توصل المبتكر التونسي رضا ملاّك إلى ابتكار طريقة تكنولوجية حديثة لنقش وحفر جميع الأشكال المعدنية مهما كانت مركّبة أطلق عليها “طريقة الحفر التصويري الكيميائي بما فوق الحز Micro-engraving by photo ultra-incision” وحصل على براءة اختراع من إدارة المواصفات والملكية الصناعية بتونس.
ونجح ملاّك في أن ينهي احتكار الأجانب وتفردهم بهذا الاختصاص النادر لصعوبته القصوى، واستغل اختراعه بنفسه لتشخيص وزخرفة كافة أنواع وأشكال قوالب تحويل المنتجات البلاستيكية والبلورية وضغط المعادن بالمكابس، وذلك بالحفر المباشر دون استعمال آلات ميكانيكية كآلات الحفر التي تستخدم التحكم الرقمي؛ لأنه لا يمكنها إنجاز العمليات التي تتطلب اللجوء إلى الحفر الكيميائي كالزخارف على هيئة مظهر جلد التمساح مثلا أو الزخارف والنقوش الموجودة على الزجاجات الخاصة بتعبئة المشروبات وعلى لوحات القيادة وكراسي السيارات والتي تبدو بدورها وكأنها جلد طبيعي بينما هي منتجة بقالب حقن مزخرف بالكيمياء على منظر وملمس الجلد الحقيقي.
وتخصص رضا ملاك في تنفيذ العمليات الصعبة جدا التي لا يمكن إتمامها إلا بالكيمياء، كما اكتسب المخترع التونسي خبرة ومقدرة على استخدام اختراعه الجديد في معامل البلاستيك.
يقول ملاك: “كل الأعمال التي أتممتها باستخدام طريقة الحفر الجديدة التي قمت باختراعها مثلت حلولا لمشكلات عويصة تستوجب كل منها استنباط حيل وحلول تقنية جديدة لإنهائها بنجاح تام وبنوعية أرفع من المستورد”.
وكان ذلك سببا في يحقق رضا ملاك شهرة واسعة في تونس، وكان محط الأنظار، حتى أن عملائه يقصدونه من كل المدن لإنهاء مشاكلهم التقنية، لذلك لم يكن غريبا أن يحصل المخترع على تكريم رئاسي من السيد الرئيس زين العابدين بن علي ورسالة شكر وامتنان وتثمين تحمل إمضاء سيادته مع شهادة تكريم وميدالية اعتراف من الدولة مع شهادة تقدير من المدرسة الوطنية للمهندسين إضافة لعدد من رسائل التنويه والدعم من ولاية صفاقس وغيرها من الشهادات التي حصل عليها في مناسبات مختلفة.
وكان الامتنان الذي لاقاه رضا ملاك عن اختراعه الجديد سببا في زيادة شجاعته وشحذ عزيمته على بذل المزيد من الجهد لتطوير اختراعه أكثر فأكثر، وكان بالفعل حتى وصل إلى درجة من التفوق وإيجاد الحلول لما يعتبره المختصون الأجانب في الحفر غير ممكن إنجازه كيميائيا، وتميّز تقنيا على نحو يفوق التصور.
وعلى حسب المخترع فإن العاملين في مجال الحفر على المعادن ستجدهم يضعون شروطا لتشخيص وزخرفة القوالب لديهم، كضرورة معرفة صنف المعدن المصنوع منه القالب المرجو زخرفته سواء أكان فولاذا أو ألمونيوم بذكر صنفه ومرجعه الكيميائي حتى يتسنى لهم قبوله، وكذلك يشترطون نزع كامل طبقة الكروم من القوالب المطلية به لدى اختصاصي آخر، كما أنهم لا يقبلون حفر القوالب “المقسّاة” بالمعالجة الحرارية أو التي بها أماكن ملحومة بالكهرباء.
ويؤكد المخترع أن تلك المشكلات التي تواجه العاملين في مجال الحفر لا تمنعه من إبداء الإعجاب الشديد بهم في زخرفة القوالب الضخمة الخاصة بلوحات قيادة الشاحنات وغيرها فلكل طريقة خاصياتها ونقاط قوتها، ويشير إلى أن اختراعه ليس له تفوق مطلق على الطرق التقليدية للحفر على المعادن، رغم أنه لا يتطلب شروطا كالتي أشرنا إليها سابقا، فمنذ أكثر من عشر سنوات ورضا ملاك يشخص ويزخرف باستخدامه بكل يسر، وينطبق ذلك على كل القوالب مهما كانت صفاتها.
لذلك اكتسب المخترع التونسي ثقة كبيرة في اختراعه الذي أتم به ما لا يحصى ولا يعد من القوالب –على حد قوله- في حين لم يرفض أي قالب ما عدا مرة أو مرتين لسبب وجود نسبة شك في النجاح لا تتعدى اثنين أو ثلاث بالمائة فاعتذر لسبب نادر لا يقاس عليه لأنه يريد المحافظة على نسبة النجاح بنسبة مائة بالمائة التي حققها، كما اكتسب الثقة نفسها كل من يروم التعامل معه من أي بلد كان، لأن نسبة النجاح مضمونة تماما.
وكللت النجاحات المتكررة للمخترع رضا ملاك بإنشائه شركة “النقش الدقيق على المعادن” والتي اختصت في خدمات الحفر بالغة الدقة والخصوصية الصناعية، التي تتطلب كفاءة عالية جدا ومعرفة تامة بالتطبيق لا مثيل لها، كالتمويج بالحفر الغائر حتى عمق نصف مليمتر، حسب الرسم المطلوب، سواء على أمكنة معينة من تشكيلات القوالب empreintes أو على التشكيلات بكاملها في قوالب النفخ أو الحقن أو الضغط لإنتاج المواد البلاستيكية والمطاطية، الشيء الذي يضاعف من قيمة القالب ويصبح صالحا للتصدير بقدرة تنافسية تتصدي لانعكاسات العولمة.
أما التمويج العميق فهو من أبرز مجالات عمل الشركة، فالمعروف أن كل مادة يقع تمويجها تكتسب صلابة غير عادية بالنسبة لرهافة سمكها، كالورق المقوى المموّج الذي تصنع منه صناديق اللف والشحن، أو الترنيت وغيره، نفس الشيء بالنسبة للقوارير والأوعية البلاستكية، حفر قوالبها بعمق 1.5 مم على هيئة تمويج خاص تصبح بمقتضاه تلك القوارير والأوعية مموجة، ذات صلابة إضافية أكثر من اللازم، فيخفف المنتج تبعا لذلك من السّمك والوزن بنسبة 25 إلى 30%، ويرجع بذلك إلى الصلابة الأصلية قبل تمويج القالب، ويحقق ربحا في تكلفة المنتج بحوالي الربع مع الحصول على جمالية المظهر والخفة، مع تحقيق فائدة كبرى أيضا للاقتصاد.
كما أن الشركة تميزت في منتجاتها التي تهدف إلى “تشخيص” القالب سواء بحفر علامة أو شعار، أو أي بيانات بكل أنواع الأحرف بجميع اللغات، ويكفي فقط تقديم بطاقة زيارة أو ورقة مراسلات عليها الشعار، لكي تقوم الشركة بنسخه محفورا على القالب طبق الأصل وبالقياس المطلوب وإعادته لصاحبه في ظرف وجيز جدا، وذلك على قطع وقوالب تبدأ من حجم 3 مم إلى 1 متر، من كافة أنواع الفولاذ والمعادن المختلفة كالنحاس ومشتقاته، وكذلك الألمونيوم الخاص بالقوالب المعروف تحت اسم (ألوماك).
الجدير بالذكر أن الأغلبية الساحقة من المؤسسات المختصة في هذا النشاط تابعة لمؤسسة واحدة وهي “مولد تك” الأمريكية وموقعها هو www.mold-tech.com، بينما المبتكر التونسي رضا ملاك إلى جانب ٣ أو ٤ مختصين في العالم حسب ما اكتشف وحدهم يعملون مستقلين وغير تابعين لأحد معتمدين على طرقهم ووسائلهم الخاصة بهم وهذا مما يزيد من قيمة هذا الابتكار العربي الفريد
وأخيرا فإن المخترع رضا ملاك شارك بأعماله المتميزة في العديد من المناسبات والمعارض منها: الصالون المتوسطي للمناولة والتزويد والشراكة -سوماد- بمعرض صفاقس الدولي المنعقد. في شهر مايو في دورات سنوات: 1996 – 1998 – 2000، بالإضافة إلى صالون مفترق الأعمال والتكنولوجيا -كات- في سبتمبر 1997 بمعرض الكرم، ومعرض سوسة الدولي: 2002 – 2003، ومعرض تونس الدولي: أكتوبر 2002، فضلا عن المشاركة في معرض صفاقس الدولي: 2003