“أنا في الخامسة عشرة من عمري، لكنني أرغب في تكريس بقية حياتي لهذه القضية. أتذكر التحدث مع هذه المرأة التي تم إنقاذها والتي استمرت في القول: “موجي غانا جيان هاي” [أريد العودة إلى المنزل] حتى بالرغم من أنها لم يكن لديها منزل. من خلال كل هذا، أتذكر باستمرار مدى ما يشعرونه من وحدة، وتجاهل وحرمانهم من الحب. لذلك لأطول فترة ممكنة، أريد أن أجعل هذا العالم مكانًا أفضل لهم للعيش فيه وأريد أن أتأكد من أنهم يعرفون أنهم ليسوا وحدهم”.
كانت تلك هي الكلمات التي اختتم بها تقرير The Better India عن فتي نيودلهي الثري النبيل، الطالب في المدرسة البريطانية بالمدينة، والذي ينحدر من عائلة من أصحاب الأعمال التقليديين، والذي يعيش في واحد من أرقى أحياء المدينة.
وعلى الرغم من خلفيته هذه، فقد أمضى السنوات القليلة الماضية يتطوع مع منظمات غير ربحية مختلفة لمساعدة أشد الناس احتياجًا، وهم كبار السن المشردين. يقول عن ذلك في تدوينة له على الفيسبوك: “نشأت مع حكمة جدي وجدتي والحب غير المشروط الذي يعطيانه لي، لقد كانت نعمة. لكن تخيل كل هذا الدعم من أسرتك ورعايتها لك على مدار عقود، وأنت تهجرهم وتدعهم في الشوارع عند بلوغك سنواتك الذهبية. للأسف، هذا هو مصير الآلاف من كبار السن الذين هجرتهم عائلاتهم”.
تطوع فيفان في دار للمسنين على مدار عامين، ولتعزيز جهوده أسس مبادرة إنقاذ الحكمة Rescuing Wisdom، والتي تعمل على دعم المنظمات غير الحكومية التي ترعى المسنين.
وفي يوم من الأيام، أثناء افتتاح وحدة العناية المركزة في دار المسنين، اتصلت الدار بالمتطوعين لطلب الدعم لشراء سيارة إسعاف تساعدهم في إنقاذ الناس ليلًا. كان المبلغ الذي يحتاجونه هو 500 ألف روبية، ومن ثم، واستثمارا للدورات التي حصل عليها على الإنترنت في التمويل الجماعي والعلاقات العامة والتسويق، بدأ فيفان حملة تمويل جماعي في أبريل 2019، مستعينا بفيديو صنعه عن دار المسنين المشردين، وخلال شهر واحد جمعت الحملة مليون و250 ألف روبية (وهو أكثر من ضعف المبلغ الذي كانت تحتاجه الدار).
وبهذه الأموال التي جمعت تم شراء سيارة إسعاف حديثة مزودة بكافة المعدات الطبية واسطوانات الأكسجين، مع التبرع بأدوية وأجهزة تكييف لدار المسنين، والتي يستقبلون فيها المشردين من كبار السن حتى تتحسن حالتهم وينقلونهم إلى دارهم الأكبر التي تأخذ ما بين 200 إلى 300 مسن.
يقول فيفان ريكي حول شعوره تجاه ما يفعل: “عندما ننقذ أحد كبار السن من الشوارع بسيارة الإسعاف، أشعر بسعادة غامرة، إنه شعور يصعب وصفه”.
تستطيع أنت أيضا أن تربي أبناءك على هذا الإحساس المرهف بالمسئولية الاجتماعية، وعلى استثمار مستويات التعليم والتدريب الأأفضل التي اكتسبوها بحكم طبقتهم الاجتماعية وظروفهم الاقتصادية، وعلى ألا يصنع كل ذلك لهم طبقة جلد سميك تليق بالخراتيت، لا يشعرون من خلالها بآلام غيرهم، فإنما ما هم فيه “فتنة” لهم واختبار في حياتهم، ونجاحهم في هذا الاختبار، إنما يكون بهذا الحس والمسئولية تجاه المجتمع.
د. مجدي سعيد