يعتبر التخليق الحيوي لجزيئات النانو المعدنية المختلفة مثل جزيئات الفضة والذهب والنحاس والحديد من التوجهات الحديثة التي أصبحت مجال لكثير من الأبحاث وذلك كبديل للطرق التقليدية المتبعة سواءاً كانت كيميائية أو فيزيائية والتي تتصف بإنها عالية التكلفة بجانب وجود متبقيات ذات آثار جانبية خطيرة من الصعب التغلب عليها. لذا تم التوجه الي ابتكار طرق صديقة للبيئة ورخيصة الثمن وذلك باستخدام مصادر حيوية بيولوجية.
وعليه تم استخدام العديد من الطرق البيولوجية لاتمام عملية التخليق الحيوي لجزيئات النانو المختلفة وذلك بإستخدام مستخلصات النباتات والكائنات الحية الدقيقة والتي تشمل الطحالب، الفطريات والبكتيريا. يعتبر إستخدام البكتيريا من أهم الطرق المستخدمة حديثاً في عملية التخليق الحيوي الآمن والسريع لجزيئات النانو وذلك لتميزها بأنها سريعة النمو وغير مكلفة في الإحتياجات الغذائية بالإضافة إلي سهولة التحكم في ظروف التنمية الغذائية والبيئية وبالتالي القدرة على تنويع وتحسين خواص و صفات جزيئات النانو المنتجة.
ويعد التخليق الحيوي لجزيئات النانو النحاسية من المواضيع حديثة الدراسة حيث تطرقت العديد و العديد من الأبحاث إلي تخليق جزيئات النانو من الذهب و الفضة والبلاتين والتي تعتبر معادن باهظة الثمن مقارنة بالنحاس والذي يتميز برخص تكلفته وتوفره بكميات كبيرة، عوضا على انه يحمل الكثير من الصفات المشتركة مع تلك المعادن السابق ذكرها، ومن هنا كان موضوع الدراسة الذي تناول التخليق الحيوي لجزيئات النانو النحاسية وذلك بإستخدام ميكروبات تم عزلها والحصول عليها محليا من الأراضي المصرية. بالإضافة إلى تنمية هذه الميكروبات و تغذيتها علي بعض المخلفات الزراعية رخيصة الثمن عوضا عن المواد الكيميائية الباهظة الثمن والتي احيانا تطاب الي استيرادها من أماكن تصنيعها.
ومن أمثلة المخلفات الزرعية الي تم استخدامها في هذه الدراسة المولاس، شرش اللبن، مصاص القصب، سائل منقوع الذرة. وقد التوصل بأن أفضل انتاجية لجزيئاتت النحاس النانوية كان في حالة إستخدام خليط من المولاس وسائل منقوع الذرة.
ثم تلي ذلك دراسة تحسين ظروف الإنتاج بدراسة التداخل بين جميع العوامل المؤثرة و ذلك بهدف الوصول إلي أفضل إنتاج لجزيئات النحاس مع تحسين خواص الجزيئات المنتجة لزيادة ثباتها و توافقها مع التطبيقات المستقبلية. وكان ظروف الانتاج المثلي باستخدامدرجة الحرارة عند 40 درجة مئوية ، واستخدام محلول ركيزة التفاعل متمثل في كبريتات النحاس 3 ملي مولر ، ودرجة الحموضة 7 وذلك بعد يومين من التحضين.
وأخيرا تم دراسة التوصيف الكامل للجزيئات المنتجة و ذلك للتأكد من نقاوة و ثبات و شكل الجزيئات المنتجة. أظهر توصيف تلك الجزيئات بواسطة HR-TEMالميكروسكوب الالكتروني عالي الوضوح و DLS قياس التشتت الضوئي و XRD تشت الأشعة السينية و FTIR تشخيص الأشعة تحت الحمراء أن الجزيئات المنتجة لها شكل كروي، وبمتوسط حجم للجزيئات 30 نانومتر،ومغلفة بغلاف بروتينيو الذي يزيد من ثباتها. كما أن الجهد الكهروحركي لها يقدربـ -30 مللي فولت.
ونظرا لوجود الأغطية البروتينية المتكون من نواتج تمثيل الميكروبات فإنالجزيئاتتتمتع بثبات ممتاز لمدة عشرة أشهر. وجاري تطبيق الجزيئات المنتجة في العديد من المجالات الطبية والزراعية والكهربائية لما لها من خصائص مميزة.
د. بسمة طلعت عبد الحليم عبد الرحمن
مدرس الميكروبيولوجيا الزراعية– قسم الميكروبيولوجيا الزراعية
كلية الزراعة, جامعة عين شمس, القاهرة ,مصرالايميل : dr.basma.talaat2020@gmail.com