المجلةبنك المعلومات

شريف الهجان ومؤسسته لتعليم التفكير

شريف الهجان ومؤسسته لتعليم التفكير

بقلم : د . مجدى سعيد

 

كلنا يستطيع المشي، لكن ليس كلنا يستطيع دخول مسابقات في المشي، وكلنا يستطيع العدو، لكن ليس كلنا بقادر على دخول مسابقات مائة متر عدوا، ناهيك عن دخول سباق ماراثون، فكل تلك المسابقات تحتاج إلى تدريب وتعليم، كذلك فإن كلنا يفكر، ولكن ليس كلنا بقادر على التفكير بطريقة منهجية وعلمية سليمة، من أجل ذلك ابتكر إدوارد دي نولو مناهج في تعليم التفكير كمنهج ومادة تعليمية مستقلة وقائمة بذاتها بدأت تغزو مدارس وجامعات العالم منذ عام 1970، حتى وصلت إلى ما يربو على 76 دولة في العالم، وفي مصر بدأ الأستاذ الدكتور شريف الهجان يسعى لنقل التجربة إلى مصر ، ومن أجل هذه المهمة أسس “مؤسسة الهجان لتعليم التفكير” في فبراير عام 2012.

الأستاذ الدكتور شريف الهجان هو أستاذ الهندسة المدنية بجامعتي القاهرة والأمريكية، واستشاري في الاستثمارات العقارية والسياحية ومؤسس ورئيس تنفيذي لإحدى الشركات المتخصصة في تحكيم المنازعات العقارية، وهو فضلا عن ذلك صاحب صالون متخصص في تذوق الموسيقى الكلاسيكية، كان يعقده في بيته بالعجوزة قبل أن ينقل تجربته لعدد من المؤسسات الثقافية العامة. تخرج الدكتور الهجان من قسم الهندسة المدنية بجامعة القاهرة عام 1972، وحصل على الدكتوراه في الهندسة الجيوتقنية من جامعة شيفيلد بإنجلترا عام 1978، وعمل بتخصصه في بريطانيا عامين ونصف، ثم عمل بأحد المشروعات المائية في الكويت لمدة عشر سنوات، ثم شارك في تأسيس شركة خاصة متخصصة في إدارة العقود والتحكيم والتفاوض العقاري منذ عام 1993 وحتى الآن. وهو ﺯﻣﻴﻞ ﻣﻌﻬﺪ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﻴﻦ ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﺍﻟﻤﻠﻜﻰ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻰ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﻴﻦ (FCIArb) ﻟﻨﺪﻥ، وﻭﺳﻴﻂ ﻣﻌﺘﻤﺪ ﻣﻦ CEDR بلندن.

بدأ اهتمام الأستاذ الدكتور شريف الهجان بمناهج تعليم التفكير منذ أن كان يدرس للدكتوراه في شيفيلد (1974 – 1978) كاهتمام شخصي، يسعى لتطبيقه في أولاده وأحفاده، إلى أن كانت الثورة، فسعى لأن يكون ﻣﺪﺭبا ﻣﻌﺘﻤﺪا ﻣﻦ مؤسسة ﺩﻯ ﺑﻮﻧﻮ المتخصصة في تعليم اﻠﺘﻔﻜﻴﺮ بأﻛﺴﻔﻮﺭﺩ- ﺍﻧﺠﻠﺘﺮﺍ، وقام بتوقيع اتفاقية مع مؤسسة دي بونو تجيز له التدريب في مصر، ومن ثم بدأ في نقل أهمية الموضوع إلى الجمهور العام عبر عدد من الندوات العامة واللقاءات التلفزيونية، ثم سعى إلى تأسيس مؤسسة خاصة بالأمر، حصلت على ترخيصها في فبراير من عام 2012، ولأنه كان ولا زال يعمل في هذا الموضوع متطوعا كما بؤكد دائما، فإن مؤسسته تسعى لنشر منهج التفكير في أوساط الأكثر احتياجا له من طلاب المدارس والجامعات الحكومية بالأساس، إضافة إلى نشره في الأوساط العامة ليصل لكل مواطن مصري.

سارت المؤسسة لتنفيذ أهدافها عبر مسارين:

المسار الأول: السعي لتطبيق مناهج التفكير في مدارس وزارة التربية والتعليم، وقد بدأ هذا المسعى خلال فترة رئاسة الأأستاذ الدكتور عصام شرف للوزارة، فأعد الدكتور شريف مذكرة موجزة عن الأمر اعتكف لإعدادها على مدى 160 ساعة كما قال في أحد لقاءاته، وتوالت مساعيه منذ ذلك الوقت عبر متواليات وزارات التعليم المختلفة، وبعد أن حصل على موافقة ودعم من الدكتور محمود أبو النصر وزير التعليم السابق، توقف الأمر عند وزير التعليم الحالي وعند رؤساء المراكز المتخصصة التابعة للوزارة بالرغم من لقائه بالمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الحالي لشرح أهمية وحيوية الأمر له. وإذا كان هذا المسار قد توقف الآن، إلا أنه قد أثمر عددا من الدورات التدريبية لعدد من معلمي الوزارة خلال فترة الدكتور أبو النصر.

المسار الثاني: هو قيامه بتدريب مجموعة من المتطوعين من مرتادي صالون الهجان، إضافة إلى مجموعة أخرى من المتطوعين تحت إشراف الأستاذ الدكتور صفوان خضر الأستاذ بالجامعة الأمريكية بما يصل مجموعه إلى 65 متطوع ، ثم توالت بعد ذلك الدورات التدريبية.

أهمية “تعليم التفكير” كما يقول الدكتور شريف الهجان تأتي من كون المشكلة الأساسية للتعليم في مصر تكمن في أساليب وطرق التدريس التي تعتمد على الحفظ وتعاقب على التفكير، وينقل الدكتور في هذا خلاصة تقرير أعدته الإيكونوميست البريطانية عن التعليم في مصر عام 2010، أشرت فيه إلى أن مشكلة التعليم في مصر ليست في مناهج ومواد التعليم ولكن في غياب التفكير، وأن التعليم المصري يمكن أن يقارن بالتعليم في تركيا عام 1980، وفي كوريا الجنوبية عام 1960، وفي أوروبا أواخر القرن التاسع عشر. وكما يقول الدكتور الهجان فإنه لا مناص من تطوير التعليم، فهو رقم 1 في أي تغيير، وأن تعلم التفكير هو الأساس، وأن هذا الأاساس غائب عن جميع مدارس مصر عامة وخاصة (باستثناء مدرسة واحدة بدأت تطبيقه بعد ذيوع كلام الدكتور الهجان حوله). وقد كتب الأستاذ فهمي هويدي عن الموضوع مقالا في مارس 2013 أشار فيه إلى ما يفيد بأن الدراسات التي أجريت على نتائج تطبيق “تعليم التفكير” في المدارس أفاد المعلمون فيها بأنهم لاحظوا تطورات إيجابية في حلقات المناقشة بين التلاميذ، منها: زيادة الرغبة في الإصغاء للآخرين، ونقص التمركز حول الذات، وزيادة القبول والتسامح مع الآخرين، وتناقص الابتعاد عن صلب الموضوع، وزيادة الرغبة في التفكير في الموضوعات الجيدة بدلا من رفضها، والتوجه نحو الاستكشاف بدلا من نقص الأفكار أو الدفاع عنها.

يتضمن برنامج التدريب على تعليم التفكير للمتطوعين 6 كورسات، مدة كل كورس 10 حصص، يستطيع من يحصل عليها أن يصبح هو بعد ذلك متخصصا ومدربا، ولنقل الأمر إلى المدارس يقترح الدكتور الهجان تعليم مدرس في كل مدرسة، يستطيع أن يقوم بتدريس المادة للتلاميذ في حصة أسبوعيا، كما يستطيع بعد ذلك تدريب وتعليم مدرسين آخرين، وبذلك يسهل تطبيق المنهج في جميع مدارس مصر.

وكما قلنا فإن الباب الحكومي أغلق في وجهه كالعادة (كما حدث قبل ذلك مع المدخل المنظومي في التدريس والتعلم)، فليس لحكوماتنا السنية أي رغبة حقيقية في تطوير التعليم، ومن ثم تأتي هنا أهمية دور المبادرات والمؤسسات الأهلية في اختراق هذا الحجاب الحاجز، وتعليم مناهج التفكير للتلاميذ والطلاب بدءا من سن 8 أو 9 سنوات عبر برامج تلك المؤسسات التي تساعد التلاميذ في تعليمهم، كمؤسسة نبني أو أكاديمية التحرير أو علمني أو غيرها من المبادرات المعنية بالنشئ والشباب بداية من هذا السن الصغير إلى ما لا نهاية من العمر، فتعليم التفكير صالح للأطفال والكبار، للأمي وللحاصل على جائزة نوبل، لا فريق بين هؤلاء جميعا في حاجتهم إلى الأمر.

للمزيد طالعوا:

موقع مؤسسة الهجان:

صفحة الدكتور مجدي سعيد على الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى