تلقى العالم المصري الدكتور احمد زويل الحاصل على نوبل في الكيمياء خلال محاضرته السنوية في دار الأوبرا المصرية سؤالا من أحد الشباب عن رأيه في وضع البحث العلمي في مصر والدول العربية, وجاء الرد سريعا بصورة غير معهودة من الشخصيات العامة، حيث اعترف أن حال مصر والدول العربية لا يشجع على البحث العلمي, ولا توجد بيئة حاضنة للعلم والعلماء وزاد الدكتور زويل قائلا “من الصعب الحديث عن نهضة علمية في ظل ما تعانيه المجتمعات العربية من بيروقراطية”.
وأعاد رأي الدكتور زويل فتح ملف البحث العلمي وأزمته, خاصة بالنسبة إلى الشباب الباحثين في مصر والذين يحلمون بالسير على خطى العالم المصري نحو جائزة نوبل العالمية ، وما دامت البيئة المصرية غير حاضنة للعلم كما قال الدكتور زويل فهذا لا يمنع احتضانها كثيرا من النوابغ الذين هم في طور التكوين, وهو ما يظهر جليا من خلال الجمعيات الأهلية المعنية بشباب المخترعين والنابغين والتي زاد عددها على عشر جمعيات تضم كل واحدة منها عشرات الأعضاء أغلبهم من طلبة المدارس والجامعات .
هناك أيضا المشروع الذي تبناه المركز القومي للبحوث تحت مسمى” الطريق إلى نوبل” حيث يضم عشرات الباحثين الشباب في مجالات علمية متنوعة يتم إعدادهم علميا بهدف السعي إلى جائزة نوبل التي باتت حلما يراود كل المشاركين في هذا المشروع .
المشروع الذي بدأ قبل عامين برعاية الدكتور هاني الناظر رئيس المركز بدا دعائيا أكثر من كونه واقعيا في ظل الظروف السيئة التي لم تتغير والميزانية المحدودة المخصصة للبحث العلمي .
وضعف الميزانية ليس المشكلة الوحيدة التي يعانى منها البحث العلمي فقد تكون المشكلة الأولى بالنسبة إلى الأكاديميين المتفرغين للبحث العلمي سواء كانوا في الجامعات أو المراكز البحثية ولكن بالنسبة إلى الطلبة المشكلة أعقد من ذلك , فهم أمام خيارين لا ثالث لهما , إما الدراسة الجامعية أو البحث العلمي والاختراعات , فلا يوجد في مصر من يتمكن من الجمع بين التفوق الدراسي والنبوغ العلمي خاصة وأن نظام التعليم يحول دون ذلك ويجبر الطالب على الانكفاء على الكتب والمذاكرة طوال الوقت .
تلك مشكلة يعاني منها بالفعل كثير من الشباب الذين لديهم موهبة الابتكار خاصة من طلاب المدارس، حيث يجدون مشكلة في الالتحاق بإحدى جمعيات رعاية المواهب التي تكاد تتوقف الحياة داخلها خلال الموسم الدراسي لتعود خلال إجازة الصيف حيث تتحول إلى خلايا نحل لا تهدأ فيها حركة المبتكرين الشباب .
تلك الجمعيات هي الأخرى لا تمثل البيئة المثالية الحاضنة لصغار العلماء والمبتكرين فى ظل ما تعانيه أيضا من ضعف الميزانية وقلة خبرة القائمين عليها .
وفي مثل تلك الجمعيات لا يوجد من هو مؤهل لتدريب الشباب , من يملك موهبة الابتكار في حاجة إلى معاملة خاصة من شخص يملك قدرات علمية هائلة حتى تتحقق الفائدة ولكن للأسف نادرا ما تستعين تلك الجمعيات بشخص على هذا المستوى المطلوب وبالتالي يصبح الأمر داخلها قاصرا على اجتهاد المواهب الذين يحاولون الاستفادة من الإمكانيات البسيطة التي تتيحها جمعيات رعاية الموهوبين قدر الإمكان .
الجهود الحكومية في هذا المجال تبدو هي الأخرى دعائية إلى حد كبير, فما يسمى بمراكز سوزان مبارك الاستكشافية والمنتشرة على مستوى المدن والمحافظات المختلفة لم تستطع حتى الآن تقديم مبتكر يمكن أن نعول عليه في المستقبل اللهم إلا محاولات فردية تظهر من حين لآخر.
وطبقا لرأي عدد من الباحثين فان البقاء في مصر والحصول على جائزة نوبل ضدان لا يجتمعان وقد يكون من الصعب الحديث عن حصول باحث يعمل في مصر على هذه الجائزة الرفيعة, فالبيئة التي يعمل بها من المستحيل أن تقود إلى نوبل.