شاعر شيلي العظيم، وأشهر كتاب أمريكا اللاتينية على الإطلاق، كان دائما مركز استقطاب واهتمام في الأوساط الثقافية، امتازت قصائده بالرومانسية والحزن والحس المرهف، وجمع في أعماله بين المشهدين، الأدبي والاجتماعي لعصره، ولم يضح بواحد علي حساب الآخر.
ولد بابلو نيرودا في 12 يوليو عام 1904م في “بارال” بتشيلي واسمه الحقيقي “نيفتالي ريكاردو راييس بازوالتو”، توفيت والدته “روزا بازوالتو” بعد شهر من ولادته، فانتقل والده “جوزيه راييس” إلى منطقة “تيموكو” مع الطفل وتزوج بعد فترة وجيزة من “ترينيداد ماريدي” التي أصبحت فيما بعد والدة الشاعر الثانية.
وفي عام 1910م دخل نيرودا مدرسة “تيموكو” حيث أكمل دراسته فيها حتى عام 1920م، وفي 1917م نشر أولى مقالاته في صحيفة محلية في “تيموكو” بعنوان “حماسة ومتابعة” ونشر أولى قصائده في 30 يناير من عام 1918م في مجلة “كوري فويلا دو سنتياغو” وكان عنوان القصيدة “عيناي”، ثم توالت القصائد المنشورة في مجلات محلية أخرى، وحصل على جائزة شعرية سنوية عن قصيدته “ليلة قمرية مثالية”.
اختار اسمه الجديد “بابلو نيرودا “في عام 1920م وحصل على جائزة “عيد الربيع” للشعر في تيموكو وعين رئيساً لـ”الأتينيه الأدبية” في المنطقة وبدأ في كتابة “الجزر الغريبة” و”التعب غير المفيد” من دون أن ينشرهما، ثم اختار قصائد من الكتابين ونشرها في كتاب له بعنوان “مغربي”، وفي عام 1921م انتقل إلى “سانتياغو” حيث تابع دراسة الأدب، وبدأ عمله في مجلة “كلاريداد” عام 1922م واستمر في كتابة الشعر.
وفي عام 1923م كتب نيرودا نحو أربعين مقالة نقدية في مجلة “كلاريداد” تحت اسم مستعار وأصدر أول ديوان له في العام التالي بعنوان “عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة”، وفي عام 1925م ترأس تحرير مجلة “كابالو دو باستوس” الأدبية، وصدر له “محاولة الرجل اللانهائي”.
بدأ نيرودا حياته السياسية بدخوله السلك الدبلوماسي عام 1927م حيث عين قنصل شرف في “بيرمانيا”، وغادر سنتياغو إلى “بيونس آيرس” ومنها إلى “لشبونة”، وفي مدريد بدأ بنشر قصائد جديدة، ثم تنقل للعمل قنصلا في بعض الدول الأخرى، وتزوج في عام 1929م من ماري أنطوانيت اجينار وانتقل عام 1931م للعمل قنصلا في سنغافورة، ثم عاد إلي تشيلي عام 1932م، وفي عام 1933م كتب ” إقامة على الأرض”، وانتقل في العام التالي قنصلا في “برشلونة” ثم “مدريد” وقد كرمه الشعراء الأسبان عام 1935م وأوكلت إليه مهمة إدارة تحرير مجلة “كابالو يردي بارلا بويزيه” وهي أفضل مجلة أدبية في اسبانيا آنذاك.
وفي عام 1938م صدر له في باريس “اسبانيا في القلب” وكتب “نشيد تشيلي العام” الذي أصبح فيما بعد “النشيد العمومي” وعين قنصلاً في مكسيكو، عام 1940م وكتب هناك “نشيد من أجل بوليار”.
وفي عام 1942م سافر إلى كوبا وكتب “أغنية حب في ستالينغراد”. حيث علقت هذه القصيدة على لافتات كبيرة فوق جدران مكسيكو وبعد عدة أشهر، أصيب نيرودا بصدمة اثر وفاة ابنته في أوروبا.
وفي عام 1945م أصبح سيناتور المناطق الريفية في شمال التشيلي وفي نفس العام، حصل على “جائزة الأدب الوطنية” كما حصل على عضوية الحزب الشيوعي في بلده وسافر إلى البرازيل حيث كرم هناك وكتب “مرتفعات ماشو ـ بيشو”، بعد ذلك بثلاثة أعوام كتب نيرودا مقالة بعنوان “اتهم” انتقد فيها السلطات التشيلية وبعد أن تعرض لاتهامات عديدة غادر البلاد إلى باريس.
وبعد ذلك سافر إلى روسيا في عام 1949م حيث كرمته جمعية “الأدباء السوفيات”، ثم سافر إلى عدد من الدول وحصل على جائزة السلام الكبرى مناصفة مع بيكاسو عام 1950م عن قصيدته “فليستفق الحطاب”، وفي عام 1958 صدر كتابه “مائة قصيدة حب”، وفي عام 1971م حصل نيرودا على جائزة “نوبل” في الآداب، وفي العام التالي بدأ في كتابة “مذكرات”، وهي مذكراته الكاملة، ومن أجل كتابتها تنحى عن منصبه في باريس، وعاد إلى تشيلي حيث استقبله الشعب استقبالاً لا مثيل له.
وفي عام 1973م صدر كتابه الشعري السياسي التحريضي “مدح الثورة التشيلية”، وعمل على تحذير مجتمعه من اندلاع حرب أهلية في ندوات وخطابات عديدة، وحينما أطاحت حكومة عسكرية بالسلطة وأعدم الرئيس سلفادور اليندي ، حزن نيرودا لما جرى في البلاد، وتوفي الشاعر الكبير في مستشفى سنتياغو في تشيلي، وبعد وفاته صدرت كتبه الأخيرة: “الوردة المفصولة” و”البحر والأجراس”.