المجلةبنك المعلومات

نموذج المدارس الدولية لحركة الخدمة التركية بقلم د .مجدى سعيد

 

نموذج المدارس الدولية لحركة الخدمة التركية

بقلم : د . مجدى سعيد

اختارت حركة الخدمة التركية التي أسسها تلامذة الشيخ فتح الله كولن عدة مسارات عملية إيجابية لإعمال الفعالية الروحية وتشغيلها، من أهم تلك المسارات مسار التعليم، واختارت لنفسها في التعليم، أن تبني نماذج تحاكي أفضل مؤسسات التعليم العالمية، وهو ما يأخذ في معظم الدول التي تنتشر فيها تلك المدارس في قارات العالم، شكل المدارس الدولية، وعلى الرغم من أنني زرت بعضا من تلك المدارس في تركيا، ومصر، وأوكرانيا، فلأول مرة يقدم لي أحد مسئولي تلك المدارس شرحا للنظام التعليمي المطبق فيها، وكان ذلك في مدرسة رينبو الدولية (RIS) في سيئول بكوريا الجنوبية.

نموذج المدارس الدولية لحركة الخدمة التركية

هذه المؤسسات التعليمية وغيرها من مؤسسات الخدمة كلها أقيمت بأموال وتبرعات أهل الخير في تركيا، والذين رأوا أن يساهموا في إعادة تشكيل عقول ووجدانات أجيال المستقبل من خلال مدارس لا تقل عن مستوى أفضل المدارس في العالم، وهي مؤسسات غير هادفة للربح، ولكنها تحافظ على الاستدامة بأن تستكفي وتستقل ماليا، منها المدارس الدولية، ومنها المدارس المستقلة أو الخاصة والتي تقدم الخدمة التعليمية بأسعار أقل وبنفس جودة ومستوى التعليم الدولي، وسوف نقدم هنا مدرسة رينبو كنموذج لتلك المدارس:

يعمل في مدرسة رينبو الدولية حديثة النشأة (2012) 25 من أعضاء هيئة التدريس، ويدرس بها حتى الآن 105 تلميذ فقط حتى المرحلة الثامنة (توازي نهاية المرحلة الإعدادية)،  ولا يزيد عدد طلاب الفصل عن 16 تلميذا في المراحل من 1 إلى 5، و10 تلاميذ في المراحل التالية. المدرسة معتمدة من مجلس المدارس الدولية (CIS)، والرابطة الغربية للمدارس والكليات (WASC)، وهي عضو منتسب في الرابطة الوطنية للمدارس المستقلة (NAIS)، والمجلس الإقليمي لشرق آسيا للمدارس الخارجية (EARCOS)، والمجلس الكوري للمدارس الخارجية (KORCOS).

تعلم المدرسة للطلاب منهجا واسعا ومتوازنا، يشتمل على ثلاثة عناصر أساسية هي: المحتوى، والمهارات، والتقييم، وتتبنى المدرسة المعايير المشتركة الأساسية للدولة (CCSS)، ومقاييس العلوم للجيل القادم (NGSS)، والمعايير الوطنية للدراسات الاجتماعية، وهي كلها دعوة للتفكير عالي المستوى في مجالات المحتوى الأساسية، وتعلم المدرسة اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والدراسات الاجتماعية والفنون الأدائية، والتربية البدنية، والفنون، واللغات الكورية والتركية، والتكنولوجيا، ويتم تقييم الطلاب عبر اختبار مقاييس التقدم الأكاديمي (MAP) ثلاث مرات في العام خلال أشهر سبتمبر وفبراير ومايو.

تنبني فلسفة المدرسة على إدراكها أننا نعيش في مجتمع معولم، ,ان المدرسة قد تم تأسيسها لتلبية احتياجات الطلاب من جميع الأعراق والثقافات والأديان، وبهذا يتعلم الطلاب أن ينتموا لعائلة من بني الإنسان، تحترم اختلافات بعضها البعض. وهي مدرسة غير ربحية، تهدف لجعل التعليم الدولي متاحا لأكبر عدد ممكن من الطلاب، وكل طفل في المدرسة له قوميته وعرقه ودينه ومعتقده الثقافي المعترف به من قبل المدرسة، سواء داخل الفصول الدراسية أو في الاجتماعات أو في المجال الرياضي. ويعني الطيف الواسع من الأنشطة الصفية واللاصفية أن أمام الطلاب فرصة لاتباع المسار الذي يرغبون فيه إلى المعاهد الثانوية الملائمة. والغرض من المدرسة هو مساعدة الطلاب على التطلع إلى المستويات العليا في جميع جوانب التعلم مع الحفاظ على فضولهم وإبداعهم، وسيتعلم الطلاب من المدرسة التعاطف مع الآخرين والتفكير في قيمهم وقيم الآخرين، وهذا سوف يساعدهم على العيش في الشركات أو الجامعات في جميع أنحاء العالم مع الاحتفاظ بفضولهم وإبداعهم، وهو ما يمكنهم من العيش والنجاح في المهنة التي يختارونها.

