في اكتشاف جديد من اكتشافات الطب البديل، أظهرت دراسة بريطانية حديثة أن إضافة “الفلفل الأسود” إلى “الكركم” يحمل فوائد كثيرة ومهمة لجسم الإنسان، مثل تخفيض الكوليسترول وتقليل الاحتمالات للإصابة بالسرطان ومرض “ألزهايمر”.
وأظهرت الدراسة أن “الفلفل الأسود” يساعد على امتصاص المواد الغذائية وتحسين الهضم، ويقلّل من الغازات، ويساعد على توازن ضغط الدم والتغلب على الالتهابات، إلا أن الخبراء يحذرون من الإسراف في استهلاكه، حيث تؤدي الكميات الكبيرة منه إلى أعراض جانبية خطيرة مثل النزيف في الجهاز الهضمي.
ويحتوي “الفلفل الأسود” على العديد المواد الغذائية مثل المنجنيز، والحديد، وفيتامين(K)، والألياف الغذائية، كما يحتوي على مركبات تعزز امتصاص المواد الغذائية من الأطعمة بشكل ملحوظ، حيث يزيد من نسبة امتصاص المواد الغذائية من الأمعاء، ويبطيء من مرور الطعام في الجهاز الهضمي، مما يزيد من نسبة امتصاص المواد الغذائية.
وكشفت الأبحاث أن “الفلفل الأسود” يحتوي على ستة مركبات تساعد على توازن ضغط الدم، كما يحتوي أيضا على أربعة مركبات مقاومة لمرض هشاشة العظام، وتشير الأبحاث إلى أن استنشاق زيت “الفلفل الأسود” يساعد على تقليل الأعراض المرتبطة بالإقلاع عن التدخين.
ويساهم استنشاق زيوت “الفلفل الأسود” أيضا في تحسن وظيفة البلع والإقلال من أعراض اضطراباته لدى المرضى الذين أصيبوا بسكتة دماغية، كما تحتوي قشرة حبوبه على مركبات تساعد في تحلل الخلايا الدهنية في الجسم.
“الفلفل الأسود” هو نبات متسلق معمر يصل ارتفاعه إلى 5 أمتار، له أوراق بيضاوية كبيرة وسنابل، أو عناقيد من الأزهار البيضاء الصغيرة، وعناقيد من الثمار المدورة الصغيرة التي يتغير لونها بتغير نموها؛ حيث تتغير من الأخضر إلى الأحمر عند النضج وتسّود إذا تُركت بدون قطف، وهو نبات دائم الخضرة ويعرف علمياً باسم (Pipeh nigium) وهو من الفصيلة الفلفلية (pipehacead).
ويُعرف “الفلفل الأسود” باسم “الفلفل العطر”، والجزء المستعمل من النبات هو الثمار والزيت العطري، ويزرع في جنوب غربي الهند والملاوي وأندونيسيا، ويزرع حالياً في المناطق الحارة والمعتدلة في أي مكان من العالم، وتجنى الثمار عندما يصل عمر النبات ثلاث سنوات على الأقل، حيث تجنى ثمار الفلفل قبل نضجها بقليل، وتقطف الثمار التي احمر لونها وهي ناضجة وتجفف، وإذا أُريد الحصول على الفلفل الأبيض، فتقشر القشرة الخارجية للفلفل الأحمر الناضج حيث تنقع في الماء لمدة ثمانية أيام قبل تجفيفها.
وتحتوي ثمار “الفلفل الأسود” على زيت عطري طيار من أهم مكوناته “الكافيين” و”البيتا البيزابولين” و”بيتا الكاريوفللين: وكثيرا من “التربينات الثلاثية” و”تربينات أحادية نصفية” ومن أهمها “سابنين” و”ليمونين”، كما يحتوي على “بيتا” و”الفابانيين” و”دلتا كارين”، وتحتوي الثمار على “فلويدات” ومن أهم مركباتها “الببرين” و”ببرلين” و “ببرولين” و “أ ، ب كمبارين” بالإضافة إلى 45% متعددات “السكاكر” وزيوت دهنية.
ووفق الطب الحديث فإن مذاق “الفلفل الأسود” العطري المألوف له تأثيره المنبه والمطهر للجهاز الهضمي والجهاز الدوري، ويشيع عادة تناول الفلفل بمفرده أو ممزوجاً مع أعشاب أخرى لتدفئة الجسم، وتحسين وظيفة الهضم في حالات الغثيان أو آلام المعدة أو انتفاخ البطن أو الإمساك أو فقدان الشهية,
ويستخدم الزيت العطري المستخرج من الثمار ضد آلام الروماتيزم وآلام الأسنان، وهو مطهر قوي ومضاد للجراثيم ويخفف الحمى، وإذا اُستعمل مع العسل والبصل فإنه يزيل الثعلبة، وتشير أبحاث الطب البديل إلى أن “الفلفل الأسود” يزيد من قوة الذاكرة، ويحرك الرغبة الجنسية، وبالأخص عندما يُشرب مع حليب الأغنام.
عُرف “الفلفل الأسود” كسلعة تجارية منذ آلاف السنين، وله قصة مشهورة معروفة في التاريخ الأوروبي، حيث كان من أغلى السلع التي كان يحملها التجار القادمون من بلاد الشرق إلى غرب أوروبا، فلم يكن يستطيع شراؤه سوى ذوو الثراء الكبير، وقيل إن الرطل منه كان يُعد هدية ذات قيمة كبيرة تهدى إلى الملوك، وقيل إن الفلفل كان يباع بوزنه ذهباً، وكان بعض الحكام في زمن النهضة الأوروبية قد ارتأى جعل “الفلفل الأسود” مثل النقود التي يجري التعامل بها.
وعرف قدماء المصريين الفلفل وفوائده وخواصه ويسمى بالفرعونية “بب”، ومازالت توجد نماذج من شجيرات “الفلفل الأسود” في جزيرة الملك بأسوان، ثم استخدمه الإغريق ومن بعدهم استعمله العرب في الغذاء والدواء.
وقال داود الانطاكي: “الفلفل حار يابس يجلو الصوت ويقطع البلغم، ويحلل السعال والربو وضيق النفس والرياح الغليظة والمغص، سعوطاً خصوصاً بالنطرون. وإن طُبخ في أي دهن يذهب الرعشة والفالج ويقع في الأكحال ليجلو الظلمة والبياض”، ومن المعروف أن الفلفل يستخدم منذ أزمنة طويلة كأحد البهارات الرئيسية في المطبخ.
ويوجد نوع من الفلفل يسمى “الفلفل الطويل” وقد عرفه الرومان أكثر من معرفتهم للفلفل الأسود، وكان ذا أهمية في العصور الوسطى، وكانت ثماره الدقيقة المتحدة في مخاريط اسطوانية سنبلية الشكل، تُجمع قبل النضج وتُجفف في الشمس أو بالنار، وهو يحتوي على نفس المركبات الكيميائية في “الفلفل الأسود”، ولكنه أكثر عطرية منه.
يستخلص “الفلفل الأبيض” من نبات الفلفل، وهو ليس إلا “الفلفل الأسود” لكنه مقشور، ويحضّر الفلفل الأبيض من الثمرة اللبية القريبة من النضج من “الفلفل الأسود” بحيث تُخمر الثمار أو تُنقع في الماء، فُينتزع بذلك لب الثمرة الخارجي ويصبح لونه أصفر إلى أبيض شاحب اللون والسطح الخارجي أملس، ورغم قلة حرارته عن “الفلفل الأسود” إلا أنه يُفضّل عليه في التجارة العالمية، ويعرف علميا باسم(piper nigrum).
وأثبتت الدراسات أن تناول ملئ ملعقة صغيرة من الفلفل الأبيض مع الطعام، يفتح الشهية وينشط المعدة والهضم ويزيل الرشوحات والنزلات الصدرية، ولهذا الغرض يمكن أخذ ملء ملعقة صغيرة من الفلفل، وتُغلى مع ملء كوب ماء لمدة دقيقة واحدة، وتُحلى بالسكر أو العسل ويشرب ساخنا.
ويساعد الفلفل الأبيض على طرد غازات المعدة ويسكن المغص ويزيد الإفرازات المعدية، كما أنه يخفض درجة الحرارة والحمى، ويستخدم الفلفل الأبيض خارجيا لحالات الروماتيزم، حيث يسحق ثم يضاف إلى “الفازلين” على هيئة مرهم وتدهن به الأجزاء المصابة.
ويعتبر الطب الصيني التقليدي أن الفلفل وصفة مميزة كأفضل مهدئ وأفضل مادة ضد القئ، ويستخدمونه لعلاج الإسهال والقئ الناتج من التعرض للبرد والناتج من تسمم الأغذية والكوليرا والدوسنتاريا، كما يستخدمون الزيت الطيار المستخلص من الفلفل ضد آلام الروماتيزم والأسنان، ولكن هذا الاستعمال خارجيا فقط، ولا يُستخدم الزيت داخليا على الإطلاق.
ويحذر الأطباء من تعدي الجرعات الموصى عليها من الفلفل الأبيض، لأن ذلك قد يسبب تهيجا في المعدة، والاستمرار في استخدامه فترة طويلة يضعف المعدة ويهيج الأعصاب ويصيبها بأمراض مزعجة، ويجب عدم استعمال الفلفل من قبل الأشخاص الذين يعانون من التهابات داخلية واحتقان الأوعية الدموية، وفي التهابات الكلى والمثانة والمبيض والمعدة والبواسير.
صلاح عبد الصبور