عباقرة بدون شهادات
لماذا لم يحصل هؤلاء العباقرة على شهادات جامعية؟!
يمكنني أن أسرد عليكم اليوم قائمة بأكثر من 120عبقرياً ومشهوراً لم يحصلوا على شهادات جامعية .. ليس هذا فحسب ؛ بل انضوى معظمهم تحت تعريف المتأخرين ذهنيا والفاشلين دراسيا في سنواتهم الأولى ..
فتوماس أديسون مثلا (وهو مخترع أمريكي له أكثر من 1000اختراع) طرد من المدرسة بحجة أنه “غير قابل للتعلم”،
وأنشتاين (صاحب النظرية النسبية) كان فاشلا لدرجة رسوبه في امتحانات المعهد العالي في زيورخ،
ومايكل فارادي (مهندس بريطاني اخترع الدينمو) كان بليدا لدرجة عدم النطق خلال سنواته الدراسية كلها.
وكان تشارلز داروين يهرب من المدرسة ليتسلق الاشجار ويراقب قوافل النمل .
أما لويس باستير (مكتشف الجراثيم وطريقة البسترة) فكان كثير السرحان لدرجة صنف كمريض بالذهان .
أما أحدث الأمثلة فهو بيل غيتس الذي لم يكمل دراسته بجامعة هارفارد ولكنه ابتكر نظام ويندوز – وهاهو اليوم ثاني أغنى رجل في العالم !!
… وحتى حين نعود إلى عصور أكثر قدماً – لم تتبلور فيها الجامعات بشكلها الحديث – نلاحظ أن العباقرة الأفذاذ علّموا أنفسهم بأنفسهم وتفوقوا على حاضرهم بإضافات واكتشافات جديدة ونوعية ( امثال أرسطو والرازي والبيروني وابن سينا وأبناء أحمد بن شاكر…)!!
ورغم أننا نملك في عصرنا الحاضر أكبر عدد من العلماء (مقارنة بأي عصر مضى) إلا أن نسبة العباقرة – قياسا إلى عدد السكان ووفرة الجامعات – لم تزد على العصور القديمة فعلا (… بل على العكس فإن أثينا زمن سقراط ماتزال صاحبة الرقم القياسي في وفرة العباقرة والفلاسفة مقارنة بعدد سكان لا يزيد على 27ألف نسمة)!
… والمغالطة التي نقع فيها دائما هي نظرتنا للعبقرية والإبداع من خلال منظار التحصيل الدراسي والتفوق المنهجي .. فنحن بدون شك كثيرا ما نخلط بين موهبتين مختلفتين تماما هما : العبقرية، والتفوق الدراسي ..
فالعبقرية حالة نادرة تتطلب مواصفات خاصة مثل التمرد على المعتاد، والجرأة في التفكير، وتمييز المعضلات، والاهتمام لدرجة الهوس .. وفي المقابل قد يتفوق معظم الناشئة (في المدرسة) نتيجة لاهتمام الأهل، وضغط المجتمع، والرغبة في الوظائف الراقية – مع قدرة هائلة على الحفظ والاستيعاب – ..
لهذا السبب ليس غريبا ولا مستبعدا أن يحتل العبقري الأصيل مؤخرة السلم الدراسي لعدم قناعته وملله من المناهج المعتادة – في حين يفشل معلموه في اكتشاف سبب تقاعسه وعزوفه الحقيقي عن الدراسة – …
وحتى في حال دخوله الجامعة سيفاجأ بغزارة الجانب التلقيني النظري على حساب البحث العلمي الجاد (ولكنه هذه المرة أصبح كبيرا وراشدا) فيعمل على مسايرة التيار والحصول على الشهادة ..
ولكن ؛ في حين يركن زملاؤه إلى (شهادات رسمية) تحدد مستواهم الاجتماعي أكثر من إنتاجهم المعرفي يُخلص “العبقري” للإبداع في المجال الذي يهواه فعلا دون الحاجة لشهادة أحد …
– باختصار أيها السادة وجواباً عن عنوان المقال :
… لم يحصل هؤلاء العباقرة على شهادات جامعية لأنهم ببساطة تفرغوا لإبداع ما سيدرّس في الجامعات !!
فهل توافقون على هذا التفسير اما ترون ان هؤلاء العباقرة هم مجرد حالات استثنائية ليس لها تفسير ولا يجوز استنباط منها دروس أو قواعد عامة ؟