توصل الباحث الليبي فتحي عبد الحليم حسن، إلى اختراع جهاز جديد ذي قيمة علمية ونوعية في مجال تقديم الاختبارات الفورية للعمليات الجراحية وإنقاذ الضحايا في حوادث الطرق، وذلك حسب ما أعلنته المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا والتي قامت برعاية الاختراع في بيان صحفي أصدرته بمناسبة خروج هذا الإنجاز الطبي للنور.
الاختراع عبارة عن جهاز دقيق قادر على مطابقة مواصفات دم الإنسان بإنسان آخر، خلال فترة زمنية لا تتجاوز 3 دقائق، بدلا من فترة تتراوح ما بين 20 – 30 دقيقة في الوقت الحالي.. هذا الاختصار في الوقت سيساعد على إنقاذ حياة ملايين البشر، من الذين يحتاجون إلى نقل دم، خاصة في الحالات الحرجة الناتجة عن حوادث الطرق، والتي يصل ضحاياها إلى عشرات الآلاف في الدولة الواحدة، والملايين على مستوى العالم، كما أنه سيساعد على إنقاذ الملايين من البشر الذين تكون الوفاة مصيرهم بسبب النزيف الدموي الحاد بعد إجراء العمليات الجراحية.
تأتي أهمية إجراء اختبارات مطابقة الدم لأنه ثبت أن بعض الفصائل الدموية المتشابهة لا تقبل بعضها عند النقل؛ وذلك بسبب وجود أجسام مضادة، إما في المتبرع للمريض أو العكس، وإن حدث هذا فإنه يؤدي إلى وفاة المريض، ويصبح الحل متمثلا في اختبار تطابق الدم، قبل إجراء نقله، وعادة ما يستغرق هذا الاختبار ما بين 45 إلى 60 دقيقة، ويصبح من الضروري إجراء اختبار تطابق الدم قبل نقله؛ لأنه من المعروف علميا أن محتوى الدم في جسم الإنسان يصل إلى ما بين 5 – 6 لترات، وعندما ينزف الإنسان ثلث هذا المحتوى يموت.
وأهم الاختبارات التي يقوم بها الجهاز، أولا اختبار تطابق الدم (Rh Cross-Matching test) وحقق نسبة نجاح بلغت 100%، واختبار تأكيدي على الفصائل السالبة (Du Blood test)، وحقق نسبة نجاح بلغت 100%.
ويقوم الجهاز في الوقت نفسه بعمل 6 اختبارات في فترة تتراوح ما بين 3 – 5 دقائق، بينما الأجهزة الأخرى تستغرق ما بين 30 – 45 دقيقة، والأجهزة الرائدة في العالم تأخذ حوالي ساعة، ويتميز الجهاز بصغر حجمه، وقلة استهلاكه للطاقة، وسهولة تشغيله، بالإضافة إلى بساطة تصميمه، وسهولة صيانته وتركيبه خارج المختبرات في سيارات الإسعاف والمستشفيات المتحركة.
ويساعد الاختراع الجديد على سرعة إنجاز عمليات مطابقة الدم لنقله من شخص سليم إلى شخص مصاب، ويسهل استخدام الجهاز الجديد خاصة في الدول الفقيرة؛ لأن الجهاز منخفض التكلفة، ويمكن استخدامه في المستشفيات الثابتة والمتحركة.. المدنية والعسكرية، وفي أقسام ومستشفيات الطوارئ، والمختبرات الطبية وبنوك الدم.
وأثبت الجهاز جدواه العلمية والعملية بعد إجراء التجارب على 24 ألف عينة من الدم، خلال فترة 4 سنوات، وتنبع أهمية مطابقة مواصفات الدم في عمليات النقل، لأن أي خطأ -ولو كان بسيطا- يمثل تهديدا حقيقيا لحياة المنقول الدم إليه، وقد يودي في النهاية بحياته.
هنا تجدر الإشارة إلى الدراسات الصادرة عن جامعة الدول العربية، في اجتماع وزراء الداخلية العرب، أنه خلال عام 2007، التي أوضحت أن عدد حوادث الطرق في الدول العربية بلغ 500 ألف حادثة، ويصل عدد الضحايا إلى 26 ألف ضحية، وعدد الجرحى في هذه الحوادث 250 ألف جريح، وقدرت قيمة الخسائر بما يعادل 25 مليار دولار، حسبما ذكر في مجلس وزراء الداخلية العرب خلال المؤتمر العربي لرؤساء أجهزة المرور العرب الذي عُقد بتونس في مايو 2008.
ويتوقع أن تزيد حوادث الطرق بنسبة 6% بحلول عام 2020، وسيساعد هذا الجهاز في عمليات إدارة الدم في الدول الفقيرة والنامية، خاصة أنه حسب تقارير منظمة الصحة العالمية فإن 80% من سكان العالم يعيشون في الدول النامية، ويتم تجميع 40% فقط شهريا من الدم فيها.
وتواجه عشرات الآلاف من السيدات الموت في الدول النامية؛ إذ تتوفى أكثر من 500 ألف سيدة سنويا بسبب النزيف أثناء الحمل والولادة، يضاف إلى هذا أن هناك أكثر من 70% من الأطفال في إفريقيا يعانون من فقر حاد في الدم، فضلا عن الأمراض المتوطنة والتي تحتاج إلى مطابقة ونقل الدم، ومنها أمراض الكبد وفشل الكلى وغيرها.
وقد حصل الليبي فتحي عبد الحليم حسن على الميدالية الذهبية في معرض الاختراعات بالشرق الأوسط عام 2007 بالكويت، والميدالية الذهبية في معرض الإبداع العلمي بالسودان، والميدالية الفضية في مسابقة المركز العلمي الكويتي لأفضل اختراع عام 2008، والتي أجريت خلال النصف الأول من نوفمبر الجاري.
وقام الباحث بتسجيل براءة اختراع الجهاز، تمهيدا لإنتاجه تجاريا، وإتاحته للمستشفيات ومختبرات التحاليل وبنوك الدم للاستفادة منه، وسيطرح الجهاز قريبا في الأسواق.