راجاني بارانجبي : مدرسة لدى الباب
بقلم : د . مجدي سعيد
الفقر والتهميش ظاهرة عالمية، لكنها ألصق بالبلدان النامية منها بغيرها من البلدان، حيث يسكن الملايين في مستوطنات هامشية من العشش والعشوائيات والتي لا يعيش سكانها حالة فقر مادي فقط، لكنهم يعيشون حالات أخرى من الفقر، لعل من أهمها فقر التعليم، من أجل هؤلاء المهمشين عرف العالم الكثير من المبادرات التي يقوم بها الرواد الاجتماعيون الذين يتحلون بروح الإيجابية والإبداع، من هؤلاء الرواد السيدة الهندية راجاني بارانجبي Rajani Paranjpe التي عرفت بمبادرتها “مدرسة لدى الباب Door Step School”.
راجاني بارانجبي
في البلدان النامية يواجه التعليم الحكومي عادة ثلاثة تحديات: عدم الالتحاق بالمدارس، والتسرب منها في سن مبكر، وتكرار مرات الرسوب، ومن أجل ذلك سعت مبادرة “مدرسة لدى الباب” منذ تأسيسها عام 1988 في مدينة بومباي على يد السيدة راجاني وبعض تلامذتها من كلية الخدمة الاجتماعية بالجامعة، وذلك للتغلب على كل تلك العقبات من أجل تحقيق أهداف: محو الأمية والالتحاق بالمدارس والتعليم الجيد للجميع دون تمييز.
اختارت المبادرة منذ البداية التركيز على الفئة العمرية من 3 إلى 18 عاما، من خلال أربعة برامج: فصول لمحو الأمية، والفصول التعليمية، والتعليم ما قبل الابتدائي، والمكتبات المجتمعية. كما اختارت اسم “مدرسة لدى الباب” لأنها تذهب حيث يعيش هؤلاء الأطفال لتقيم فصولها، فهناك مثلا فصول على الأرصفة في مواقع المشروعات الإنشائية، وإلى جوار الأسواق الكبرى ومحطات السكك الحديدية، وغيرها.
يبدأ الطفل أولا بفصول محو الأمية وتعليم القراءة والكتابة، فإذا اجتازها، انتقل إلى فصول التعليم ما قبل الابتدائي، حيث يتم إعدادهم للانتظام في المدرسة في العام الدراسي التالي، كما يتم تقييم قدراتهم الدراسية ومعرفة من يواجه منهم صعوبات دراسية، فإذا اجتازوا تلك المرحلة، أعدت المبادرات لهم وسيلة مواصلات تأخذهم إلى المدرسة وتعيدهم منها يوميا، منعا لتسربهم من المدارسة، كما تساعدهم في دراستهم من خلال فصول التقوية والتي تحسن من فهمهم واستيعابهم للمواد الدراسية، أما هؤلاء الذين يصعب جمعهم في مجتمع واحد فتعد لهم المبادرة ما يسمى بالأتوبيس التعليمي أو School on Wheel، والمصمم من الداخل كفصل دراسي مؤهل لاستقبال أطفال الشوارع أو للتنقل بين أكثر من تجمع سكاني، أما مكتبات المدارس والمجتمع وفصول القراءة فهي معدة لتحسين مستوى قراءة الأطفال واستيعابهم لما يقرأ، وهي مهارات أساسية لأي تحصيل علمي. إضافة إلى ذلك تقدم المبادرة تدريبا مستمرا للمعلمات المشاركات في المشروع كما تنظم لقاءات منتظمة لأولياء الأمور لإطلاعهم على تطور مستوى أبنائهم الدراسي، وقد أدى نجاح التجربة في بومباي إلى امتدادها إلى عام 1993 إلى مدينة بون Pune.
اعتبرت راجاني في حوارها مع موقع The Better India أن المبادرة قد حققت أهدافها حتى وإن كان البعض ممن تعلم فيها قد أنهى تعليمه أم كان قد خرج منه بعد قضاء فترة فيه، إلا أن حضوره ولو لفترة في برامج المبادرة قد غرس فيه تقدير التعليم والسعي كي يتجنب أطفاله الأمية، ويحصلوا على فرصة أفضل منه في حياتهم من خلال التعليم، وترى أن ما ساعد المبادرة على النجاح أن كل من ساهم فيها كانت لديه الخبرة في العمل الاجتماعي من قبل، وأن العمل الذي كانوا يقومون به هو عمل بسيط، تم وفق خطة محددة وكان المجتمع مهيئا لاستقباله استقبالا حسنا، لكن المشروع واجه تحد تمثل في التنقل الدائم للأطفال الذين يعيشون في معسكرات المشروعات الإنشائية، ولا زالت المبادرة تسعى لإيجاد أفضل الحلول لمواجهة تلك المشكلة.
لمعرفة المزيد عن هذه التجربة طالع موقعها:
شاهدوا فيلم قصير عن التجربة:
صفحة الدكتور مجدي سعيد على الفيسبوك