التنبؤ بالزلازل.. حلم علماء الجيولوجيا أصبح واقعا
يجري فريق من العلماء تجارب مخبرية مستعينين بمجموعة جديدة من الأدوات بهدف تطوير برنامج كمبيوتر يستعرض بيانات جديدة ويتمكن من رصد الإشارات الزلزالية النموذجية للهزات المبدئية، التي تبشر بوقوع زلزال ضخم مقبل.
لا ينفك العلماء عن ابتكار طرق جديدة لرصد الزلازل حرصا على معرفة مواعيد حدوثها للحد من مخلفاتها الكارثية على البشرية، ويبدو أن ما كان مجرّد تصورات لكبار صناع السينما في هوليوود والذين حاولوا كثيرا التحدث عن الزلازل وكيفية التحكم بها أو كيفية التنبؤ بها في أفلامهم، بدأ بفضل التطور التكنولوجي المستمر يظهر على أرض الواقع.
وبدأت تظهر في مختبر لوس ألاموس الوطني الذي يعد من أوائل معامل الأبحاث في العالم أدلة حول ما الذي يطلق الزلازل، والأهم من ذلك متى تحدث، من خلال أدوات جديدة تتمثل في النظر في المعلومات الزلزالية والتجارب المعملية المبتكرة.
كما أن استعمال العلماء لتكنولوجيا التصوير المتطورة لاستكشاف الطبيعة الجيولوجية تحت سطح الأرض حيث تقع الزلازل، مكنهم اليوم من تحديد التصدّعات الموجودة في القشرة الأرضية، وتمييزها، ووصفها، وشرح العديد من الضغوط التي تسبب عدم قدرة هذه التصدعات على تحمل الضغط الشديد. ويرتب علماء الجيوفيزياء وعلماء الكمبيوتر في مختبر لوس ألاموس الأميركي المختص في تطبيقات العلوم والتكنولوجيا، عرضا لمجموعة جديدة من الأدوات، لدراسة التفاعلات والتداخلات بين الزلازل، والزلازل المبدئية أو الأولية والتصدعات. وتشمل هذه الأدوات تجارب تجرَى في أحواض كبيرة الحجم في المختبرات المجهزة التي تحاكي الزلازل.
وأمام صعوبة مراقبة التفاعلات على مستوى جيولوجي تحت الأرض، فقد طور فريق لوس ألاموس البحثي، مع متعاونين تجارب معملية متقدمة لمعرفة اللحظة التي يمكن أن تنهار فيها التصدعات وتبدأ الزلازل القوية.
وباستخدام “آلة الزلزال”، التي بناها كريس مارون في ولاية بنسلفانيا، يقوم الفريق البحثي بالتحقيق في الدور الذي تلعبه المواد التي يرجح أن تكون وراء حدوث الزلازل، وزيادة حجمها. ويتمثل عمل هذه الآلة في خلق ظروف مماثلة للتصدعات ثم تعريضها إلى الموجات الصوتية بديلا من الموجات الزلزالية.
ووجد الباحثون أن الموجات الصوتية التي جرى إطلاقها في التجارب، محاكاةً للموجات الزلزالية، وقد لعبت دورا رئيسيا في التسبب في حدوث الزلازل في المختبر، مما يمكن أن يتيح فرصة التنبؤ بوقوع الزلازل الكبيرة، ليس قبل وقوعها بدقائق فحسب، ولكن قبل وقوعها بأيام وشهور مستقبلا.
ويرجّح العلماء أن الهزات الصغيرة للغاية يمكن أن تحمل إنذارا يساعد على تحديد ميعاد الزلازل، ولاختبار هذه الفرضية، يقوم العلماء بطرح كمبيوتر قوي لمحاولة قياس وتمييز هذه الهزات البسيطة.
وباستخدام تقنية تسمى “ماشين ليرنينغ”، يقوم العلماء في لوس ألاموس بتدريب برنامج كمبيوتر للتدقيق والاستفادة من هذه البيانات المحدودة، في محاولة لتعليمه رصد الهزات البسيطة التي تسبق الزلازل.