القفازات الإلكترونيةتعيد حاسة اللمس لمن فقدها
قد ينجو المريض من جلطة دماغية تفاجئه، لكنه قد يعاني بعدها من شلل الأطراف، أو من فقدان الاحساس باليدين والقدمين. الآن هناك قفاز الكتروني ألماني يعين المريض على استعادة حواس فقدها نتيجة الجلطة. يلجأ الأطباء عادة، في حالة خدر اليدين وتبلد حاسة اللمس، إلى تمارين إعادة التأهيل الطويلة والمتعبة، التي قد تستمر لسنوات، وهم يعرفون أن النتائج ستكون نسبية غير مضمونة. لذلك، ابتكر الأطباء والتقنيون من جامعة الرور في مدينة بوخوم قفازًا الكترونيًا، يعين المريض على استعادة قدراته الحسية، من دون الحاجة إلى تمارين طويلة ومعقدة.
وإذ تعين التمارين التقليدية المريض على تقوية إحساسه داخل المختبر أو قاعة التمارين، يمكن لمن يلبس القفاز الإلكتروني، من مرضى الجلطة الدماغية، أن يتحسس ويقلب صفحات الكتاب الذي يقرأه. والأهم أن القفاز الإلكتروني يعجل بنقل المريض من المستشفى إلى المنزل، كي يمارس تمارينه اليومية.
فالقفاز لا يعين المريض في المرحلة الأولى من الاستخدام، على تلمس الأشياء فحسب، وإنما ينفعه في تمرينه اليومي الذي يعيد إليه قدرته الحسية الحقيقية. ويشحن القفاز أطراف الأنامل وباطن كف المريض بشحنة كهربائية صغيرة غير محسوسة، تعمل مع مادة موصلة للتيار الكهربائي في نسيج القفاز على توفير القدرة للاحساس عند المريض.
عمل الباحثان هوبرت دينسة ومارتن تيغنتهوف سنوات على هذه التقنية، ولم يعلنا عنها إلا بعد تجربتها على عشرات المرضى، يعانون من فقدان حواس اليد بعد تعرضهم للجلطات الدماغية. ولم ينسَ الباحثان أن يطورا النموذجين الأولين من القفاز، بما يناسب المرضى. وزود الباحثان القفاز بالقدرة على اختيار ايقاع الايعازات، بحسب تعبيرهما، بحيث يتناغم مع ايقاع ايعازات الدماغ، وهو ما يوفر أفضل فرصة لاستخدام اليدين في تحسس الأشياء. وسبق لدينسة وزميله أن أجريا الكثير من التجارب المختبرية، إلى أن توصلا إلى فرز وتصنيف هذه الايعازات الدماغية. وتمكن المتطوعون من استخدام القفاز بكل راحة، ووصفوه بـ“القفاز السحري”، وأجمعوا على أن القفاز أعانهم بسرعة على تمييز الأشياء من خلال اللمس، وحتى في الظلام. وتطلب الأمر تمرينًا صغيرًا يجري خلاله، بمساعدة المبتكرين، اختيار التيار الكهربائي الصغير الذي يتناغم مع إيعازات الدماغ.
ترتفع حدة اللمس التي يقيسها دينسة وزميله كما تقاس حدة النظر، بواسطة اختبار الابرتين. وهو اختبار وخز في الجلد بواسطة ابرتين، وتقاس حدة اللمس بمقدار احساس الانسان بالوخزتين معًا. وتكون شدة الحس قد بلغت أوجها حينما تقترب الابرتان من بعضهما تمامًا، ويعجز الانسان عن التفريق بينهما، ويشعر بأنهما وخزة ابرة واحدة. على هذا الأساس، يقول المبتكران إنهما وصلا في التجارب مع المتطوعين في اختبار الوخز بالابرتين إلى حدة في اللمس أقرب ما تكون إلى الاحساس الطبيعي، من خلال القفاز الألكتروني. والقفاز لا يختلف في الحجم عن قفاز محترفي قيادة الدراجات، لكنه مصنوع من نسيج مرن يطبق تمامًا على الكف من مختلف الحجوم. وهو عبارة عن نسيج من الأسلاك الكهربائية الدقيقة والمرهفة، التي تعمل مع التيار الكهربائي على تحفيز حاسة اللمس عند المريض. وطبيعي أن تتعشق الأسلاك وترتبط في النهاية بصندوق صغير يمكن برمجته، لإرسال شحنات كهربائية صغيرة تتناغم مع ايعازات الدماغ إلى الأنامل.
يمكن للمريض أن يلبس القفاز وأن يختبره طوال ساعة. وتكفي هذه الساعة المريض في تحسس الأشياء فترة يوم كامل ثم تبدأ بالتناقص مجددًا. لهذا، يقترح المبتكران أن يستخدم المريض القفاز 45 دقيقة خلال خمسة أيام في الاسبوع، كي يحافظ على حاسة اللمس لديه بشكل مستمر. وهذا ما يمنح القفاز، فضلًا عن تعويضه عن حاسمة اللمس، قدرة التحول إلى جهاز تمرين يعيد للمصاب قدرته الحسية بعد وقت قصير. والاستخدام المستمر للقفاز يعني تباعد فترات استخدامه من قبل المريض، إلى أن تتوافر القناعة لدى المريض بأنه ما عاد بحاجة إلى قفازه السحري.