اختراعاتاختراعات تكنولوجيه

جاك دو فوكانسون..ابن صانع القفازات الذي صنع أول انسان آلي

حسب آخر إحصائيات الاتحاد الدولي للروبوتات، يوجد حاليا أكثر من 2.4 مليون روبوت يعمل في قطاع الصناعة في جميع أنحاء العالم. وقد بلغت قيمة المبيعات العالمية للروبوت رقما قياسيا جديدا بلغ 16.5 مليار دولار أمريكي. فمجال الروبوتات هو أحد أهم مجالات المستقبل، فالروبوت يمكنه القيام بمهام عسكرية وصناعية ومنزلية ويمكنه أيضا عزف الموسيقى.

هذا الابتكار العظيم يرجع الفضل فيه للمهندس والمبتكر الفرنسي الفذ، جاك دو فوكانسون الذي ولد في شهر فبراير من عام 1709 في مدينة جرونوبل الفرنسية. كان الأخ الأصغر لتسعة من الأخوة والأخوات وكانت والدته الكاثوليكية المتدينة تصحبه معها أثناء ذهابها للأعتراف في الكنيسة فكان الطفل ينتظر في الغرفة المجاورة يتفحص الساعة الموجودة في الغرفة والآلية الميكانيكية الخاصة بها حتى تمكن من صنع ساعة مماثلة في البيت.

كان والده صانعا للقفازات ولكنه توفي وجاك لا يزال طفلا في السابعة فأرسلته والدته للدراسة في الدير حيث ذهب وفي حوزته صندوق معدني ملئ بالأدوات. لم يكن جاك منسجما مع باقي الأولاد ولم يكن قادرا على التركيز في دروسه فعاقبه المدير بحبسه في غرفة لمدة يومين فما كان منه إلا أن قام بروسومات استثنائية جعلت مدرس الرياضيات يقرر مساعدته.

أوتوماتونات ڤوكانسون الثلاث. لاعب الفلوت، ولاعب الطمبورين والبطة الهاضمة.

كانت عدم القدرة المالية لوالدته الأرملة هي ما دفعته للأرتباط بالدير والكنيسة والأسقف في دراسته وقد لاقت موهبته استحسانا ولكن بحدود. فبعد أن أفتتح ورشته الخاصة في مدينة ليون بدعم من أحد الأثرياء. وأثناء زيارة أحد رجال الدين للورشة أراد جاك أن يبتكر انسان آلي ليساعده في تقديم العشاء وتنظيف الطاولات ورغم أن الزائر قد بدا سعيدا بالإنسان الآلي إلا أنه سرعان ما أعلن عن إعتقاده بأن جاك له ميول وثنية وأمر بتدمير ورشته.

شعر جاك بأن ارتباطه بالكنيسة سوف يحد من قدرته على العمل في المجال الذي يعشقه فما كان منه إلا أن عاد إلى جرونوبل وأعتذر للأسقف عن عدم قدرته على القيام بالخدمة.

حين أصبح حرا، ذهب إلى باريس ويقال أنه يحضر دروسا في التشريح والطب وكان في ذات الوقت قد أعد مجموعة من الابتكارات تسمح بإقامة معرضا متنقلا. عاد جاك من جولته بعد أن ألتقى واحدا من أهم من دعموه ماديا.

وأثناء استعداده لبناء انسان آلى جديد وقع في براثن المرض وقضى 4 أشهر في الفراش. أثنلء مرضه رأى حلما بأنه صنع انسان آلي يعزف الفلوت شبيه بأحد تماثيل حديقة التويلوري فقام من الفراش ورسم تفاصيل تصميم الإنسان الآلي الجديد “عازف الفلوت” واستعان بفنانين تشكيليين وصناع ساعات حتى أكتمل الإنسان الآلي والذي كان يعزف الفلوت تماما مثل البشر وكأن التمثال قد دبت فيه الحياة.

تم عرض عازف الفلوت للمرة الأولى في عام 1738 وكانت تذكرة الدخول بثلاثة جنيهات وهو ما كان موازيا لأجر عامل لمدة أسبوع. كان جاك يعرض القطعة بنفسه لمجموعة تتكون من 10 ل 15 فرد. وحقق العرض وقتها نجاحا مذهلا فلقد كانت التفاصيل مذهله من حركة الأصابع إلى حركة الشفاه إلى كمية الهواء التي تخرج للعزف!

بعد عام واحد من عرض عازف الفلوت، عرض جاك بطة آليه بالحجم الطبيعي تحرك جناحيها وتلتقط الحبوب من ايدي رواد المعرض وتبتلعها وتهضمها وسرعان ما أصبحت تلك البطة الآلية المصنوعة من النحاس المطلي بالذهب أشهر ابتكارات فوكانسون مما دعا الكاتب والفيلسوف الفرنسي الشهيرفولتير يتهكم قائلا : لم يعد هناك شئ يذكرنا بمجد فرنسا.

في عام 1741 كان جاك قد نال كفايته من اختراعاته فطلب من بعض رجال الأعمال في ليون عرضها في انجلترا وبيعها.

كان لويس الخامس عشر شديد الإعجاب بالبطة وطلب من جاك أن يعمل مفتشا على تصنيع الحرير فلاحظ العديد من المشكلات فما كان منه إلا أن قدم مغزلا آليا يعالج جميع المشكلات التي تعاني منها فالصناعة مما أحدث ثورة في عملية تصنيع الحرير في فرنسا.

مغزل جاك الميكانيكي والذي يغني الصناعة عن العمالة البشرية آدى إلى التمرد ضده وكان العمال يرمونه بالحجارة أثناء سيره في الشارع فما كان منه إلا أن قام ببناء نول يحركه حمار ، لإثبات ، كما قال ، أن “الحصان أو الثور أو الحمار يمكنه أن يصنع قماش أكثر جمالا وأكثر كمالا من أكثرعمال الحرير قدرة.

توفى فوكانسون في باريس في سن 73 عام بعد أن بذل جهدا في جمع ابتكاراته وابتكارات غيره ليضمها لمقتنيات متحف الفنون والمهن بباريس.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى