كشف بحث طبي حديث أجري في “معهد دراسات السرطان” التابع لجامعة أكسفورد البريطانية أن السمنة قد ترفع من احتمالات الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء، وذكر البحث الذي أجراه الدكتور تيم كالفن أستاذ الأورام بالجامعة، أن السمنة ترفع مستوى الهرمونات الأنثوية في الدمن مما يزيد احتمال إصابة المرأة البدينة بسرطان الثدي بمعدل الخمس تقريبا.
” البدينات ” أكثر عرضة لسرطان الثدي!
ومن الخطأ الشائع النظر إلى السرطان كمرض واحد، فالسرطان عبارة عن مجموعة متشابكة من الأمراض في خلايا الجسم ، وفي الوضع الطبيعي فإن الخلايا تنمو وتنقسم لتشكيل خلايا جديدة عندما يحتاج الجسم لذلك، وهذه العملية المستمرة تساعد على بقاء الجسم في صحة جيدة، ولكن عندما يتم الانقسام في الوقت الذي لا يحتاج الجسم لذلك، فإن الخلايا الإضافية تصبح كتلة من الأنسجة تشكل ورما.
والأورام تكون إما حميدة أو خبيثة، والأورام الحميدة لا تعد سرطانا ويمكن إزالتها، كما أنها لا تنتشر في أجزاء الجسم الأخرى، ويتمثل مرض السرطان في الأورام الخبيثة في الخلايا، وهذه الأورام شاذة وتنقسم بدون سيطرة أو نظام، وباستطاعتها أن تخترق الأنسجة والأعضاء المجاورة لها وتتلفها، وتصل إلى حد الانفصال عن الورم الرئيسي ودخول الدورة الدموية.
وسرطان الثدي نمو غير طبيعي وعشوائي لأنسجة الثدي كلها، وهو من أخطر السرطانات التى تصيب السيدات بصفة عامة، كما يسجل أعلى معدل للوفيات سنويا، وتعد نسبة النجاة من هذا السرطان ضئيلة جدا (حوالى 1%) في حالة التأخر في العلاج.
وتأتي الإصابة بمرض سرطان الثدي مع تقدم المراة في السن وتؤكد النسب العالمية أن 80% من حالات الاصابة في سيدات فوق سن الخمسين، ويزيد تناول الكحوليات من احتمالية الإصابة، وتلعب الوراثة دورا مهما فى الإصابة بسرطان الثدى، وتتشارك معها الهرمونات التي تفرز الطبقة الداخلية للغدة الكظرية دورا فى الاصابة، فأذا حدثت زيادة مفرطة فى هرمون “الاستروجين” فإنه يؤدى إلى ارتفاع احتمالات الإصابة، ويتسبب الإجهاض المتكرر في احتمالية الإصابة بالمرض، وفي حالات التعرض للعلاج الإشعاعي فإن فرص الإصابة بسرطان الثدي تكون أكثر، كما يزيد الحمل في السن المتأخرة فرص الإصابة، كما تتعرض السيدات اللاتي لم يحملن وكذلك اللاتي يتعرضن للعلاج الهرموني أو يتناولن حبوب منع الحمل لفترة طويلة.
ويصيب المرض السيدات اللاتي سبق وعولجن منه، ويقترن بالغذاء الغني بالمواد الدهنية، ويزيد طول الدورة الشهرية أي ابتداءها في سن صغيرة وانتهاءها في سن كبيرة من احتمال الإصابة، وذلك على عكس انقطاع دورة الشهرية مبكراً سواء طبيعياً أو إثر عملية فهو يقلل من احتمال الإصابة، ويتسبب تناول هرمون “الاستروجين” سواء كحبوب منع الحمل أو كعلاج تعويضي بعد سن اليأس في الإصابة بسرطان الثدي.
ويبدأ المرض بالانتشار في حدود 2 سم دون إصابة الخلايا الليمفاوية أو العصبية، ويصل إلى 2:5 سم مع إصابة الخلايا الليمفاوية ويتطور إلى إصابة العقد الفرعية (الغدد الثديية) مع تجاوز حجم الورم الـ5 سم، ثم يصل المرض إلى الغشاء المبطن للصدر والجلد، ومع انتشاره إلى ذروته تبدأ اصابة الاعصاب ذاتها ويبدأ الورم فى الانتشار خارج منطقة الثدى، ومن اشهر المناطق التى تحدث فيها الاصابة هى منطقة العظام.
ولسرطان الثدي عدة أنواع منها بطيء ومنها سريع النمو الذي لا يمكن التنبؤ به و70% منها تعد حميدة، والسرطان الغدي (الفصي) أكثر الأنواع شهرة وينتشر في المناطق القريبة، كما يشكل سرطان الثدي القنوي 80% من حالات سرطان الثدي، وقد تنشأ أنواع أخرى من خلايا الجلد أو الخلايا الدهنية أو الأنسجة الرابطة أو غيرها من الخلايا الموجودة في الثدي.
ولا تظهر أعراض الإصابة بالمرض إلا في المراحل المتأخرة فقط، وتظهر كتلة غير مؤلمة تحت الإبط، أو التهابات فى جلد الثدى، مع تغير فى لون حلمة الثدى وضعف الإحساس بها، وتضعف فرص النجاة من المرض في مراحله المتأخرة، لهذا ينصح الأطباء بالكشف الدوري.
ولا يسبب المرض في أول ظهوره أي ألم أو مشاكل، ولكن مع تقدم الحالة يمكن يحدث الآتي تجمعات بالمنطقة المحيطة بالثدي وتحت الجلد، وتكون في العادة غير مؤلمة، ويتغير شكل وحجم الثدي والحلمة مع إفرازات من الحلمة وألم في الثدي ويصل الأمر إلى دخول الحلمة إلي داخل الثدي، ومع مرور الوقت يتحول جلد الثدي إلى ما يشبه قشرة البرتقال، بالاضافة إلى تورم وسخونة في جلد الثدي والتحول إلى الون الأحمر، وتضخم في الغدد الليمفاوية وخاصة تحت الإبط.
ويتم الكشف عن المرض في مراحله الأولى كي يتم العلاج المبكر، وذلك عن طريق عمل أشعة علي الثدي بطريقة منتظمة، ومن مزايا الأشعة علي الثدي أنه قد يتم اكتشاف سرطان الثدي قبل الشعور به، ويمكن عن طريق هذه الأشعة رؤية ترسبات الكالسيوم في بداية سرطان الثدي، ويستطيع الطبيب معرفة كون الورم صلبا أو سائلا بعمل أشعة الموجات صوتية، وفي حالة كون الورم سائلا يكون ورما حميدا، وفي حالة كون السائل المسحوب من الثدي شفافا فهذا لا يعني شيئا خطيرا ولا يحتاج سوى المتابعة مع الطبيب، وفي حالة الورم الصلب فسنكون أمام ورم سرطاني.
يعتمد العلاج علي حجم ومكان الورم في الثدي ونتائج الأبحاث المعملية ودرجة الورم وكذلك سن المصابة وصحتها العامة وهل الغدد الليمفاوية تحت الإبط أصبحت محسوسة أم لا، وكذلك علي حجم الثدي ودرجة انتشار الورم، ويتم استخدام أسلوب العلاج بالجراحة كحل فعال في المراحل الاولى فقط.
ويستخدم العلاج الكيماوي بعدها للتأكد من عدم وجود الورم، كما يتم علاج السرطان باستخدام العلاج الإشعاعي، بالإضافة إلى الأدوية التى تدمر الخلايا السرطانية فى الجسم كله عن طريق السريان فى دورة الدم النظامية، وهناك “العلاج المستهدف” حيث يقوم هذا النوع بتدمير البروتينات الاساسية التى يكونها الورم، ويعطى فقط للاشخاص الذين يعانون من زيادة فى بروتين HER2.
ومؤخرا توصل الدكتور ألكس سواربريك (معهد الابحاث الطبية بسيدني)، إلى طريقة جديدة تشل نشاط جين “Id1” المسئول عن انتشار السرطان في الجسم، ويتمثل في علاج المرضي بدل الأدوية الكيميائية التي غالباً ما تترك آثاراً جانبية علي المريض، وعندما يتم شل الجين يعطي الفرصة لجهاز المناعة كي يشن هجومه عليه يقضي علي ما تبقي منه، وتظهر نتائج الدراسة أنه بالامكان جعل هذه الأورام “تشيخ وتهرم” وهو ما يساعد علي انكماشها والقضاء عليها في النهاية.
سعد قنديل