اختراعاتاختراعات بيئيةاختراعات زراعية

شجرة الـ”اينغا”.. تثبت النيتروجين في التربة وتساعد في اعادة بناء التنوع البيولوجي

في خضم حرائق الغابات المدمِّرة وإزالة الأراضي الزراعيّة في الأمازون، يمكن لنوع من الأشجار يسمّى “إينغا” يتميّز بقدراته في مجال الحفاظ على خصوبة التربة أن يحمل بصيصاً من الأمل لمواجهة الوضع الخطير في الغابات المطيرة.

وإضافة إلى أنّها تستطيع أن تنمو في التربة الفقيرة جداً التي خلّفها قطع الأشجار المدمِّر وحرق الغابات، يمكن لشجرة “الإنغا” المعروفة أيضاً باسم شجرة “فول الآيس كريم”، أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين بنية التربة وجعلها خصبة بما يكفي كي تنمو أنواع الأشجار الأخرى مجدداً.

في الوقت نفسه، يستفيد المزارعون من أشجار “إينغا” عبر بيع ثمراتها، وإطعام أوراقها للماشية، وإجراء عملية تنسيغ لها، بمعنى قطع الأجزاء العليا من سيقانها للحصول على الحطب، ما يعطي الناس أسباباً كثيرة للاستثمار في زراعتها.

في الواقع، تُعتبر تلك الأشجار، التي تتفرع منها مئات الفصائل المتنوعة، مفيدة بشكل استثنائيّ لأنّها تشارك في ما يُعرف بعملية تثبيت النيتروجين [امتصاص مواد من التربة بطريقة تؤدي إلى الإبقاء على مواد اخرى تحتوي على النيتروجين]  وهو عنصر غذائيّ رئيس بالنسبة إلى النباتات.

في هذا المجال، يهدف مشروع وُضع بغية دعم المزارعين الذين يرغبون في زراعة أشجار “الإينغا” إلى ضمان أنهم سيحصلون على مدخول جيد عبر زراعة هذه الأشجار، علماً بأنّها تعتبر [من ناحية التصنيفات العلمية الصرفة] نوعاً من البقوليات.

في سياق متصل، تحدّث إلى “هيئة الإذاعة البريطانية” (“بي. بي. سي”) توبي بنينغتون، وهو بروفيسور في التنوّع النباتيّ الاستوائيّ والجغرافيا الحيويّة في جامعة “إكستر” البريطانية. وبيّن أنه “حتى بين البقوليات، تملك تلك الأشجار معدلات نمو مذهلة”.

كذلك تعدّ النظم الإيكولوجية التي تحتضنها تلك الأشجار تحت أغصانها وسيلة حيويّة لتعزيز التنوّع البيئيّ ومساعدة المزارعين في الحصول على عوائد ماليّة أكبر.

وأضاف البروفيسور بينينغتون، “إذا كنت قد ارتشفت هذا الصباح فنجاناً من القهوة المستوردة من أحد بلدان أميركا اللاتينيّة، فعلى الأرجح أنّ نبتة البن التي صُنع منها كانت تنمو تحت ظل واحدة من تلك الأشجار”.

إضافة إلى ذلك، يوفر الغطاء الأكبر للأراضي التي تُزرع فيها أشجار “الإينغا” معابر حيويّة للحياة البريّة في الأمازون التي تنقسم إلى مناطق ممزقة على نحو متزايد.

في ذلك السياق، يأمل “معهد أورو فيردي (غرين غولد)” الذي يقف وراء هذه المبادرة، أنّه عِبْرَ تشجيع زيادة التنوّع البيولوجيّ في المناطق المتأثرة فعلاً بالحرائق إزالة الأحراج، يغدو مستطاعاً تقليل بعض آثار تغيّر المناخ.

ووفقاً لـ”مؤسسة إينغا”، تحمي زراعة  تلك الأشجار “التربة وتكافح الأعشاب المضرة وتحمي أيضاً مجموعة من المغذيات”. وعلى الرغم من ذلك، يجب أن تتزامن محاولات إعادة المساحات الخضراء إلى الأمازون مع وقف تدمير الغابات المطيرة.

يُشار في هذا الصدد إلى أنّ الحرائق في الأمازون ازدادت بنسبة 84 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لبيانات الأقمار الاصطناعيّة الصادرة عن “المعهد الوطنيّ لبحوث الفضاء” في البرازيل. مثلاً، في يونيو (حزيران) الماضي نشر المعهد بيانات توضح حدوث زيادة بنسبة 88 في المئة في اجتثاث الغابات في منطقة الأمازون بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي.

وللأسف، أدى صدور تلك البيانات إلى توجيه اتهامات بالكذب من الرئيس البرازيليّ جايير بولسونارو إلى مدير “المعهد الوطني لبحوث الفضاء”، ما تسبَّب في طرده على ما يبدو.

من ناحية اخرى، رأى محلِّلون أنّ خسائر كثيرة تأت من طريق قطع الأشجار وغزو الأراضي البريّة غير الخاضعة للرقابة، وقد حدث بعض من ذلك في مناطق محميَّة ومحميات محليَّة.

من بين أولئك المحللين البروفيسور توماس لوفجوي من جامعة “جورج ميسن” الأميركيّة، الذي يدرس الأمازون منذ عام 1965. وفي أغسطس (آب) الماضي أخبر “الإندبندنت” عن وجود دلائل تشير إلى أنّ الغابات المطيرة الحيويّة في طريقها إلى مزيد من الاجتثاث الموسع، ويمكن أن تصل قريباً إلى “نقطة تحوّل” تخرج فيها عن سيطرة الإنسان وتتسبَّب بكارثة للغابات، ومن ثم للحياة على كوكبنا.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى