى قبل أن يشعر العميل بها.
ويقول “رانجاي جولاتي” أستاذ إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، أن الخطوة الأولى والأساسية لفهم السوق التنافسي الجديد في القرن الحادي والعشرين والتواجد فيه، هي أن نقوم بقفزة إبداعية لفهم ومعرفة رغبات العميل، قبل أن يعرفها المنافسون، وحتى قبل أن يشعر بها العميل نفسه، ويقول “فيليب كوتلر” أستاذ التسويق الشهير: “في العصر التنافسي الحالي، يجب أن تجري لمجرد أن تبقى في مكانك”.
يعرف خبراء التسويق أنه يمكن خلق احتياج لمنتج ليس موجودًا بالفعل، أي أن المسوق يمكن أن يعرف ويفهم تماما أن منتجه المميز يمكن أن يحقق نجاحا إذا ما حلق احتياجا له، حتى لو كان العميل المحتمل لا يعرف عنه شيئا ولا حتى يعتقد أنه بحاجة إليه.كما أقول دائما: التسويق علم وفن و common sense، أي حدس وفِراسة وقدرة على الفهم والإدراك والفعل دون الاستغراق كثيرا في التفاصيل الصغيرة، وهو ما يسمونه “يفهمها وهي طايرة”، أو بالبلدي “الحداقة”.