المجلةبنك المعلومات

النظام شبه الرئاسي في القوقاز وآسيا الوسطى وانهيار المعسكر

النظام شبه الرئاسي في القوقاز وآسيا الوسطى

 

 

 

لكتاب: «النظام شبه الرئاسي في القوقاز وآسيا الوسطى»

تأليف: روبرت ايلجي وصوفيا مويستروب وآخرون

الناشر: بلغراف مكميلان ــ 2016

الصفحات:234 صفحة

بعد سقوط جدار برلين في خريف عام 1989، ثم تفكك الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991، وانهيار المعسكر الشيوعي استعادت أغلبية الجمهوريات السوفييتية السابقة استقلالها السياسي. ومن بينها تلك الواقعة في منطقتي القوقاز، وآسيا الوسطى عموماً. وكان السؤال الكبير المطروح عليها كلها يتعلق بنمط النظام السياسي الذي ستتبناه البلدان المعنية في فترة ما بعد النظام الشيوعي.

وفي كتاب يحمل عنوان «النظام شبه الرئاسي في القوقاز وآسيا الوسطى»، يدرس المؤلفان روبيرت ايلجي، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة دبلن، وصوفيا مويستروب، الأستاذة في جامعة جورج تاون، ما يعتبرانه الخيار، الذي لجأت له بلدان القوقاز وآسيا الوسطى كونه نمطاً دستورياً لمنظومة الحكم في حقبة ما بعد النظام الشيوعي، الذي استمر سبعة عقود من الزمن.

تتوزع مواد هذا الكتاب بين ثمانية فصول، يبدأها فصل افتتاحي حرره روبرت ايلجي، وصوفيا مويستروب، المشرفان الرئيسان على إنجاز هذا العمل. وهما يرسمان فيه نوعاً من «الخريطة السياسية» لأنماط المنظومات الدستورية القائمة في منطقة القوفاز وآسيا الوسطى، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

ويدرسان آليات تأثير المنظومات الدستورية القائمة وخاصة العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية على الحياة السياسية للبلدان المعنية، ثم تتالى فصول عدة يدرس فيها أصحابها حالات عيانية تخص أنماط الأنظمة شبه الرئاسية مثل أرمينيا وأذربيجان وجيوروجيا وقرغيزستان، التي تحظى كل منها بفصل كامل بقلم أحد الأخصائيين بالنسبة لكل بلد.

وبالنسبة لكل حالة يتم تبيين الأسباب التي قادت إلى تبني خيار النظام شبه الرئاسي. وبالتوازي تقييم السلطات التي تمنحها الدساتير المعمول بها للرؤساء. وفي جميع الحالات المدروسة تتمثل المعايير التي يقيس المساهمون على أساسها مدى مطابقة «الواقع» العملي للنصوص الدستورية ومدى وجود «تعددية حقيقية»، أو غيابها.

والتركيز في جميع الحالات المدروسة على القول، إن «الصيغة الدستورية لما بعد الحقبة الشيوعية مثلت إحدى المسائل، بل الرهانات، الأساسية، التي واجهتها بلدان القوقاز وآسيا الوسطى عموماً، خلال العقدين اللذين أعقبا مباشرة تفكك الاتحاد السوفييتي، ذلك على أساس أنه كان أمام تلك البلدان أطر دستورية عدة لممارسة السلطة السياسية».

وفي جميع الحالات التي يتم تقديمها في هذا الكتاب للنظام شبه الرئاسي، يتم تعريفه على أنه يقوم على وجود رئيس يتم انتخابه بالاقتراع المباشر لفترة رئاسية محدودة. وبوجود رئيس وزراء ووزراء مسؤولين جماعياً عن اتخاذ جميع الإجراءات والتشريعات الخاصة بالحكم.

والإشارة بها الصدد إلى أن النظام شبه الرئاسي تم تبنيه من قبل الأغلبية الساحقة من البلدان، التي كانت ذات نظام شيوعي سابقاً وتندرج في إطار الاتحاد السوفييتي أو في معسكره. وفي عداد تلك البلدان روسيا نفسها وأرمينيا كازخستان وقرغيزستان وجيورجيا ومقدونيا ومولدافيا وأوكرانيا وغيرها.

ويتم التأكيد في هذا السياق أن بلدان القوقاز وآسيا الوسطى تشكل في فترة ما بعد الحقبة الشيوعية نوعاً من «المختبر التجريبي»، يمكن أن يمثل أرضاً خصبة جداً لدراسة أسباب ونتائج أنماط التجديد الدستوري، يطرح العديد من الأسئلة التي تخص «مناقب ومثالب» النظام شبه الرئاسي، الذي تم اختياره من قبل قسم كبير من جميع الدول التي كانت تدور سابقاً في «فلك النظام الشيوعي».

ويتم التمييز في الإطار «شبه الرئاسي» بين الممارسات الديمقراطية وشبه الديمقراطية والتسلطية. والإشارة إلى أنه في العديد من الحالات، وفي إطار المقارنات والبحث عن وجوه التشابه ونقاط التباين والخلاف بين نماذج الأنظمة السياسية، التي برزت بعد نهاية المعسكر الشيوعي، هناك شبه كبير بين أنماط السلطة.

ومن النتائج الأساسية التي يتم الوصول لها، بالاعتماد على قراءة الواقع القائم في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، أنه «من الأفضل» في الأنظمة شبه الرئاسية ألا يكون الرؤساء ذوي سلطات مطلقة، بل تكمن النصيحة «السياسية» الوحيدة التي يصوغها المشرفان على هذا العمل أنه «ينبغي على البلدان المعنية تبني دستور تكون صلاحيات الرؤساء فيه ضعيفة نسبياً في سياق منظومة دستورية، من أجل تجنب إعادة التجربة الشيوعية، لكن بلباس مختلف.

الأمثلة التي يتم تقديمها تشير إلى أن بلدان مثل أرمينيا وجيورجيا وقرغيزستان حققت نتائج أفضل في ظل «الرؤساء الأكثر ضعفاً»، من حيث الصلاحيات التي يمنحها لهم الدستور، بمعنى الابتعاد عن آلية عمل النظام الشيوعي السابق. والإشارة إلى أنه في مختلف البلدان المعنية في القوقاز وآسيا الوسطى هناك «رغبة بناء منظومات حكم تقوم على دساتير تحد من سلطات الرؤساء»، لكن في جميع الحالات أيضا يتم التأكيد على أنه وفي ما هو أبعد من المنظومات الدستورية، وعلى أهميتها، فإنه هناك باستمرار «عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية» تلعب دورها في ما يتعلق بمسيرة هذه البلدان.

النظام شبه الرئاسي في القوقاز وآسيا الوسطى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى