نابغونمبدعون

صاحب خدمات جليلة للمعرفة والثقافة والإبداع والإنسانية.. الشاعر الدكتور عبد الولي الشميري.. سيرة ومسيرة

إعداد / محمد أبو الوفا

حظيت شخصية المثقف العربي الكبير, السفير الدكتور عبد الولي الشميري باهتمام كثير من الباحثين والعلماء والمفكرين والشعراء، داخل الوطن العربي وخارجه، حيث شكّلت مسيرته العلمية والإبداعية ومواقفه الإنسانية، موضوع العديد من الندوات العلمية والمؤتمرات والأيام الدراسية والملتقيات الشعرية، وكذلك موضوعاً لعدد من الرسائل الجامعية، والكتب النقدية الفردية والجماعية، وله تأثير واضح في كثير من مجالات الحياة في اليمن وفي محيطه العربي والإسلامي والدولي، فقد كَتَبَ في التاريخ والشعر والثقافة والتراجم والسير، ومن مؤلفاته (موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه), وقد صدرت في عشرين مجلدا، وطبقت شهرتها الآفاق، وغيرها من التآليف الغزيرة، والإسهامات العلمية والأدبية العديدة المتوافقة، وما طبع شخصيته من روح العمل الجاد والمتواصل مع التحلي بقيم أخلاقية فاضلة ومُثلٍ عُليا أهّلته للتأثير في القلوب قبل العقول وبمعيتها، وفي امتلاك رصيد وافر من الاحترام والتقدير، فضلا عن غنى ما خلّفه من أدب وعلم، ينطق بحكمة أهل اليمن السعيد.

إبداعات متعددة

أبدع عبد الولي الشميري في مجالات متعددة، ومنها الشعر العربي، وخاصة القصيدة العربية الفصيحة والزجلية (الشميري من رواد الشعر الحُمَيْني المتميز في بلاد اليمن)، والملونة بأطياف الأصالة والحداثة والتجديد، والمنفتحة في الآن نفسه على عوالم الذات والوطن والرؤى المُلهِمة والفريدة، لاستكناه القيم الإنسانية في عمقٍ شعري ووجداني جدير بالاهتمام، لما فيه من حكمة وسحر وجمال يأسر الألباب ويرتقي بالذوق.

نوافذ جديدة

استطاع الشاعر عبد الولي الشميري في قصائده الشعرية البديعة رصد عالم يحفل بالتناقضات والرؤى المزيفة التي تنزع عن الإنسان بعده القيمي والروحي، محاولاً – هذا الشاعر – بكل ما أوتي من بلاغة الإمتاع وامتلاك ناصية الشعر والإبداع، أن يفتح نوافذ جديدة يطل منها على ما هو أسمى في الإنسان؛ أي بعده الأصيل في صفاء الفطرة التي تميل إلى المحبة والإخاء والنبل والكرم والعطاء، فكانت قصائده الشعرية ملتقى الجمال والجلال، ومنبع الخير للإنسانية، ولا شك أنّ هذه المعاني السامية، لم تكن غريبة على شاعرٍ من اليمن الحكيم، ومن أرض الشعر والشعراء والأمثال والقصص الخالدة والشهامة العربية، ولذلك فاضت قصائد عبد الولي الشميري بمعاني المحبة الإنسانية، والعواطف الجياشة والصادقة، فقد نطق بالحكمة قبل الشعر، وبالمعنى في ثنايا المبنى، وبمعنى المعنى في سياق السَّفر الشعري، والرّجل قبل ذلك وبعده، رحّالة وسفير، يعرف خبايا الجغرافيا وطبائع البلدان والشعوب، وجمع في نصوصه الشعرية بين قوة اللفظ وأصالة المعنى.

النشأة والمولد

ولد الشاعر الدكتور عبد الولي الشميري يوم 26/12/1375 هـ – 4/8/1956م ولد في قرية (الخريبة) من بادية شمير، حيث أنجبته أمه السيدة فاطمة بنت أحمد بن أحمد الزربي، من والده العلامة المتصوف (عبد الوارث فرحان عبد الله)، رحمه الله.

نشأ في رعاية أبويه، وترعرع في قريته، وفي كتابها الصغير حفظ القرآن الكريم، وتعلم القراءة والكتابة، على يد أستاذي الكتّاب؛ هما: ابن عمه الأكبر (عبد الرؤوف عبد الله فرحان)، وخاله الخطاط (عبد الغني أحمد). وحفظ متونا في فقه مذهب الإمام الشافعي، ومبادئ العقيدة، وعلم التجويد، ثم التحق برباط العلامة (عبد السلام محمد عبده سعد الحداد)، في قرية الحقيل، وعلى يده حفظ متونا في علم النحو، وفقه العبادات، ثم التحق بالعلامة الفقيه (عبد الجليل غالب النهاري)، في قرية الحضونة، وعلى يده درس علم الفرائض الشرعية في علم المواريث، وفقه المعاملات والعقود، ثم سمع من فقيه شمير العلامة الفقيه (عبد الرقيب حامد عبد الحميد)، في قرية الهقيف.

الدراسة فى الأربطة العلمية

ولما عاد والده (عبد الوارث فرحان)، من مهجره من مدينة برمنجهام البريطانية جود على يده القرآن الكريم والتلاوة، ودرس متونا في علم التصوف. ثم أرسله للدراسة في مدينة الأربطة العلمية في مدينة زبيد، وأقام في رباط السيد (يحيى بن عمر الإدريسي)، وكان أزهى رباط يكتظ بالطلاب الوافدين إليه من أنحاء اليمن، وبالعلماء المدرسين، وتلقى تعليمه على يد مفتي زبيد العلامة (محمد بن سليمان الأهدل)، وعلى ولده العلامة (محمد بن محمد بن سليمان)، وعلى يد العلامة المحقق (أحمد بن داود البطاح)، والعلامة اللغوي (محمد بن عمر الأهدل)، وسمع من العلامة (أسد بن حمزة) مفتي الحنفية، ودرس على إمام النحو والصرف السيد الخطيب (محمد بن علي البطاح)، وعلى يد إمام الحنفية (محمد بن عبد الله بازي)، وغيرهم من علماء رباط العلامة (البطاح)، حتى نال إجازة علمية، في الرواية والدراية من أكثر من عشرين عالما ومفتيا.

زبيد.. حيث نمت الموهبة

وفي مدينة زبيد نمت موهبته الشعرية التي ترعرعت في صباه من بادية شمير، وكانت قصائده وطنيات، أو مناجاة، أو غزل، أو تصوف، ثم عاد إلى مدينة تعز والتحق بالمدرسة النظامية الثانوية بمستواه العلمي، وتلقى في تعز على يد الشيخ (عمر أحمد سيف)، والشيخ (محمد بن سالم البيحاني)، ثم انتقل إلى مدينة الحديدة، مدرسا في معهد النور العلمي، مادة البلاغة، والبيان، والبديع، واللغة العربية نحوا وصرفا، وتلقى على أيدي علماء الحديدة، منهم: العلامة (محمد علي عجلان)، والعلامة (عبد الله مكرم)، والعلامة (عبد القادر مكرم)، والعلامة (محمد علي مرعي)، والشاعر (عبد الله إبراهيم الضحوي)، ثم التحق بكلية اللغة العربية فرع جامعة الإمام محمد بن سعود، في مدينة (أبها)، وحصل على شهادة الليسانس في اللغة العربية عام 1403هـ/ 1983م، وانتخب في مدينة الحديدة أمينا عاما لمجلسها البلدي، عام 1398هـ/ 1978م.

الشميري وجمال الغيطاني وجميلة على رجاء وأولى فعاليات منتدى المثقف العربي

الالتحاق بالسلك العسكري

ثم التحق بالسلك العسكري، وتدرج في رتبه العسكرية، وقاد عمليات أثناء حروب الريف في اليمن في عدة مناطق، ضد الجبهة الوطنية التي تبنت الفكر الماركسي بدعم من الاتحاد السوفياتي، وعمل خلالها مديرا وقائدا لناحية مقبنة، وخلال عمله فيها، قام ببسط الأمن في أريافها، ومناطق من العدين، وشرعب، والمناطق الوسطى وأسس عددا من مشاريع مياه الشرب، لجميع سكان القرى، المترامية الأطراف، في شمير وشرعب، وشق فيها طرقا إلى كل القرى في جبالها الشمّاء، وابتنى أكثر من ستين مدرسة، وأكثر من عشرة معاهد علمية، ومستوصفات طبية، وحل عددا كبيرا من قضايا النزاعات، والثارات بين الأفراد والقبائل.

ثم التحق بالمعهد العالي للإدارة بصنعاء، وحصل على الدبلوم العالي عام 1404هـ/ 1984م، ثم عين مديرا عاما لمديرية شرعب، إلى جانب عمله قائدا لمعسكر هكمان، وعمل فيها على بسط الأمن والاستقرار بعد الحرب الأهلية، وقد تعرض مرارا خلال الحروب لمحاولات اغتيالات فاشلة. وفي عام 1407هـ/ 1987م سجل في الدراسات العليا للماجستير في مجال الأدب المقارن، في كلية الدراسات الشرقية بأكسفورد، فحصل على درجة الماجستير عام 1410هـ/ 1990م، وخلال تحضير الرسالة العلمية عاد إلى اليمن، وانتخب عضوا في أول (برلمان منتخب) مجلس الشورى عام 1408هـ/ 1988م، عن ناحية مقبنة، وخلال عمله في البرلمان، عمل عضوا للجنة التعليم، ولجنة الشؤون الخارجية. وشارك في صياغة ومناقشة عدد من قوانين دولة الوحدة اليمنية التي تحققت بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، في عام 1410هـ/ 1990م.

رسالة الدكتوراة

ثم تفرغ لتحضير الدكتوراه في كلية اللغات الشرقية بجامعة البنجاب حتى حصل على درجة الدكتوراه، في الأدب العربي قسم الشعر، عام 1414هـ/ 1993م.

وممن ناقشه فيها العلامة الكبير, الدكتور شوقي ضيف، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، والدكتور علي عشري زايد، والدكتور رجاء جبر، من جامعة عين شمس، وأشرف عليه الدكتور ظهور أحمد أظهر.

تأسيس مؤسسة الإبداع

انتخب عن دائرة في شمير عضوا في مجلس النواب 1413هـ/ 1993م. وأسس خلالها (مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون)، في صنعاء، وابتنى لها مقرها الحالي وأسس مكتبتها العامة التي تضم عشرات الآلاف من المصادر والمراجع والدوريات التاريخية النادرة والمخطوطات، وقد رعى من خلال مؤسسته هذه تحقيق عدد من مخطوطات كتب التراث، ونشرها، وانتظمت فيها الملتقيات والمهرجانات الثقافية، وما زالت تؤدي دورا ثقافيا رائدا. استدعي في صيف 1414هـ/ 1994م للعودة للجيش إبان حرب محاولة التراجع عن الوحدة اليمنية بين طرفي الوحدة: الرئيس علي عبد الله صالح، ونائبه علي سالم البيض. وبانتهائها بعد سبعين يوما، عاد لعمله في مجلس النواب، ثم عين محافظا لمحافظة مأرب، عام 1416هـ/ 1995م، واستمر في عمله هذا ثلاث سنوات، كرس جهوده خلالها لنشر التعليم بين أبناء القبائل، وإبرام الصلح العام بين القبائل التي كانت الحروب والثأرات فيما بينها مشتعلة، وتوقفت خلال عمله بها، جرائم قطاع الطرق، والتعديات على حقول النفط، واختطافات السواح التي كانت لا تتوقف.

القاهرة.. والتفرغ العلمي

وفق لبناء مستشفى مأرب العام، وإقامة مشاريع المياه والكهرباء، وأسس أول مكتبة أهلية في براقش من حصون الدولة المعينية القديمة. وشارك في مجموعة المؤسسين لبنك التضامن الإسلامي في اليمن، وظل عضوا لمجلس إدارة البنك حتى انتقل إلى مصر، بعد محافظة مأرب، واستقر في القاهرة، للتفرغ العلمي لمدة سنتين ليتولى الإشراف على إصدار بعض مؤلفاته، ولرعاية والده المريض فيها. ثم عين سفيرا بوزارة الخارجية اليمنية، عام 1421هـ/ 2000م، ثم عين مندوبا دائما للجمهورية اليمنية لدى جامعة الدول العربية، عام 1421هـ/ 2001م، ثم عين سفيرا فوق العادة لدى جمهورية مصر العربية، إضافة لعمله مندوبا لليمن لدى جامعة الدول العربية عام 1425هـ/ 2004م، وظل يرأس البعثتين.

تأسيس منتدى المثقف العربي

أسس في القاهرة مكتبة عامة وأوقفها، وأكبر تجمع ثقافي عربي، وسماه: (منتدى المثقف العربي)، وأصدر مجلة (المثقف العربي) الشهرية، ثم مجلة (تواصل) الفصلية، ورأس تحرير المجلتين، وعقد أكثر من ستين ملتقى ثقافياً وإبداعياً في هذا المنتدى، والذي ارتاده آلاف من المثقفين، والشعراء، والأخصائيين، والمفكرين، من دول عديدة.

ولد منتدى المثقف العربي في حجر النيل المبارك ورضع من ثغرة الأطيب شهد البلاغة وكوثر البيان وحلق كالباز في افاق ثلاثة: (الأدب – الثقافة – الفن).

ومنذ انطلاقته الميمونة في شهر نوفمبر 2000 ميلادية وقف على منصته عدد من كبار المفكرين والموهوبين والمثقفين والأدباء والشعراء من كافة اقطار الوطن العربي حتى شب عن طوق شكوك البدايات ومخاوف السلبيات.

كان منتدى المثقف العربي قد حمل على كاهله مسئولية الوصول بفكره الوسطى، وذوقه الأدبي، ورسالته النيرة: إلى الأوساط المهتمة بالثقافة والأدب والفن في كل الأقطار التي مكنه الوصول إليها.

وذلك من خلال مشاركات حضورية ومجلة شهرية ثقافية أدبية فكرية جامعة صدرت في عامها الأول تحمل اسم “المثقف العربي” وتحمل قطوف الثقافة والأدب والفن، ثم تطورت في عامها الثاني فأصبحت مجلة جامعة متنوعة الموضوعات شيقة العرض أنيقة الإخراج وفي جناياها مجلة خاصة باسم “المثقف الصغير” صغير الحجم كالاطفال، مرحة، مهذبة، يكتب فيها مؤلفون متخصصون، ومربون ماهرون.

الدكتور الشميري والشاعر الراحل الورداني ناصف فى مدينة الحسينية بمصر

يقول الأستاذ خالد الرويشان وزير الثقافة والسياحة اليمني الأسبق “الحديث عن منتدى المثقف العربي وراعية هو حديث يدعو فعلاً كل من تناول هذا النشاط وهذه الفعاليات وهذه الحيوية الدائمة على المستوى العربي وفي القاهرة قلب العرب النابض، وبشكل دائم ومستمر وبشكل لافت للنظر حقاً لابد من إعلان وإهداء التحية لراعي المنتدى وللمنتدى للتنظيم المستمر ولفروع المنتدى حتى في العالم العربي وفي صنعاء على وجه التحديد”.

ثم أردف “وأحسب أن هذه الحيوية في القاهرة محسوبة للدكتور/ عبد الولي الشميري ومحسوبة للمثقفين اليمنيين بشكل عام وإخوانهم المصريين الذين أحتضنوا هذه الفعاليات بكل هذا الزخم من الحب ومن الاهتمام وأزعم أن هذا النشاط فريد من نوعه في تاريخ الثقافة العربية حيث اصبح حديث الشارع الثقافي في مصر وفي اليمن وخاصة أنه مهتم بتنويع نشاطه وانفتاح ذلك على كل الألوان الثقافية والمعرفية بشكل عام”.

منتدى المثقف العربي نشاط زاخر وجامع لكل المثقفين العرب

ويقول فاروق حسنى وزير الثقافى المصري السابق: “إن نشاط منتدى المثقف العربي يمثل في الواقع إضافة مهمة للعمل الثقافي العربي وقد فوجئت اليوم – حقيقة – ونحن نستعرض فيلماً عن نشاط المنتدي الذي تم خلال الفترة الماضية لكل تلك الفعاليات لقد كان نشاطاً زاخراً وجامعاً لكل المثقفين المصريين، والمثقفين العرب، في حوارات جميعها حوارات مفيدة، سواء أكانت سياسية أو أجتماعية أو غيرها من الحوارات.

وهذا في حد ذاته يعطي نوعاً من التباين وظهور وجهات النظر ونوعاً من الحركة والزخم الثقافي”.

الأصالة والمعاصرة

وقال عن المنتدى العلامة المصري الكبير د. الطاهر مكي: “المنتدي عمل أدبي جدير بالتقديم يقوم بنشاط رائع في مجال خدمة الثقافة والمثقفين وفي نطاق الحافاظ علي تراثنا، اما في دائرة تجديده فهو منتدي منتظيم لا ينسي الماضي أو يتجاهل المستقبل وبذلك يؤدي خدمة جليلة للغة العربية، فهو منتدي أصيل ومعاصر “.

ملتقى العرب الأول

وقال عن المنتدى الدكتور سليمان الشيخ سفير الجزائر والمندوب الدائم بجامعة الدول العربية السابق: “منتدي المثقف العربي هو ملتقي العرب الأول في القاهرة وجسر التواصل بينهم، وبفضل المنتدي تعرفت علي النخبة المثقفة العربية، وأجمل شئ في المنتدي هو التنوع والتلقائية”.

الشميري وتأييد الثورة اليمنية

ثم نحى نفسه عن عمله مندوبا دائما، وظل سفيرا لليمن لدى مصر حتى شهر مارس 2011م وقدم استقالته، وأيد ثورة التغيير السلمية في اليمن، ثم انتقل إلى المملكة المتحدة البريطانية، واستقر بمدينة (برمنجهام) وتابع إصدار مؤلفاته، وأنشطته الثقافية والعلمية، ومنها موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه، وعلى صفحته الثقافية الأدبية للتواصل الاجتماعي ما يفوق مليوني ونصف من المتابعين، كما عمل أستاذا جامعيا محاضرا في عدد من الجامعات، وأشرف وناقش عشرات من الأطروحات العلمية في كليات الآداب، والإعلام، منها ما ضمته جامعة الأزهر الشريف، وجامعة القاهرة، وجامعة المنصورة، والإسكندرية، وكلية دار العلوم، وجامعة المنيا، وأسيوط، ومعهد الدراسات العربية. صدر له من المؤلفات: عشرين كتابا مطبوعا في الشعر والأدب، والثقافة والسياسة والتاريخ. وهو عضو ومؤسس في أكثر من عشرين مؤسسة ومنتدى وجمعيات ثقافية في الوطن العربي وخارجه، وله رحلات علمية وأكاديمية، وثقافية، لأكثر من ثمانين دولة حول العالم، اعتمد في حياته الاقتصادية، خلال دراسته على إنفاق والده رحمه الله، ثم أنشأ عدة شركات تجارية، واعتمد على عائداتها للإنفاق على أنشطته وأعماله. نشرت له عشرات من المجلات والصحف مئات من المقالات في مجال الثقافة والسياسة والآداب، وله بعض قصائده الشعرية الوطنية والعاطفية مغناة.

المشروع الإنساني

لو ارتأى الدكتور عبد الولي الشميري لملمة مختلف محطات سيرته الذاتية، لكلفه الأمر وقتا طويلا ومجهودا ذهنيا وتذكريا كبيرا، ولجاءت في مجلدات، طافحة بالمحكيات والمغامرات والأحداث والذكريات والنوستالجيا، ومفعمة بالحياة، وحاملة لرسائل عديدة، في معنى الامتلاء، والالتزام، والمواجهة، والمثابرة، وفي معنى أن تكون منشغلاً بهموم عديد من القضايا الوطنية والقومية والمصيرية، ومدافعا عنها. ولا صعوبة في ذلك بالنسبة لمفكر من طينة الدكتور عبد الولي الشميري، فهو، قبل هذا وبعده، يملك من قدرات الكتابة، بيانا وسردا، ما يمكنه من أن ينشر فينا سيرة ذاتية مختلفة، فهو الشاعر العربي الذي خبر “ديوان العرب” منذ نعومة أظفاره، وهو الراوي الذي خبر “سير القدماء والمحدثين وتراجمهم”، حفظه الله ومتعه بموفور الصحة والعافية وأطال في عمره، حتى يواصل مشروعه الإنساني والنضالي والفكري والأدبي، بما يرضي الله ووطنه وأمته…

مجموعة من مؤلفات الدكتور الشميري

من مؤلفات الشميري:

1-   (درر النحور)، ديوان ابن هتيمل، القاسم بن علي بن هتيمل، شعر وسيط، دراسة وتحقيق، (رسالة الدكتوراه)، ثلاثة مجلدات، صدر عام 1997م.

2-   (أوتار)، شعر فصيح، طبع 5 طبعات، صدرت الطبعة الأولى عام 2003م.

3-   (وحشتنا)، شعر حُمَيْني، وزجل صوتي، صدر عام 2002م.

4-   (قيثار)، شعر فصيح، وحُميني، أربع طبعات، صدرت الطبعة الأولى عام 2007م.

5-   (حنين)، من شعر الحنين في الأدب العربي، وصدر في طبعتين، الأولى عام 2004م.

6-   (العطر)، شعر فصيح ومناجاة، ط 1.

7-   (خواطر وذكريات)، جزآن، صدر عام 1991م.

8-   (من أعلام الاغتراب اليمني)، تراجم شخصيات يمنية مهاجرة، ثلاث طبعات، صدرت الطبعة الأولى عام 2002م.

9-   (من أوراق الأحرار)، مقالات في السياسة والثقافة، صدر عام 2002م.

10-  (الحب في الأدب العربي)، دراسات نقدية.

11-  (ثقافة المقاتل)، دروس في العقيدة والوعي.

12-  (الحرب في الأدب العربي)، دراسات نقدية لنصوص شعرية.

13-  (دستور الحياة)، مقالات تربوية في الإيمان والعمل.

14-  (ألف ساعة حرب)، من تاريخ اليمن السياسي والعسكري، جزآين، خمس طبعات، صدرت الطبعة الأولى عام 1994م.

15-  (الاستراتيجية العسكرية لعاصفة الصحراء)، تاريخ في حرب العراق، ثلاث طبعات، صدرت الطبعة الأولى عام 1992م.

16-  (أزهار)، شعر، صدر عام 2015م.

17-  (قلعة القاهرة)، تاريخ قلعة القاهرة بتعز، صدر باللغتين العربية والإنجليزية، ثلاث طبعات، الطبعة الأولى عام 2015م.

18-  الباقة الشعرية الأولى (أوتار، قيثار، أزهار)، صدر عام 2015م.

19-  (شروخ في جدار الوطن)، مقالات في الثقافة والسياسة.

20-  (موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه)، تراجم وسير، صدرت في عشرين مجلد، عام 2018م.  www.al-aalam.com

تكريمات وأوسمة:

– درع جامعة الدول العربية، القاهرة.

– درع جامعة المنصورة للعلوم، مصر.

– درع جامعة أسيوط، مصر.

– درع جامعة بيرزيت، فلسطين.

– درع كلية دار العلوم، جامعة القاهرة.

– درع جامعة حلوان، مصر.

– درع وزارة العدل المصرية.

– درع مؤسسة مفدي زكريا، الجزائر.

– درع مؤسسة عبد المنعم الصاوي للثقافة، مصر.

– درع مؤسسة خليفة (ملتقى البحرين)، البحرين.

– درع الجالية العربية بمحافظة (ددلي) بريطانيا.

– وسام الواجب، اليمن.

– وسام الشرف، اليمن.

– وسام البطولة، اليمن.

– وسام الوحدة، اليمن.

– وسام ثورة 26 سبتمبر، اليمن.

– درع أبطال الأمن المركزي باليمن.

– درع مركز الحضارة الإسلامية ببريطانيا (منشيستر).

– درع وزارة الثقافة اللبنانية، بيروت.

– درع رابطة أبناء بيروت.

– درع المجلس الإسلامي الفلسطيني الأعلى.

– درع المكتبة البريطانية، لندن.

– درع مدينة مارسيليا الفرنسية.

– درع ننار الثقافية ومدينة (مالمو) السويد.

– درع فاس (المغرب)

الشاعر الدكتور عبد الولي الشميري في آثار الدارسين :

كتبت عنه عشرات من المقالات والكتب والرسائل العلمية، منها:

1-   الذات الإبداعية في شعر الدكتور عبد الولي الشميري، تأليف: د.إدريس بن مليح، المغرب، صدر عام 2007م.

2-   القصيدة وبلاغة الصورة في ديوان أوتار، تأليف: الدكتور صبري مسلم، والدكتورة: وجدان الصائغ، العراق، صدر عام 2007م.

3-   في موكب الشعر، لوحات شعرية مهداة للدكتور عبد الولي الشميري جمع الباحثتين: رانيا علي وإيمان صديق، ط، بيروت، دار النخبة، عام 2015م.

4-   الدكتور عبد الولي الشميري شاعر القلب، (رسالة ماجستير)، للباحثة: سهى الموسوي. العراق.

5-   أساليب وصور جديدة في شعر الدكتور عبد الولي الشميري، (رسالة ماجستير)، للباحثة: مها العلايلي، الأردن.

6-   شعر الدكتور عبد الولي الشميري، دراسة موضوعية وفنية، (رسالة ماجستير)، للباحثة أسماء عبد ربه، جامعة الأزهر فرع الإسكندرية.

7-   ديوان أوتار للدكتور عبد الولي الشميري، دراسة بلاغية، (رسالة ماجستير)، للباحث: أحمد عبد اللطيف الخويسكي، جامعة الأزهر فرع الزقازيق.

8-   تلقي الأنساق في الشعر العربي بين الجمالي والثقافي، شعر “عبد الولي الشميري” نموذجا، إعداد محمد جوهر، تحت إشراف الدكتور عبد الوهاب الفيلالي، بحث لنيل الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظ.م، جامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس، قيد الإنجاز.

9- نور الكلمة بين حب الوطن وعشق الحبيب.. دراسات تكريمية لمعالي الشاعر الدكتور عبد الولي الشميري. جامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز – فاس المركز الأكاديمي للثقافة والدراسات المغاربية والشرق أوسطية والخليجية.

قالوا عن الشميري:

الشميري الخبير بأوزان الشعر. والملاح اللماح في بحور الخليل. أفاض علينا الكثير من وجده.

د. نوال الحوار

شخصية الشاعر الدكتور عبد الولي الشميري، ليست عابرة للحدود من اليمن إلى المغرب فحسب، في سياق المهام الدبلوماسية والثقافية، ولكنها شخصية عبرت القلوب أيضاً، بمواقفها الإنسانية النبيلة ورؤاها الإبداعية العميقة.

د. خالد لزعر

إن عطاء الدكتور عبد الولي الشميري أوسع من أن يحاط به فى كلمات قلائل بين ندوة تكريم أو قراءة موجزة في بعض الموجزات على الرغم من التكريمات العديدة التى حظى بها في مشارق الأرض ومغاربها يبقى مشواره الثقافي والإنساني أكبر ويتطلب الإحاطة بجهوده وتوجهه الفكرى في تأسيس كرس للدراسات اليمنية المغربية, يحمل اسمه “كرسي عبد الولي الشميري للدراسات المغربية اليمنية”

الدكتور عبد الوهاب الفيلالي

إن نبوغ الدكتور عبدالولي الشميري واضح في أكثر من مجال, فقد أبدع في كتابة التاريخ وفي توثيق الأعلام وحفظ تراث الأمة ووصف ذلك في شعره أيضاً, هذا الشعر الذي تنوعت أغراضه, بين مناجاة الخالق, والتطلع إلى الفناء في المحبة الإلهية, وبين الإبداع في الشعر الوطني, كما كان فارساً لا يشق له غبار في شهر الوجدانيات, مثل شعر الغزل العفيف, والرثاء, وغير ذلك من أغراض الشعر ودروب الإبداع.

الدكتور عبد الوهاب الفيلالي

إن معرفة حق النوابغ أمر تمليه الفطر القويمة، والصدور السليمة، وهو دائما عمل الجماعات الواعية التي تعرف لعلمائها حقهم، ولنوابغها قدرهم.

د. لويزا بولبرس

… والواقع أن الشاعر عبد الولي الشميري مخلص في مسؤوليته الإبداعية وفي لمنظومته النقدية. لأنه أولاً “عبد الولي”، اسما ومسمى، ومعه كانت الدلالة الصوفية ترعى رؤيتها وسلوكها، فدلالة الانتماء للولي – وهو من أسماء اهلة الحسنى – تحمل دلالات القرب من الله تعالى وحبه وصدق الإيمان ونور العلم، مما يستوجب موالاة المؤمنين بحمل همومهم الإنسانية والإخلاص في حبهم، ومن ثم كان ولاؤه للشعر ينحو بمنجزه الإبداعي نحو فروسيته الشعرية التي رسم خطاها تنظيرا.. وأنجز شعريتها واقعا وخيالا، عاطفة وفكرا. أسلوبا وخلُقا:

تفنى الوجوه ويبقى الحب ما بقيت

في الناس آصرة الأرحام والقربى

د.عبد الله بنصر العلوي/ الرئيس المؤسس للمركز الأكاديمي  – للثقافة والدراسات المغاربية والشرق أوسطية والخليجية ـ فاس

لقد تناولت أقلام كثيرة شرقا وغربا إنتاج المكرم، فهو الكاتب الأديب الشاعر المفيد، من كحل عيون الأوراق بمراود الأقلام نظماً ونثراً فكان شجرة غيوثها وافرة، وثمارها بالفوز مبشرة، كرع من رياض الآداب، وهام في كل واد، وجعل من قصائده مصائد لكل مهووس بالشعر، أو ناقد أو ناشد يعشق نظم در الصدف الثمين في أسلاك الكتابة والتدوين… فأتى بما يُطفئ وقود الجوى المشبوب من بحور الأشعار، سفينة هوى تعشق القيثار والأوتار والأزهار… مرآة صافية بها بوح، وهمسات، ووجدان، بها شدو، وغناء، على ترانيم لَفَّتها مدن وأصقاع

د. سعيدة العلمي

كلية الآداب والعلوم الإنسانية/ ظهر المهراز, جامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس

الشميري علامة متميزة في الشعر العربي الراهن. حقيقة إبداعية تنزُّ عنفوانا وتُلهبُ مشاعر الرومانسيين والرمزيين بأيقونات لغوية نحتت من جسد الحقائق والمثلاث والرموز والصفات.

شعره يتحرك في الوجدان، يحفر أخاديد صفحات خالدة بلا عنوان.

إن مفهوم الشعر عند الشميري يعكس ذاتية الشعور وعمق الإحساس بوظائف الكلام، إنه المعبر عن مواقف الذات في سائر تقلباتها عبر صياغة الوجود والزمن.

د. محمد أديوان أستاذ التعليم العالي – الرباط, نائب رئيس جامعة القرويين – فاس

من غرر قصائد الشاعر الدكتور عبد الولي الشميري:

– من شعره الربّاني

(إليـــكَ أتيــت)

إليكَ عَزَفْتُ عَن خَلَجاتِ نَفْسي

وتُبْتُ إليكَ مِن طُغْيان جِنسي

ولازَمْتُ الرَّجاءَ وبِتُّ أَخشى

عِتَابَكَ أو حِسابَكَ عِندَ رَمْسِي

وأنتَ إِذا دَجا بالإِثْمِ قَلبي

تُنِيرُ بَصِيرتي وتُبِيدُ نَحْسِي

وأنتَ المُسْتَعَانُ على هُمومي

وأنتَ اليومَ لي وغَدِي وأَمْسِي

أَهِيمُ  صَبَابَةً وَأَذُوبُ وَجْداً

إليكَ، وكم أخافُ جُمُوحَ نَفْسِي

أَفِرُّ إليكَ أَهْرُبُ مِن دِياري

ومِن أَهْلِي ومِن وَهْمِي وحَدْسِي

إلى دارٍ أراكَ به عَفُوّاً

غَفُوراً كلَّ زَلاَّتِي ورِجْسِي

أُحِبُّكَ أنتَ تعلمُ سرَّ قلبي

وأنتَ لِجُرحِ شَكْوَايَ المُؤَسِّي

وأنتَ تَرَى وتَسْمَعُ هَمْسَ رُوحِي

وإخلاصي وتعلمُ ما برأسِي

فكم عافَيْتَنِي ، وشَفَيْتَ دائي

وكم أَبْدَلْتَنِي يُسْراً بِبُؤْسِي

من شعره الوطني:

حَيّا مُحـيّاكِ مِنْ مَـــرْعاكِ تكويني    

أَراكِ بالبُعْدِ والإقْصاءِ تَكويني

لثَمتُ صَـــخْرَكِ مُشْــــتاقاً أقبّلُهُ

قَبلَ الأحِبّةِ لَثْمَ الصّخْرِ والطّينِ

كمْ فَجّرَ الشّوْقُ في جَفْني مَدامِعَه 

وأضْرَمَ الوَجْدُ ناراً في شَراييني

يا مَــــوْطنَ الـحُبّ يا نبَعا تدفقه     

يُمنى الإلَهِ على جُرْحي فَتَشْفيني

ويـــا أريـــجَ نُسَـــيْماتٍ يَمانيَةٍ

شذاك ينْشُـرني طَوْرا ويطْويني

فــــلا الكِنَانةُ روَّى نيلُها ظمئي      

ولا الرَّصافَةُ بالنَّهْرَيْنِ تُلْهيني

بِنَسْــــمة من رُبَى صَنعاءَ عابقَةٍ    

أَشُمُّ نفْحَة فِرْدوسي وعلّيني

“شَـــميرُ” أنْبَتَ في قلبي حُشاشَته  

وإِنْ “تَعِزُّ” نأتْ يا طولَ سِجِّيني

لكنّ أســـعدَ أيّامي هــوى عَدَن      

كعطْرِ غاداتِهِ الحورِ المَيامين

وإن سرَى الطّيْف طافَتْ بي لَواعِجُه

عسى الذي قدْ قَضى بالبُعدِ يُدْنيني

لا تَعْذلوا في هَوى الخَضْراء عاطِفَتي

“صَنْعاءُ” رُوحي وأَهلوها رَياحيني

ومن شعره الغزلي :

أزورُ الـحبيبَ ولا ألثِمــــهْ؟!  

وما قال أهـلاً وســهلاً فَمُهْ!

فما كان أحــــلاهُ من صامتٍ

يُشــــيرُ ولكنّني أفهَمُـــهْ

يـــراني أُفتِّـــشُ في رأفــــةٍ     

مواضِعَ في جســـمِهِ تُؤلِمُهْ

أشـــــمّ النّدى في جِراحاتِه   

يُعطِّرُ بالمِسْـك روحي دَمُهْ

فَقُمْ يا حبيـــبي وهيّا معـــي  

ونَمْ في ذراعـي الذي تَعْلَمُهْ

سَـــتشفى جــراحُكَ في لحظةٍ 

وجُرحـي الذي لم أزل أكْتمُهْ

ومُـــدّ ذِراعَيْكَ في ضــــمّةٍ    

لِصدْري عسـى ربُّنا يَرْحمُهْ

ومن شعره الوجداني:

يا منْ تُخاطِبُهُ روحي وتَعْشَقُهُ

متى أراك؟ أمَا لِلمُنتَأى أَمَدُ

أغالِبُ الدّمع والأجْفان تَقْذِفُه

وأُخْمِدُ الجَمرَ والنّيرانُ تتّقِدُ

يَدي مِنَ الدّمعِ كالياقوتِ أخضبها

فليْسَ تشْبِهُها في العَاشِقين يَدُ

ما أصعَبَ الصّبْر والأشْواق مقتربا

فكيفَ بالله حَالي حينَما بَعدُوا؟

ماذا عليّ إذا قالوا تعشَّقكم

حَتى الفَناء ولا روحٌ ولا جَسدٌ

يَلومُني كلّ قاسي القَلْبِ يَنْصَحُني

والنصح مِن مِثْلِهِم في ملّتي حَسَدُ

 إنّ الغَرامَ إذا استَوْلى على بَشَـرٍ

أمسـى هُو الأهلُ والأمْوالُ والولَدُ

تبلى الحياةُ وتُبلي كلّ ما نَسَجوا

لكنَّ أثوابَ أشْواقي لكم جُدُدُ

دَعوا لأهْلِ الهَوى العُذري مذْهبَهُم

ولا تُكلَف نفْسـي فوقَ ما تَجِدُ

ومن شعره  في الرثاء .. في رحيل والده رحمه الله:

هلْ يَغْسِل الدّمعُ أحزاني وما أجــــــــدُ؟

يوْمَ الـــوداعِ ولا صـــبرٌ ولا جلـد

يا أيّها الرّاحِلُ السّجّادُ مّعْذِرَةً

منّي إليــــكَ فقـد أوهــــاني الكمَدُ

بيني وبينك أسرارٌ أخبئُها

مكانُها القلــبُ لا يـــدري بها أحَدُ

تلتفُّ “صنعاءُ” حولي كي تُعزّيني

هيهات أســلو وأنت القلبُ والكبدُ

إذا تـــذَكّرْتُ مـــا كنّا وكنـــت لنــــا

تقرّحَ الجفْنُ واســــتعصى به الرّمدُ

أكفكف الدّمعَ عن عيْني، وبينَ دمي

نارٌ يُؤجِّجها حُزْني ويتَّقِدُ

في قبركَ النّور مرفوعٌ سَرادِقه

وفَوْقَ لَحْدكَ يرضى الـخالِقُ الصَّمـدُ

ما زِلتُ أسمعُ في أُذني وفي خَلَدي

ما كنتَ تقرئني فجَرا وما تَعِدُ

علّمْتَني كلّ شيء أنتَ يا أبَتي

وقُدْتَني حيثُ شاءَ الواحِدُ الأحَدُ

أَرشَدْتَني لسبيلِ النّورِ في صِغَري

اللهُ حَسبُكَ منه العونُ والمدَدُ

 ما زال نصحك نوراً أسْتَـضيء به

مِنْ وَحْيِهِ جاءني الإلْهامُ والرّشَدُ

قد عِشْت تكدح من أجْلي على ألمٍ

في المَهْجرِ الصّعبِ لا أهْلٌ ولا ولدُ

في “هل زوين” ورودُ الحيّ تسْألُني

ووِردُ مسبحةٍ يبْكي وينْتَهِدُ

يا منفِقَ المالِ اللهُ شاء لهُ

والعلْمُ والخيرُ والإحسانُ والرّشَدُ

“شَمير” ما قط تنـسى كلّ ما غَرَست

يداك، والنّاسُ والخيْراتُ والبلدُ

هذي المَحاريبُ تَبكي وحْشَة وشكَتْ

أسْحارها ظُلمةً؛ للنورِ تَفْتَقِدُ

وقفت كالطّود عِملاقاً تُثَبِّتُني

يومَ الكريهةِ والأبْطالُ ترتعدُ

 ***

وأنت تعــــرفُ كم رَوَّيْتني أدبــــــاً     

وكنتَ باللُّطفِ والإحْسانِ تنفَرِدُ

 تبكي عليكَ محاريبُ الدُّجى سحراً

وعنك يسْألُني في مكّة العددُ

بين “الخريبة” و”المرقـــوب” رجع صـدى    

مِـنَ التّــــلاوةِ، والتّســـبيـــحُ يحْتَشِـدُ

طيْفٌ هو العمرُ والدّنيا تُجَرِّعنا

مواجِعَ الموتِ كم: يا صبرُ يا جلدُ!؟

سنلتقي في رحابِ اللهِ يا أبتي

وينتـهي حينذاك البُعدُ والأمَدُ

أبي أبي هل تُرَاكَ اليومَ تَغْفِرُ لي

أسْفارَ عُمري بها أدنو وأبتَعدُ

وسابحُ العمرِ لا يدري بشاطئه

وليس يعلمُ ما يَأتي عليه غَدُ

الله يُسكِنُك الفِرْدوْسَ مُبتهجاً

مع الحبيبِ ويغـشى روحَــكَ المَدَدُ

أَمطرْ عليه من الرضوانِ أكملَه

ومنك تمدُّ يا ربي إليه يَدُ

 أبلغْهُ عنّي سلاماً كلّما طلعت

شـمسٌ، وحينَ يــدورُ الوقتُ والأبدُ

 ومن شعره في رثاء  نجله الشاب الراحل يوسف:

هوى كنجْمٍ ساطعٍ في السحر

لاحَ وحيّاني سِراعا وفرّْ

“يوسفُ” ما كان سوى زائر

للأرضِ حيّاها وبيا ومرّْ

كان ملاكاً من بني آدم

لكنّه عاف حياة البـشر

يا أجملَ الفِتيانِ يا مصحَفا

أحكمه المولى بكلّ العِبَر

ما زالَ حولي منكَ ظِلّ المَدى

وصوتُ ترتيلِكَ بعض السُوَر

يا دمعَةً في الليلِ في مسْجِدي

وبسمَة إشْراقها كالقَمر

ساءلتني يا يُوسُفي مرّةً

كيفَ حياةُ القَبْرِ والمُسْتقَرّ؟

ما كنت أدري لِم ساءَلْتَني؟

واليومَ حدِّثْني صحيحَ الخبر

كيف حياةُ الخُلدِ يا يوسُفي

وكيفَ رِفْقُ اللهِ بين الحُفر

كيف حياةُ الرّوحِ في خلْدِها

وكيف تَحيا ليْلها والبكر

من ذا يَلومُ الوالِدَينِ الأُلى

تجرعا بُعدَكَ يا ما أمر 

من ذا يلُمْني إن رأى أدمعي

سيّالةً تجْري كماءِ المَطَر

لوْ ذُقْتَ يا موْتُ فِراقَ الحَبيب

مثْلي لما أوجعتني بالضـرر

كـأنّمــــا الأيّــــامُ مِــن بَــعْـــــدِهِ  

موتى وكل النّاسِ بينَ الحُفر

يوسفُ كان القلبَ في أضْلُعي

ودونَ قلبي ما تفيدُ الصُوَر

لا بدّ من دمعٍ ومن لهْفةٍ

إنّي أبٌ مهما فًؤادي اصطبرْ

لكنّ إيماني بِوَعدِ اللِّقا

رَضيتُ أحكامَ القضا والقدر

وفي الأخير,,

إذا كان السفير الشاعر الدكتور عبد الولي الشميري مثقفاً عربياً ذا اهتمامات واسعة في الثقافة العربية، قد حظي بأكثر من تكريم في عدة دول، وصدرت حول أعماله العديد من المقالات والكتب، فإن سعة المجالات التي أبدع فيها، تقتضي المزيد من القراءة والتحليل، لبسط الأفكار التي تحفل بها، خاصة وأنَّ هذا المثقف يحمل قضية عربية، تتمثل في الارتقاء بالوضع العربي، ولذلك لا يتردد في بذل المزيد من الجهد في سبيل هذه الغاية. 

 

زر الذهاب إلى الأعلى