تمكَّن باحثون بجامعة “جينيف” السويسرية من إعادة برمجة نوع من الخلايا الموجودة في البنكرياس لإنتاج الإنسولين، وخففت تلك الخلايا عند زرعها أعراض مرض السكري عند الفئران المُصابة بذلك الداء، وفق دراسة نشرتها دورية “نيتشر” (Nature).
ويحوي البنكرياس عددًا من خلايا الغدد الصماء التي تنقسم إلى خمسة أنواع، أبرزها الخلايا من الأنواع “ألفا وبيتا وجاما”. ويُصنع الإنسولين في خلايا خاصة من النوع بيتا، تقوم بإنتاجه ثم ضخه بشكل مباشر في مجرى الدم، وتقوم الأنواع المختلفة بوظائف محددة وثابتة اكتسبتها عند الانقسام والتمايُز، ولا يُمكن تغييرها.
وقد يؤدي الخلل في تلك الخلايا إلى وقف تصنيع الإنسولين، ما يجعل البنكرياس غير قادر على ضخ ذلك الهرمون في مجرى الدم، فيلجأ المُصاب إلى تعويض ذلك النقص بحقن الإنسولين المُنتَج بطرق صناعية.
يقول “بيدرو هيريرا” –أستاذ البيولوجيا في كلية الطب بجامعة “جنيف” السويسرية، والمؤلف الأول للدراسة- في تصريحات لموقع “للعلم”: “توصلنا إلى طريقة تجعل الخلايا من النوعين “ألفا وجاما” تُنتج -هي الأخرى- إنسولينًا طبيعيًّا في البنكرياس، وهو ما يُعد اختراقًا “ثوريًّا” في مجال علاج السكري”.
حصل الباحثون على خلايا من نوع ألفا وجاما من متبرعين مُصابين بالمرض، ثم قاموا بإعادة برمجتها، وزرعها في فئران التجارب، ولاحظوا –بعد أربعة أسابيع من الزرع- استجابةً في مجموعة من الفئران المُصابة بالسكري؛ إذ ضخت تلك الخلايا الإنسولين استجابةً لزيادة مستويات الجلوكوز في الدم.
ثم قام الباحثون باختبار ما إذا كانت خلايا “ألفا” المُعدلة يُمكنها أن تخفف من الأعراض السريرية لمرض السكري من النمط الأول لدى فئران التجارب، فوجدوا أن تلك الخلايا استمرت في إفراز الإنسولين بالنسب المطلوبة مدةً وصلت إلى 6 أشهر بعد الزرع.
وتوفر تلك النتائج دليلًا شديد الأهمية على مرونة خلايا البنكرياس البشرية، والتي يُمكن أن تعوض فقدان أو خلل الخلايا التي تنتج الإنسولين بشكل طبيعي.
يضيف “هيريرا”: إن تلك الطريقة تُبشر بوجود حلول “خلوية” لأزمة نقص الإنسولين المتعلقة بالنمط الأول من السكري، مشيرًا إلى أن التجربة تُثبت أن برمجة خلايا البنكرياس التي لا تُفرز الإنسولين “قد تكون حلًّا سحريًّا لمرضى السكري”.