في دراسة حديثة لقسم “علوم الأغذية” بجامعة طوكيو اليابانية، تبين أن إتباع نظام غذائي دقيق كفيل بتقديم وسيلة وقائية – بل علاجية – لمرض السكري، تحول دون اضطراب مستوى السكر في الدم، وهو ما يطلق عليه الأطباء اليابانيون اسم ” الهرم الغذائي” الذي يضمن الحفاظ على معدلات الجلوكوز والدهون، فضلا عن خفض ضغط دم المريض، لمنع تداعيات ومضاعفات السكري على القلب والعيون والكلى ، بالإضافة إلى تحسين حالة المريض الصحية العامة، شريطة الالتزام بهذا النظام الغذائي وممارسة نشاط رياضي منتظم.
وعند وضع نظام غذائي لمريض السكري لابد من مراعاة : التاريخ النفسي والتعليمي ونمط الحياة بما فيها التعليمات الخاصة بنظام غذائي سابق، والنظام الحالي معا، ونتائج التحاليل الدورية، والوزن الحالي، الطول، مؤشر الوزن المثالي، وقياس محيط الخصر/الحوض، والمعدل الحالي لما يتناوله المريض من الأطعمة، والحالة الشعورية تجاه ما يتناوله المريض من أطعمة، وما إذا كانت كان هناك مشاكل خاصة مثل الوزن، اضطرابات الطعام، نقص معدلات الأنسولين.
ينصح الأطباء في هذا الصدد بضرورة احتواء النظام الغذائي لمريض السكري على المعلومات الخاصة بالهرم الغذائي، وقائمة البدائل الغذائية وتحديد كمياتها (قائمة القياس)، وقياس الكربوهيدرات (النشويات).
“الهرم الغذائي” أداة مهمة لمساعدة المريض على اختيار الكميات الملائمة من الأطعمة من كل مجموعة غذائية من المجموعات الخمس: تأتي على رأسها الدهون، الزيوت والسكريات والتي تتضمن أيضاً على رقائق البطاطس، الحلوى، الآيس كريم، والأطعمة المحمرة (المقلية).
وينصح بتناول الأطعمة من هذه القائمة بكميات صغيرة لاحتوائها على الكثير من الدهون وكونها تفتقد إلى المواد الغذائية التى توجد في الخضراوات والحبوب، كما أنها بها نسب عالية من “الكربوهيدرات”.
وينبغي أن يحتوى النظام الغذائي لمريض السكري – بل للشخص العادي – على أقل نسبة ممكنة من الدهون المشبعة والتي توجد في اللحوم والمنتجات الحيوانية وعند تناول السكريات المتمثلة في الحلوى لابد وأن تكون جزء من النظام الغذائي الصحي على ألا يكون هناك إفراط في تناولها.
وتأتي مجموعة الألبان بعد مجموعة الدهون، وهى تتضمن كافة أنواع الألبان والزبادي وأية منتجات أخرى للألبان ماعدا الجبن، وهي تعتبر مصدراً مهماً من مصادر الكالسيوم الذي تقوى العظام والأسنان، ومن المقادير الموصى بتناولها من الألبان والزبادي من 2-3 مقادير يومياً، ومن الخيارات المفضلة تناول اللبن قليل أو خال الدسم وينطبق نفس الشىء على الزبادي.
وفي المرتبة الثالثة تأتي مجموعة البروتينات التي تحتوى على اللحوم، الطيور الداجنة، الأسماك، البيض وبعض أنواع المكسرات ويضع القائمون على التغذية الجبن ضمن هذه المجموعة لأنها تحتوى على نسبة كبيرة من البروتينات.
وعدد المقادير الموصى بتناولها يومياً من البروتينات من 2-3 مقادير، حيث ينصح بتناول الأسماك والطيور الداجنة مع نزع الجلد من الدجاج والرومي والدهون من اللحم البقري والغزال، ويفضل تناول اللحوم مشوية أو مسلوقة بدلاً من تحميرها أو إضافة أية دهون لها.
ثم تأتي الفاكهة لاحتوائها على الكثير من الفيتامينات والمعادن، وعدد المقادير الموصى بتناولها يومياً 2-4 مقادير، أ, تناول ثمرة الفاكهة أفضل من عصيرها لأنها تحتوى على العديد من الألياف مثل البرتقال والجريب فروت واليوسفي.
أما الفاكهة أو عصائرها المحلاة صناعياً بإضافة بعض المواد لها فينبغي تجنبها والخضراوات مثل الفاكهة فهي تحتوى على الكثير من الفيتامينات والمعادن ونسب أقل من الكربوهيدرات بالمقارنة بالفاكهة، وعن عدد مقاديرها اليومية من 3-5 مقادير ويفضل الخضراوات ذات الورق الأخضر والأصفر الداكن مثل السبانخ والبروكلى والخس والجزر والفلفل وهي من أفضل الخيارات وينبغي أن تكون طازجة أو مجمدة بدون إضافات من الملح والدهون.
وفي المرتبة الخامسة تأتي مجموعة النشويات التي تحتوى على الخبز والحبوب والخضراوات التى تحتوى على نشويات مثل البطاطس والبسلة والذرة أما الفاصوليا فهي غنية في أليافها، ويوصى بتناول 6-8 مقادير من النشويات يومياً.
هناك طريقة للقياس الغذائي لمرضى السكري يطلق عليها اسم طريقة “البدائل الغذائية” حيث يتم عن طريق المبادلة أو المقايضة بكم محدد من الأطعمة في المجموعات الغذائية المعروفة ( النشويات – الفاكهة – الألبان – الكربوهيدرات – الخضراوات – اللحوم – الدهون) وكل مقايضة داخل المجموعة الواحدة تحتوى على نفس الكم من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون والسعرات الحرارية.
ويحدد المريض باستخدامه طريقة القياس أو المبادلة عدد النقاط التى يحتاجها من كل مجموعة غذائية، ففي وجبة الغذاء يكون عدد النقاط (2) نشويات – (2) لحوم – (1) دهون – (2) خضراوات – (1) فاكهة؛ حيث يرجع المريض إلى قائمة المبادلة ليختار الأطعمة ويحدد وجباته الغذائية، وهذه القائمة مرنة لأنها تتيح أنواعاً كثيرة من الأطعمة كثيرة، ولكن الأطعمة العرقية لا تدخل ضمنها.
يعد الأطفال والمراهقين حالات خاصة لمرضى السكري، حيث أن متطلبات الأصحاء من نفس الفئة العمرية، تُحدد احتياجاتهم من الطاقة مع الوضع في الاعتبار شهية الطفل، وإذا كان نمو الطفل طبيعياً فاحتياجاته من الطاقة يتم تقييمها بواسطة معرفة التاريخ الغذائي له من النظام اليومي للوجبات، ومعدلات النمو التى يعرفها كل طبيب أطفال يتم استخدامها عند تشخيص مرض السكري من أجل تسجيل طول الطفل ووزنه؛ لذا فإن ما يتم تناوله من الطاقة يقيم من خلال معرفة الزيادة في الوزن والنمو بشكل منتظم.
وينصح الأطباء بأن يكون النظام الغذائي فردياً ويعتمد على معدلات “الجلوكوز” في الدم والبلازما ومتطلبات كل طفل للنمو، وتوصيات الغذاء لمرضى ومراهقي النوع الثاني تركز على: ضبط معدلات الجلوكوز في الدم لتكون طبيعية، وإتباع أسلوب الحياة الصحي، ومعرفة مخاطر التعرض لأمراض الأوعية الدموية مثل ضغط الدم المرتفع، وتجنب الزيادة في الوزن، مع مراعاة المحافظة على النمو الطبيعي، وللأسرة دورها المهم في رعاية سلوك الأبناء وتشجيع عادات الطعام الصحية وممارسة النشاط الرياضي بانتظام.
وهناك حالات خاصة أخرى ترتبط بالمرأة الحامل أو المرضع المصابة بمرض السكري، فالحامل لابد وأن تتناول وجبات غذائية منتظمة وخفيفة لكي تتجنب نقص معدلات السكر والذي ينتج من سحب “الجلوكوز” المستمر من الأم بواسطة جنينها، وقد تحتاج لوجبة خفيفة ليلاً لتجنب نقص السكر، ومتابعة سكر الدم وتسجيل الأطعمة التى يتم تناولها بشكل يومي هي من التدابير المهمة اللازمة لجرعات الأنسولين مع تقديم خطة غذائية سليمة.
أما إذا كانت السيدة تعاني من سكري الحمل، فإن معدلات الكربوهيدرات لابد وأن توزع خلال اليوم على ثلاث وجبات صغيرة أو متوسطة ومن 2-4 وجبات خفيفة، ووجبة خفيفة ليلاً قد يوصى بها لمنع (فرط الأجسام الكيتونية) في الدم التى تحدث ليلاً، ويفضل البعد عن تناول الكربوهيدرات في الصباح.
وبخصوص كبار السن المصابين بالسكري، فيتم تقييم الحالة الغذائية لهم إذا كان المريض يزداد وزنه أو ينقص بدون سبب بنسبة 10% من وزن الجسم (وهذه النسبة سواء للزيادة أو النقصان) في أقل من ستة أشهر، مع الحذر عند وصف نظام غذائي لفقد الوزن في حالة الزيادة لكبار السن وغالباً ما يعانى المرضى من كبار السن من النحافة أكثر من السمنة، بالإضافة إلى سوء التغذية والجفاف والسبب في ذلك الاختيارات الخاطئة من الأطعمة سواء في نوعيتها، أو كميتها، وينصح بأن يتناول المريض قائمة محددة بأنواع معينة على أن يتم تغيير الأدوية عند حدوث التقيد بأطعمة ما، من أجل المحافظة على معدلات الجلوكوز بالدم.
هناك مضاعفات ترتبط بمرض السكري مثل ضغط الدم المرتفع، وينصح الأطباء عند الإصابة ارتفاع ضغط الدم بإنقاص الوزن والإقلال من تناول الأملاح في الوجبات الغذائية بشكل أساسي، بالإضافة إلى الإقلال من الدهون، ويكون ذلك في شكل وجبات غذائية تحتوى على الفاكهة والخضراوات ومنتجات الألبان قليلة الدسم والتي تكون غنية بالبوتاسيوم والماغنسيوم والكالسيوم.
أما المرضى الذين يعانون من ارتفاع في معدلات “ثلاثي جلسريد البلازما”، وارتفاع أو قلة كثافة الكوليسترول فيتم “العلاج الغذائي” لهم بالسيطرة على معدلات السكر وإنقاص الوزن بشكل معتدل والإقلال من تناول الدهون المشبعة، وممارسة نشاط رياضي بشكل متزايد، وينصح بزيادة كربوهيدرات الدهون أحادية التشبع والتي تتواجد في الأطعمة مثل ( زيت الزيتون والمكسرات) وذلك لتعويض الإقلال من الدهون المشبعة.
وبخصوص أمراض الكلى فينصح بالإقلال من كمية البروتينات لمرضى السكري لتجنب الإصابة بأي اعتلال أو اضطرابات في الكلى وخاصة ممن يعانون من انخفاض نسبة الزلال في البول.
صلاح عبد الصبور