تلتزم المدرسة بخلق بيئة تعليمية آمنة، يحظى فيها التلاميذ بالرعاية والاحترام من أجل تعزيز وتطوير معارف ومهارات وقدرات التلاميذ، وتسعى المدرسة إلى إشراك المعلمين والطلاب وأولياء الأمور للعمل معا كمجتمع لتحقيق التوقعات التعليمية لأجيال القرن الواحد والعشرين، حيث تعد المدرسة طلابها كي يكونوا:

  • ذوي تفكير نقدي وإبداعي: لديهم القدرة على تحليل الحجج واتخاذ قرارات عقلانية، يبحثون عن الحلول المبتكرة والملائمة والأخلاقية للمشاكل، يمكنهم التعامل بثقة واقتدار مع مواقف الحياة اليومية والتي تتطلب استخدام المفاهيم الرياضية والتكنولوجية، يستخدمون قدراتهم في التعرف على وجهات النظر المختلفة ويبحثون عن مواقف أكثر دقة ونزاهة بغض النظر عن ومصالحهم ورغباتهم الخاصة.
  • متعلمين مستقلين: يستطيعون صياغة ومتابعة الأهداف ويسعون لتعلم شيء جديد كل يوم، لديهم القدرة، معتمدين على ذواتهم، ولديهم دافعية ذاتية، يحلون المشاكل ويتجاوزون الصعوبات لدى اتضاحها لهم، يطورون القيم والمواقف، والمعارف والمهارات اللازمة كي يتخذوا قرارات مسئولة.
  • متواصلين بفعالية: التواصل بوضوح ودقة باللغة الإنجليزية مع احترام التنوع اللغوي، الإنصات إلى وتفسير واستخدام المعلومات بفعالية، يستخدمون التكنولوجيا كأداة للتواصل.
  • مشاركين برحمة: يسعون جاهدين للخدمة والقيادة في مجتمعاتهم، يحترمون مشاعر الناس وأفكارهم وقدراتهم وتنوعهم الثقافي، يمارسون المسئولية والملاطفة والخدمة والتعاون، يفهمون أهمية التعاطف والصدق والإنصاف والعدل.
  • متعلمين ذوي أدبيات وأخلاقيات: يسعون لتكوين علاقات صحية مع أقرانهم ومعلميهم ومع الإدارة، يبدون الاعتبار والاحترام والتقدير والقبول تجاه الآخرين، يفهمون ويحترمون القضايا القانونية والأخلاقية مثل الغش والانتحال وقوانين حقوق التأليف والنشر.
  • متعلمين متقدمين تكنولوجيا: يستخدمون التكنولوجيا كأداة فعالة لتعزيز التعلم، يبدون القدرة على التكيف والتعامل مع التكنولوجيا للاستفادة من بيئة التعلم، يستخدمون التكنولوجيا كوسيلة للوصول إلى المعلومات وإعداد الواجبات والتواصل، يفهمون ويحترمون القضايا القانونية والأخلاقية.
  • أشخاص أصحاء: يطورون ويتابعون برامج الصحة واللياقة البدنية مدى الحياة، يكتسبون مهارات بناء الفريق من خلال النشاط البدني.

ولأن التعليم ليس فقط مناهج ومقررات داخل جدران الفصول فإن مدرسة رينبو تقدم طيفا واسعا من الأنشطة اللاصفية التي يختار التلميذ من بينها 3 مرات أسبوعيا لتلاميذ الصف الأول والثاني، ومرتين أسبوعيا لباقي الصفوف، وتنظم تلك الأنشطة من خلال ما يعرف بالأندية الطلابية التي تعبر عن اهتمامات الطلاب المختلفة، إضافة لمسابقات الأولمبيات الدولية، والفعاليات الفنية والرياضية والثقافية المختلفة، والرحلات الميدانية الترفيهية التعليمية في المتاحف والمصانع والمتنزهات والحدائق المتاحة في المدينة وحولها، إضافة إلى نشاط الصحافة المدرسية والذي يشمل إصدار عددين من نشرة RIS Echo في كل فصل دراسي، إضافة إلى نشرة شهرية باسم Rainbow تحمل أخبار المدرسة، كما ينتخب التلاميذ مجلسا طلابيا من 5 من زملائهم من الصفين السابع والثامن يمثل الطلاب ومصالحهم ويشارك في وضع منهج لأنشطة بناء الشخصية Character Education كما ينظم فعاليات ومسابقات وحملات لتمويل الأنشطة الطلابية ولمساعدة الطلاب المحتاجين داخل البلاد وخارجها. كل هذه الأنشطة الهدف منها خلق الشخصية المتوازنة التي لا تميل للتحصيل المدرسي فقط، ولكنها تجمع إلى ذلك التعلم والنمو الشخصي من خلال تلك الفعاليات والأنشطة، والتي يتوقع وينتدب جميع الطلاب للمشاركة فيها، كل حسب ميوله ورغباته.

الاطلاع على تجربة تلك المدارس وشقيقاتها الكبرى من الجامعات في تركيا والعالم ضرورية لكل المهتمين بالتعليم، وضرورة للمعنيين بتشغيل الفعالية الروحية في الأمة وحسن استثمار مواردها المالية والبشرية.

للاطلاع تفصيليا على كل ما يخص المدرسة (كنموذج):

صفحة الدكتور مجدي سعيد على الفيسبوك

نموذج المدارس الدولية لحركة الخدمة التركية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى