في يونيو عام 1877م عرض توماس أديسون مكتشف الكهرباء مخططاً متسخاً بالدهون قذر المظهر، وقدمه إلى الميكانيكي السويسري كرونيسي، طالباً منه أن ينفذه.
أنحنى السويسري على المخطط ولم يكن سوى قمع واحد وإبرة وذراع ومقبض دوار متصل بها، عندها راهن أديسون على تسجيل صوت الميكانيكي وأذاعته، ومع أن الأخير لم يصدق إدعاءات أديسون لكنه وافق على صنع المخطط على شرط أن يقبل المراهنة معه على علبة من السجائر، وبالفعل أجهد الميكانيكي نفسه شهراً كاملاً لتنفيذ مخطط أديسون.
وفي الموعد المقرر لاختبار الجهاز استوي أديسون الذي لم يكن قد تجاوز الثلاثين من عمره على الجهاز وقرب فمه من القمع وأنشد بصوته الأجش أغنية شعبية كانت ذائعة حينذاك وأضاف ضحكة على آخر الأغنية بعد ذاك مكث أديسون قليلاً ثم أدار ذراع الجهاز وقرب أذنه التي لم تكن تسمع جيداً من القمع وسمع الجهاز وهو يردد ذات الأغنية ثم الضحكة العالية.
هذه هي قصة اختراع (الجرامافون)، الفكرة الأولى لاستوديوهات اليوم، ففي ذلك اليوم نجح أديسون واستقبلت دنيا الصوت والموسيقى مولوداً جديداً.. النواة الأولى التي لم تكلف سوى خمسة عشر دولاراً للأشرطة إلا لدى البعض ممن يحتفظون بالتحف أو الانتيكات القديمة ومن بينهم “أنطوان متي” الذي احتفظ إلى جانب (الجرامافون) بالعديد من الأسطوانات وعدد من المسجلات القديمة، يقول عن الحاكي أو (الجرامافون) أو الفونوغراف – بالتأكيد كان (الفونوجراف) ثورة في عالم الصوت، فاختراعه كان معجزة إذ كيف تسجل الأصوات ومن ثم تذاع.
دخل الغرامافون إلى العراق في بادئ الأمر بصورة محدودة وقليلة فأقبل عليه المترفون وتدريجياً انتشر في المقاهي ثم في البيوت البسيطة، كانت العجائز يخفن منه ويقلن أنه صندوق أسود مسكون بالجان، وهناك من وقف ضده ودعا إلى تكسيره لكن وبمرور الوقت كانت له العديد من الوظائف، لعل من أهمها وأبرزها تسجيل وإذاعة الموسيقى وقراءة الكتب للمكفوفين.