تمكنت العالمة المغربية الدكتورة زبيدة شروف الأستاذة في كلية العلوم بجامعة محمد الخامس الرباط بالمغرب من تطوير تقنية خاصة لاستخراج زيوت صحية وتجميلية من شجرة الأرجون التي لا تنبت إلا في المغرب، وهي شجرة برية لا تزرع ولا تسقى وحبتها تشبه حبة التمرة، وتعتبر هذه الشجرة لغز حير كثيرا من علماء النبات.
وبعد بحث دؤوب توصلت د. زبيدة إلى مواد جزئية فريدة في زيت الأرجون مثل عناصر مضادة للميكروبات ومضادة للأكسدة أعلنتها في أغسطس 2001 في المؤتمر الخامس للمنتجات الطبيعة النباتية في كندا. وقد وصفت هذه المواد وخصائصها في هذه الدراسة، ودخلت بشجرة الأرجون عصرًا جديدًا.
تقول د. زبيدة: “فبالرغم من أنها ثاني أكثر أنواع الأشجار شيوعاً في المغرب فإن 1/3 من غاباتها اختفت في القرن الماضي، وستفقد الثروة كلها خلال عشرين عاماً إذا لم يتم إنقاذها”.
أما سبب اختيار د. زبيدة لتلك الشجرة لأنه يستخرج من بذور جوزتها زيت ذو جودة غذائية عالية فيه نسبة كبيرة من الأحماض الدهنية الأحاديةMono unsaturated fatty acids.. ، وهي التي تحافظ على ضبط كوليسترول الدم. كما أنه غني بحمض دهني أساسي ألا وهو Linoleic acid وهو الذي يتحول في الجسم إلى بروستا جلاندين، الذي بدوره يشارك في وظائف الجسم مثل المناعة والحرق، ويساعد على تجلط الدم ومنع الالتهابات.
الزيوت المؤكسدة معروف خطورتها لما تسببه من سرطانات والتهابات وضمور الأنسجة والخلايا وتليف الشرايين للعناصر الحرة التي تتواجد بسبب الأحماض الدهنية المتعددةPoly unsaturated fatty acids ، ورغم أن زيت الأرجون به أيضاً هذا النوع من الأحماض فإن احتواءه على فيتامين E بكثرة يعادل هذه الأكسدة المدمرة.
يستخدم هذا الزيت بمزجه مع الطعام والسلاطات؛ حيث لا يجوز تسخينه، ويستخدم أيضاً كدواء تقليدي للشعب المغربي. كما يوضع كمنشط في أكل الماشية.
ودور الشجرة البيئي لا يقل أهمية؛ حيث تمتد جذورها بعمق في الأرض (يصل إلى 30 مترًا) فتساعد على تجديد التربة، وتمنع التآكل فتحد من تقدم الصحراء.
لذلك كانت هذه الشجرة الشوكية، التي تعيش ما يقرب من 150 إلى 200 عام هدفًا رئيسيًّا في هذه التجربة.
وقد أنشأت د. زبيدة أول جمعية نسائية للاهتمام بشجرة الأرجون وزيوتها. وسميت هذه الجمعية بجمعية “الأمل لشجرة الأرجون”، وحازت مؤخراً جائزة (Slowfood Click) العالمية في أغسطس 2001 في بورتو بالبرتغال؛ حيث اختار 560 محكماً من 80 دولة خمسة جوائز عالمية لأفضل مشاريع المنتجات الطبيعية؛ فكانت هذه الجائزة إحداها.
وأصبحت “تمانار” -البلدة التي يقع فيها مركز الجمعية- عاصمة الأرجون العالمية؛ بل وراجت بها السياحة؛ حيث يزورها يوميا ما يقرب من مائة سائح. كما تداخلت مشاريع أخرى لهن مثل: محو الأمية، مشاريع التسويق، وضبط الجودة وغيرها.
المرأة المشاركة في المشروع تقوم بكسر القشرة بيدها، وتستخرج الجوزة من لحم الشجرة، ثم تطحن البذور الداخلية، وتضيف إليها الماء، وتقلبها باستمرار؛ فينفصل الزيت طافياً على الماء.
يستهلك اللتر الواحد من الزيت 30كجم من الثمر زيادة على 15 ساعة عمل. وقد استخدم العصر اليدوي لفترة طويلة. حتى بدأت الميكنة الحديثة تدخل إلى هذه العملية؛ فوفرت كثيرًا من الجهد والوقت.
التجربة.. توابع ونتائج
بعد الاهتمام بإنشاء الجمعيات المحلية وانبثاق جمعيتين أخريين من جمعية الأمل قابلت د. زبيدة مشكلة التسويق؛ حيث كانت تعلم أن تسويق منتج ما لن يصل إلى نسبة مرضية قبل عشرة إلى عشرين عاماً حتى في الدول النامية.
ولكن النتيجة كانت أفضل من ذلك كثيراً، وأصبح نساء عديدات الآن في أوروبا وأمريكا وجنوب أفريقيا يعرفن عن هذه المنتجات، وقد أنشأت د. زبيدة شركة متخصصة في تصدير واستيراد زيت الأرجون في كندا للمساعدة في التسويق، وهي تنتج مستحضرات تجميل طبيعية مثل: مرطبات الشفاه، والدهانات الواقية للشمس، والصابون، كما تقوم بتعبئة زيت الأرجون الطبيعي بدون إضافة أية مواد حافظة أو روائح صناعية.
وقد حصلت هذه المنتجات على موافقة الصحة الكندية وعلامة الجودة الفرنسية. من هذه المنتجات:
A1وهو كريم لترطيب الجلد ومنع تقشفه. كما يستخدمA2 للمحافظة على الشعر كحمامات كريم تعيد إليه حيويته. أما A3 فهو اسم زجاجة زيت الأرجون، الذي يتعامل بروعة مع التجاعيد والجلد الخشن، ويقلل من ظهور القشور الناتجة عن الأمراض مثل الجديري المائي، كما يزيل البقع وآثار الحروق، وهو علاج جيد للمفاصل ومناسب لأعمال التدليك.
كان من نتائج هذه التجربة أيضا إضافة اليونسكو شجرة الأرجون إلى قاعدة العالم التراثية التي يجب المحافظة عليها عام 1999. وقامت IDRC International Development research بمشروع بحثي تمويلي للمحافظة على الشجرة، ولتحسين وضع المرأة الصحراوية.