البرمجة اللغوية العصبية NLP …. وضرورة فتح الحدود العقلية
يحبط الكثير من أبنائنا خلال دراستهم ولاسيما مادة الرياضيات ، وذلك نتيجة أخطاء ترتكب في حقهم بقصد أو بدون قصد , منها ما هو تحت عنوان الإخلاص في الوظيفة ، وأمور أخرى لا يتسع المقام لسردها . وهذه الأخطاء كثيرا ما تحول دون قدراتهم نحو النجاح والتألق.
تتلمذ أحدهم على يد أستاذ رياضيات ماهر ، غير أنه حاد الطباع ، جريء المواقف ، لا يتردد في التشهير بانخفاض مستوى الطلاب ليس فقط بين زملائهم الطلاب بل وحتى أمام المفتشين . وتبدوا فداحة الخطب إذا علمت أنه يدرس طلاب في المرحلة الثانوية ، مرحلة المراهقة ؛ أخطر مراحل العمر ، حيث يتعطش جميعهم إلى كلمة الاحترام وشحذ الهمم ،والستر على مواضع الضعف والإخفاق . بينما أستاذنا الفاضل !!! لا يتردد في كشف عيوبهم وضعفهم حتى في حفظ جدول الضرب الصغير وهم في مرحلة الثانوية ، فتجده يباغتهم الواحد تلو الآخر بسؤاله ” 9 في 6 … كم ؟” أو “7 في 9 … م؟” .فلا تجد من أولئك المبرمجين سلبيا إلا التلعثم والعته، للورطة والإحراج الذي أوقفه فيه أستاذة أمام زملائه والمفتش ، خجلا من فشله في حل مسائل يعرفها طالب الابتدائية .
وكم لهذا الموقف من طعنات تربوية في نفوس الطلاب ، فهي تخلق قناعات سلبية للطلاب عن أنفسهم ، ترجع بهم القهقرى لسنوات عدة، وتدخل بهم دهاليز العتمة العقلية يعتقد الطالب في نفسه الجهل والغباء والوهن الدراسي ، ينتهي به الحال إلى رسم خارطة عن نفسه خلاف واقعه، ملؤها القناعة التامة ليس عن عجزه في معرفة جدول الضرب فقط بل كل عملية حسابية أو تجارية تعتمد الرياضة العقلية، وقد أخبرني أحدهم أنه لشدة شكه في قدرته الرياضية أصبح لا يستغني عن الآلة الحاسبة للإجابة عن بعض مسائل الضرب حتى أن تخرج من الجامعة وأصبح موظفا مرموقا.
هذا موقف ، وموقف آخر على النقيض منه لطالب نجى من البرمجة السلبية ، أو لنعبر عنه وفقا لمفاهيم البرمجة اللغوية العصبية لم ترسم حدود لخارطته الذهنية، وراوي هذا الموقف هو (أنطوني روبن) في كتابه الشهير “آفاق بلا حدود”.
” هناك قصة لشاب غفا أثناء حصة الرياضيات ، واستيقظ على صوت جرس انتهاء الحصة ونظر إلى السبورة وقام بكتابة المسالتين الموجودتين فوقها ، وقد افترض أنهما الواجب المدرسي لهذا اليوم ، فعاد إلى البيت وأخذ يجهد نفسه طيلة النهار والليل لحلهما. لم يستطع الشاب حل أي منهما ، إلا أنه واصل المحاولة طوال بقية الأسبوع ، وفي نهاية الأمر استطاع حل أحداهما وذهب إلى الفصل ، فلما رآها المدرس أصيب بالذهول ، فقد اتضح أن المسألة التي قام بحلها ، كان المفترض عدم وجود حل لها. ولو كان الطالب يعلم ذلك ، فمن المحتمل أنه ما كان ليستطيع حلها، ولكن بما أنه لم يخبر نفسه بعدم إمكانية حلها فإنه في واقع الأمر ، وعلى النقيض من ذلك اعتقد أن عليه حلها لذا تمكن من الوصول إلى طريقة لحلها.
إن ما يقرره علم البرمجة اللغوية العصبية NL عن هاتين الحادثتين ، أن الكثير من الناس يتم برمجة عقولهم بطريقة تجعلهم يشكلون عن إمكانياتهم خريطة لا تمثل الواقع عن أنفسهم، والمسألة لا تتم بتناول عقاقير، أو تلقي صفعات على الرأس. إنها كلمات ومشاعر إما أن ترفع من إيجابية الطلاب فيقتنعون بأنهم يمتلكون قدرات خارقة تجعلهم يسيرون في مدارج الكمال ، فيكسب المجتمع علماء ومبدعين، وإما أن يبرمجون سلبيا بفعل كلمات جارحة تدفع بهم إلى حفر هاوية يزدادون فيها كل يوم غمرة وتعاسة