فنان تمزج لوحاته بين فن الكتابة العربية وسحر الفن التشكيلي الصيني بأسلوب فريد يعكس مدى تأثره بالثقافة العربية والإسلامية، إنه الفنان الصيني حاجي نور الدين التي تتجاوز أعماله الفنية 200 عمل فني ما بين كتابة لوحات لآيات قرآنية وأحاديث نبوية مكتوبة بخط عربي جميل ومستلهمة تراثاً صينيا أضفى على العمل الفني روعة وبهاء.
وقد استضافت إمارة أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا معرضا لنور الدين وضم لوحات كتبت بخطوط طولية وعرضية وأخرى بتشكيلات هندسية أو على هيئة زهرة أو منزل صيني.
وقد بدأ نور الدين تعلم اللغة العربية عندما كان في العشرين من عمره، حيث أظهر ولعا بالخط العربي، ما دفعه لتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة بمسجد في شمال الصين.
ويروي الخطاط الصيني المسلم الصعوبات التي واجهته في البداية، سواء فيما يتعلق بقراءة العربية أو كتابتها، فيقول: “إن هناك العديد من الحروف التي تتميز بها العربية دون غيرها من اللغات مثل حرف الضاد، بالإضافة إلى أسلوب كتابة العربية التي تبدأ من اليمين إلى اليسار، وكذلك تعدد الخطوط مثل الكوفي والثلث والديواني والنسخ والرقعة، وأيضا اختلاف شكل الأحرف في الكلمة المفردة”.
ويرى نور الدين أن الجمع بين الخط العربي والشكل الصيني رغم صعوبته نمط سائد منذ دخول الإسلام إلى الصين قبل 1300 عام، بسبب التأثير المتبادل بين الثقافتين, وأضاف أن اللغة العربية تعتمد على الأحرف بينما الشكل هو محور الكتابة الصينية، لذلك فإن الجمع بين الاثنين يكون بأخذ أجمل السمات فيهما.
ويستخدم نور الدين فى لوحاته العديد من المواد الصينية كالورق الصيني المعروف باسم “شيوان” الذي يتميز بقدرته الفائقة على امتصاص الحبر وحفظه على حالته لفترة زمنية طويلة تتراوح بين 800 و1000 عام دون حاجة لمواد حافظة.
ويستعين أيضا بالحبر الصيني الأسود ذي القوة الذي لا يتغير لونه، في حين يقوم بنفسه بصنع أدوات الرسم من الكتان، والخشب البامبو بأحجام مختلفة حسب سمك الحروف المطلوب.
وتقتصر لوحات حاجى على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لأنهم في الصين -كما يقول- من الصعب فهم اللغة العربية في مواضع أخرى كالشعر مثلا، بينما القرآن معروف لدى المسلمين هناك.
ويرى نور الدين أنه لا يستطيع الجزم أنه عندما يشرع بكتابة اللوحة يبدأ بالتفكير في الشكل أو الكلمة أولا، قائلا إنه لا بد من الاثنين معا في الاعتبار، ما قد يستغرق عدة أشهر، حتى تأتى لحظة معينة فيبدأ فيها الرسم.
وتختلف الأشكال حسب الكلمة وقدرتها على الإيحاء، مضيفا أن هناك كلمات تساعده في رسمها بأشكال عدة و أخرى غير ذلك.
وتتباين المدة التي يستغرقها رسم اللوحة الواحدة حسب قوله، فقد تأخذ لوحة كبيرة مجرد دقيقة أو دقيقتين، و أخرى قد تستمر عدة أيام، بينما يطول العمل في بعضها إلى أسابيع، مؤكدا في ذلك أن الوقت عادة لا يؤخذ في الحسبان بل الفكرة و تذوقها.
ولا يتذكر حاجى عدد المعارض التي أقامها، حيث اقتصرت في البداية على معارض صغيرة منذ 1983، و لكن أول معرض كبير له أقامه ببريطانيا عام 2000 ، ثم تعددت بعد ذلك معارضه سنويا حول العالم وخاصة بالولايات المتحدة.
ويأمل نور الدين زيادة التواصل بينه وبين الدول العربية، التي بدأها باستضافة قطر له بيناير من العام الحالي، تلاها معرضه بأبو ظبي الذي ينتهي في التاسع عشر من أكتوبر/تشرين الأول الحالي.