علماء بإحدى الجامعات السعودية يدرسون التفاعل بين البكتيريا والكبريت لرفع قدرة تحمل النبات للملوحة
علماء بإحدى الجامعات السعودية يدرسون التفاعل بين البكتيريا والكبريت لرفع قدرة تحمل النبات للملوحة
يعمل حالياً فريق علمي بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) على دراسة التفاعل بين البكتيريا والكبريت لرفع قدرة تحمل النبات للملوحة. توجد في الطبيعة أنواع من البكتيريا تعيش داخل جذور النباتات وتساهم بصورة كبيرة في نموها حتى تحت ظروف الملوحة الشديدة من خلال عملية التمثيل الغذائي لعنصر الكبريت، وهذا الاكتشاف ساعد العلماء والباحثين على تطوير العديد من التقنيات الحيوية الجديدة التي تستخدم في تمكين عملية ري المحاصيل الزراعية بالمياه المالحة. وهو بلا شك مهم جداً لبلدان مثل المملكة العربية السعودية التي تعتمد على تحلية المياه العذبة كثيفة الاستهلاك للطاقة.
أسس البروفيسور هيربرت هيرت، عالم النبات في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، في عام ٢٠١٣ مشروع (داروين ٢١) بهدف استخدام بكتيريا النباتات الصحراوية لتحسين الاستدامة الزراعية في الأراضي القاحلة.
وأدت أبحاثه لعزل سلالة معين من البكتيريا تسمى (SA١٨٧)، لديها القدرة على جعل المحاصيل مقاومة لمختلف عوامل الإجهاد بما في ذلك الحرارة والجفاف والملوحة.
يقوم البروفيسور هيرت وفريقه البحثي الآن بتحليل التغيرات الجينية والأيضية التي تحدث في بكتيريا (SA١٨٧) ونبتة رشاد الصخر (Arabidopsis) -وهي نبته زهرية من الفصيلة الكرنبية- ودراستها في ظل الظروف الخالية من الملوحة وظروف الإجهاد بسبب الملوحة الشديدة.
تقول عالمة النبات د. رواء جلال، الحاصلة على درجة الدكتوراه في كاوست، وتشغل الآن منصب أستاذ مساعد في جامعة جدة: “أردنا أن نفهم الآليات الجزيئية الكامنة وراء تحمل الملوحة الناتج عن تفاعلات النبات مع بكتريا (SA١٨٧)”.
الأكسجين التفاعلي
وبشكل عام، عندما تتعرض النباتات للملوحة الشديدة، تطلق خلاياها أنواعًا من الأكسجين التفاعلي تتسبب في تلف الخلايا وتكبح نموها وتقلل من إنتاج المحاصيل. ولكن الوضع يختلف في نبتة رشاد الصخر، حيث وجد العلماء أن الإجهاد الملحي يؤدي إلى استقلاب الكبريت في بكتيريا (SA١٨٧) التي تعيش داخل جذور النبتة. وبالتالي إطلاق مستقلبات الكبريت التي تغذي عملية التمثيل الغذائي في نبتة رشاد الصخر، بالإضافة لإنتاج أحد مضادات الأكسدة الرئيسية التي تسمى الغلوتاثيون (glutathione) الذي يزيل سموم الأكسجين التفاعلية التي يسببها الملح في النبات، مما يمكّنها من النمو والازدهار تحت هذا الإجهاد.
يقول هيرت: “من النتائج الرئيسية الأخرى لدراستنا أننا استطعنا استبدال الوظيفة الوقائية ضد تلف الإجهاد الملحي في بكتيريا (SA١٨٧) عن طريق إضافة مستقلبات الكبريت مباشرةً، مما يفتح إمكانية استخدام البكتريا النافعة (البروبيوتيك) في الزراعة”.
ويخطط البروفيسور هيرت للعمل مع عالم الأحياء الجزيئية ماجد سعد والعديد من طلبة كاوست الحاليين والسابقين، لإنشاء شركة ناشئة تهدف لتوفير تقنيات متقدمة يمكنها معالجة البذور ونباتات المحاصيل باستخدام بكتيريا (SA١٨٧)، وذلك لمساعدة المزارعين السعوديين وجعل الزراعة بالمياه المالحة حقيقة على أرض الواقع.
تقول حنين الزبيدي، باحثة ما بعد الدكتوراه في كاوست: “يمكننا تلبية معظم الطلب العالمي على إنتاج الغذاء إذا تم تطبيق مثل هذه المعرفة بالأدوات المناسبة في الأراضي القاحلة وشبه القاحلة”.