توصل فريق من العلماء الأمريكيين بجامعة “هارفرد” إلى أن الأطفال الذين يولدون لأمهات كانوا يستخدمون “الجوال” أثناء فترة حملهم معرضون لمشاكل سلوكية، خاصة إذا استعملوا هم أيضا الجوال بعد ذلك، وهذا ما أشارت إليه نتائج دراسة أجريت على عينة مكونة من 13 ألف طفل بينهم أطفال مازالوا في أرحام أمهاتهم، وعندما أصبح عمر الأطفال 7 سنوات، طلب من الأمهات ملء استمارة عن استخدامهم للجوال أثناء فترة الحمل وأيضا استخدام أطفالهم للجوال، بعد ذلك تم إصدار بيان عن صحة وسلوك أطفالهن.
وجد الباحثون أن 80% من الأطفال الذين تعرضوا للأشعة المنبعثة من الجوال قبل الولادة أو بعدها كان لديهم مشاكل عاطفية ونفسية، ومشاكل في السلوك مع الزملاء، ووجد أن الذين تعرضوا للجوال وهم أجنة كانت مشاكلهم أكثر من الذين تعرضوا له بعد الولادة، وكانت أكثر بكثير عند الذين تعرضوا له قبل وبعد الولادة.
وتسببت هذه الدراسة في انزعاج كثير من الآباء والأمهات، كما كانت أيضا مثار انزعاج الخبراء في حقل علم الاجتماع الذين صرحوا بأن الأم التى تستعمل الجوال أثناء فترة الحمل لا تستحق أن تكون أما، خاصة أنه لوحظ أن الأطفال الذين يتعرضون له وهم فى أرحام أمهاتهم هم الذين لديهم زيادة كبيرة فى المشاكل السلوكية ما يوحي أن هناك شيئا أخطر يمكن أن يحدث لهم مستقبلا.
ولفتت الدراسة انتباه الوكالات الحكومية فى الولايات المتحدة التى أبلغت “المجلس الوطني للبحوث” بضرورة القيام بدراسة على الأطفال والنساء الحوامل لتحديد ما إذا كان الجوال أو غيره من الأجهزة اللاسلكية يمكن أن يتسبب في أضرار صحيه.
وبحثت الدراسات التي أجراها “المجلس” عن تأثير الهاتف الجوال على المدى القصير وعلى بالغين أصحاء، وأشار المجلس إلى أنه غير معروف قطعيا ما إذا كان الأطفال أكثر عرضة لأخطار الأشعة التى يصدرها الجوال وقرروا أنه قد يكون أكثر خطورة عليهم؛ لأن أنظمة الأعضاء والأنسجة لديهم فى حالة نمو عكس البالغين.
تبين بعد دراسات جادة أن الأشعة الكهرومغناطيسية التى تصدر من الجوال فريدة من نوعها وأنها تشكل بالفعل خطرا على الجنين النامي، وأظهرت الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن المجالات الكهرومغناطيسية في نطاق هذه الترددات يمكن أن تؤثر على انزيمات الكبد، والغدد، والعضلات، وهورمون التوازن، والقلب ونخاع العظام، وليس هذا فقط بل يمكن أن تؤدي فعلا إلى تغيير بنية الحامض النووي للمرأة الحامل وطفلها.
وقال خبير أمراض الجهاز العصبي الدكتور “ديتريش كلينجاردت” إنه قد لاحظ أن هذه الاشعاعات يمكن بسهولة أن تؤثر على جينات معينة فى المرأة الحامل، وإذا تغيرت هذه الجينات فى الحامل فبالتبعية تنتقل هذه الأضرار إلى الجنين، ويولد الطفل ولديه “فوضى” في نمو الغدد الصماء والتي يمكن أن تتسبب فى ضمور فى العضلات بجانب مشاكل فى النمو؛ لأن الطفل ما يزال في طور النمو كما أن جمجمته أرق بكثير من البالغين، فعلى سبيل المثال إذا كانت الأم تتحدث فى الجوال وهى حاملة لطفلها فإن الإشعاع يمكن أن يصل للطفل بسهولة ويخترق جمجمته، وبالطبع إذا سمح للطفل بأن يتحدث فيه فسوف ينتقل الإشعاع إليه مباشرة، ويتفاوت اختراق الإشعاع للجمجمة بنسب كبيرة بين الأعمار المختلفة ولهذا فمن الضروري إبعاد الرضع، والأطفال والمرأة الحامل عن الجوال، حتى يصل الطفل إلى العاشرة من عمره على الأقل.
الهاتف الجوال أصبح من الأشياء التي يصعب الاستغناء عنها في أي مجتمع، لذلك فلا توجد نية لدى معظم الناس للاستغناء عنه، ولكن ذلك لا يمنع من توخي الحذر من أضراره بجدية ولابد أن يحتاط الناس لحماية صحتهم وصحة الأجيال المقبلة، ومن أهم النصائح التي قدمها المتخصصون في هذا الصدد:
• لا تستخدمي الجوال إذا كنت حاملا، ولا تسمحي لأطفالك باستخدامه.
• قلل قدر الإمكان من الوقت الذى تتحدث فيه.
• استخدم سماعة سلكيه عادية لكى تحد من التعرض للإشعاع الصادر من المحمول، لأن السماعة سوف تنقل الصوت ولكنها تمنع أى إشعاع من الوصول إلى المخ، وتأكد من أن سلك السماعة مغلف ومحمى لكي لا يعمل كهوائي وجاذب لهذه الإشعاعات مباشرة إلى المخ، وتجنب تماما سماعات البلوتوث اللاسلكية.
• إذا كان لديك في مكتبك أو منزلك هاتف عادى فحاول استخدامه مادام في متناول يدك وهكذا تقلل من استخدام الجوال.
• استخدم “الإسبيكر” بدلا من وضع التليفون على أذنك، هذه هي واحدة من أهم الخطوات التي يمكنك اتخاذها عند استخدامك لهاتفك.
• استخدم الجوال فقط عندما يكون الاستقبال جيدا لأنه عندما يكون ضعيفاً فإن هاتفك يبذل جهدا كبيرا ينتج عنه صدور إشعاعات أكثر.
• أغلق الجوال عند عدم استخدامه فطالما هو مفتوح فان الإشعاعات تستمر في الانبعاث منه بشكل متقطع حتى ولو لم تكن تستخدمه.
• أبق على الجوال عيدا عن جسمك عندما يكون مفتوحا، فأخطر مكان يمكن فيه التعرض للإشعاع عندما تكون المسافة بينك وبينه تقل عن 6 بوصات، فلا تعرض أي جزء من جسمك داخل هذا المجال.
وهذه النصائح مهمة للمحافظة على صحتك وعلى صحة الأجيال المقبلة، خاصة بعد الأبحاث العديدة التى أجريت وأظهرت أن استخدام الجوال لمدة 10 أعوم أو أكثر سيضاعف من مخاطر حدوث ورم فى العصب الذي يربط الأذن بالمخ، وهذا نتاج 11 دراسة قام بها علماء من مراكز بحوث مختلفة.
من جانبه، يحذر العالم السويدى ” كيجل ميلد” من استخدام الأطفال للهاتف الجوال، وقال “ميلد” : إن الأطفال لديهم جمجمة أرق كثيرا من البالغين كما أن جهازهم العصبي لا يزال في طور النمو لذلك فهم معرضون بوجه خاص للأورام، وأضاف أن الأمر قد يكون أخطر مما وصلت إليه الدراسة التى أجراها لأن مرض السرطان يحتاج على الأقل الى حد أدنى 10 أعوام حتى يتمكن من الجسم.
وطلب “ميلد” من الباحثين أن يقوموا بالمزيد من الدراسات على تأثيرات الجوال لأنه يعتقد أن له صلة أيضا بكل من مرض الزهايمر ومرض باركنسون ” الشلل الرعاش”، كما أوصى بإعادة النظر في مستوى الانبعاثات الإشعاعية التى تنبعث من المحمول وقال أن المعايير الدولية الحالية “ليست آمنة” فهذه المعايير ترمي الى منع الحرارة الضارة بالأنسجة الحية التي تسببها هذه الإشعاعات في الجسم ولا تأخذ في الاعتبار احتمالات الإصابة بالسرطان.
ويلاحظ في وقتنا الراهن أن هناك المزيد من الناس في جميع أنحاء العالم يقللون من استخدام الخطوط الأرضية ويتهافتون على استخدام الجوال ، وهنا يزيد التعرض للأخطار، فوفقا لمسح جديد قامت به المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، تبين أن أسرة من كل ستة أسر أمريكية ألغت تماما استخدامها للخطوط الأرضية، كما وجد أن نحو 32 مليون أمريكي بالغ بجانب 10 مليون طفل لا يستخدمون في اتصالاتهم إلا الجوال والأعداد تتزايد باستمرار وبالتالي فإن الخطر في تزايد مستمر يوما بعد يوم.
ترجمة: فوزي رضوان