الدكتور عصام حجي عالم الجيولوجيا العربي المصري، والذي يحمل الجنسيتين الفرنسية والأمريكية، ظاهرة علمية لفتت أنظار العالم أجمع، فرغم صغر سنه إلا أنه يتولى أخطر مهمة فضائية لإنقاذ كوكب الأرض، واستطاع هذا العالم الشاب والذي يتولى إدارة “معهد الأقمار والكواكب” التابع لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” أن يحقق العديد من الانجازات العلمية التي أهلته لأن يصبح واحداً من العلماء المعدودين في مجال علوم الفضاء.
ويعمل الدكتور حجي حاليا في “مركز هيوستن للفضاء” التابع لوكالة “ناسا” ويشرف على فريق بحث يضم ستة علماء يعملون ضمن مشروع “إنقاذ الأرض” المرصود له مبلغ 500 مليار دولار، والذي تتعاون فيه “ناسا” مع وكالة الفضاء الأوروبية “أيسا” لتجنيب كوكب الأرض الاصطدام بمذنب يحوم حوله عام 2028م، ويشارك حجي أيضاً في أبحاث استكشاف الماء على كوكب المريخ، وكان عضوا في فريق عمل مصري فرنسي لدراسة حقل نيازك ضخم يقع في الصحراء الغربية في مصر عام 2004م.
ولد الدكتور عصام حجي في 29 يوليو من عام 1975م في مدينة “طرابلس” الليبية والتي حصل على الشهادة الابتدائية من مدارسها، ثم انتقل مع والده الفنان التشكيلي محمد حجي الي تونس وحصل هناك على الشهادة الإعدادية، وعاد الي مصر ليحصل على الشهادة الثانوية بمجموع 89% التحق بعدها بكلية العلوم “جامعة القاهرة” وتخصص في دراسة الجيولوجيا ونجح بامتياز وتم تعيينه معيداً بالكلية.
وبدأ حجي أثناء عمله كمعيد في مراسلة العديد من الجامعات في أوروبا والولايات المتحدة بريديا وإلكترونيا, ثم تنازل عن فكرة الدراسة في الولايات المتحدة بسبب ارتفاع تكلفة الدراسة في جامعاتها, واكتفى بمراسلة جامعات الأقاليم الفرنسية، والتي رفضت قبوله لعدم توافر منح بها.
وفي لحظة يأس راسل “معهد علوم الفضاء” بجامعة باريس, مع قناعته التامة بأن المعهد سيرفضه، ولكنه فوجئ بقبوله واتصال رئيس القسم به لمعرفة سبب رغبته في الدراسة بفرنسا، وبالفعل اختاره مع10 طلاب آخرين من بين400 طلب، وحصل علي منحة مجانية للدراسة, ولكن نظراً لعدم حصوله علي تأجيل الخدمة العسكرية فقد اضطر للاعتذار، وتشاء الظروف بعد ذلك أن يتم إعفائه طبيا ولكن بعد ضياع المنحة، لكنه كرر المحاولة في العام التالي وتم قبوله مع دفع المصروفات، وإعفائه من التأمين الطبي.
وسافر حجي إلي فرنسا, وواجه هناك الصعوبات التي يواجهها كل مغترب, من حيث السكن والحياة القاسية، حتى استطاع الحصول على درجة الماجستير من “جامعة باريس” عام 1999م في استخدام آلات الفيزياء الفلكية وتطبيقاتها في الفراغ، وكان مشروعه التطبيقي حول استكشاف الماء على المريخ وفي المناطق القاحلة من الأرض.
وفي عام 2002م حصل على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف في علوم الفضاء من نفس الجامعة، وكان موضوعها “تطوير أداء الرادار الثاقب للأرض لاستكشاف الماء تحت سطح المريخ”، وقد ضمت لجنة المناقشة رئيس قسم اكتشاف المريخ بوكالة “ناسا”, ورئيس مركز الأبحاث الفرنسي, ورئيس أكاديمية العلوم الفرنسية, وتم ترشيحه بعد الدكتوراه للحصول علي جائزة “أكاديمية العلوم الفرنسية” مع عالمين فرنسيين آخرين.
وكان من أهم انجازات الدكتور حجي قيادته لفريق مكون من ستة علماء فضاء، في مهمة إنقاذ كوكب الأرض التي رصدت لها وكالة “ناسا” 500 مليار دولار بالتعاون مع مركز أبحاث الفضاء الأوروبي “روزاتا” حيث يتم تجهيز رحلة المركبة “c76” التي ستصل عام 2014م إلى المذنب الذي يهدد الأرض بالاصطدام عام 2028م وكان من الحلول المقترحة لمواجهة هذا المذنب المرعب, تفجير صاروخ نووي بالقرب منه, حتى يحدث “الطرد المركزي”, الذي يجعل المذنب ينحرف عن مسار كوكب الأرض, رغم أن احتمالية الاصطدام هو واحد على عشرة آلاف.
من المهام العلمية الرائدة التي شارك فيها الدكتور حجي مهمة استكشاف الحياة علي سطح المريخ، عن طريق المعدات فائقة الحساسية بالصحراء الغربية في مصر، وذلك للكشف عن المياه علي عمق600م، وكانت التجربة جزءاً مهماً في التحضير لمهمة المركبة الفضائية “فيونيكس” التي انطلقت للمريخ وأسفرت عن إنجازات علمية كبيرة أبرزها اكتشاف وجود الجليد في قطبيه شمالا وجنوبا, ما يعني احتمال وجود شكل من أشكال الحياة في ماضي هذا الكوكب.
وقال الدكتور حجي إن المياه المكتشفة علي المريخ مختلطة ببعض معادن التربة, أما المياه الجوفية العميقة التي تبعد مئات الأمتار عن السطح فبها نسبة أملاح ملحوظة, مؤكداً أن اكتشاف الجليد المائي تحت سطح المريخ سيفتح أبوابا مازالت مجهولة، حول طبيعة الخلايا الأولية التي نشأت منها الحياة في الماضي.
ويري حجي أنه يمكن لمصر الاستفادة من هذه الأبحاث الفضائية للتعرف علي حجم المخزون الجوفي من المياه، وتطوير وسائلها العلمية لتكنولوجيا البحث عما تحت السطح, مشيراً الي أن وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” قد استفادت كثيرا من الدراسات التي أُجريت بالصحراء الغربية, وساهمت بشكل واضح في مهمة المسبار “فونيكس”, ووفرت الكثير من الجهد والوقت لمعرفة الطريقة العلمية التي سوف تُستخدم في صحراء المريخ. وقد أسندت “ناسا'” للدكتور حجي مهمة الإشراف علي تدريبات مكثفة لرواد الفضاء، بهدف التعامل مع طبيعة الصخور السطحية للكوكب أثناء الملاحة التي يقومون بها للقمر ثم للمريخ.
ويعتقد العالم المصري أن أهم اكتشاف في رحلة فونيكس هو وجه التشابه بين المريخ والأرض, ثم حقيقة أن الحياة الأولية بدأت عليهما بنفس الطريقة وتحت نفس الظروف, لكن الحياة الأولية علي المريخ سبقت الأرض بملايين السنين ثم اختفت, بينما تطورت علي الأرض نظراً لظروف وطبيعة المناخ, وهذا ما يرجح أن الحياة علي الأرض ربما تكون الجيل الثاني أو الثالث داخل المجموعة الشمسية, ولا يستبعد العالم الشاب أن تكون هناك حياة عاقلة ومتطورة أخري في الكون, والشيء الأكيد ـ حسب وجهة نظره ـ أننا لسنا وحدنا, لأن المادة الأولية توزعت بانتظام في كل أرجاء الكون.
خلال الأعوام الأخيرة سافر د. حجي إلي ألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وهولندا والنمسا وأمريكا واليابان، وقدم محاضرات عديدة باعتباره مرجعا في موضوع الكشف عن المياه علي المريخ، وهو يحرص دائما علي المشاركة في المناقشات التي تدور داخل الجامعات والمراكز البحثية في مصر، التي يزورها عدة مرات في العام الواحد ويلتقي زملاء الدراسة والعمل لمناقشة ما استجد من التطورات العلمية والبحثية.
ويقول الدكتور حجي: “إن نظام التعليم العربي به العديد من المشاكل، ولكن الأخطر من ذلك هو واقعية الشباب لدرجة البؤس في تعاملهم مع مشاريعهم وأحلامهم.. لماذا لا نحلم؟!” مؤكداً أنه تعامل مع النظام التعليمي العربي في ثلاث دول هي ليبيا وتونس ومصر، ولم يدرس في مدرسة خاصة، ولم يدفع نقودًا للذهاب إلى جامعة مميزة، كان يجلس على نفس الأدراج المهشمة ، ويذهب بنفس المواصلات، ويفهم من نفس الأساتذة.
ويقول: “نحن أمة مشغولة جدًّا بصورة الآخرين عنها وغير مشغولة تمامًا بصورتها عن نفسها”، ويرى أن الحل يكمن في العمل بجدية وحماس وثقة في أن تاريخنا العربي مُشرّف، وبه الكثير من النقاط المضيئة التي يجب أن نبدأ منها وننطلق لنتجاوز “عنق الزجاجة الحضاري الذي ننحشر فيه الآن”.
ويتساءل الدكتور حجي: “لماذا ترفع الحكومات العربية شعار الاستثمار في كل شيء ولا ترفع شعار الاستثمار في مجال التعليم؟” فهو يرى أن ذلك هو الثروة الحقيقية التي يجب تنميتها وإنضاجها كي نعالج الخلل الحضاري الذي تعاني منه الأمة العربية.
هذا وقد حصل الدكتور عصام حجي على مجموعة من الجوائز، هي: “جائزة زكي عياد” من جامعة القاهرة عام 1997م، وأفضل مشروع بحثي لرسالة دكتوراه من “جامعة باريس” عام 2001م، والجائزة الشرفية “للأكاديمية الفرنسية للعلوم” عام 2003م.