فنان فلسطيني، قاوم مع الأطفال الفلسطينيين بالحجارة، عبر عن حبه لبلاده في العديد من اللوحات، وهو الجالس باطمئنان على قدم ” الرجل الطيب” بينما الأخير يخط لوحة بسكين كتب عليها: “ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيا”، وهو المهاجم بريشته التي تشبه السيف “الميكروفونات” متعددة الأشكال والأحجام، صارخاً بعبارة خالدة “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”.
ولد ناجي سليم حسين العلي في عام 1936م في قرية الشجرة الفلسطينية الواقعة في الجليل الشمالي، هاجر مع أهله عام 1948م إلى جنوب لبنان وعاش في مخيم عين الحلوة بعد الاجتياح الإسرائيلي، ثم هاجر من هناك وهو في العاشرة، ومن ذلك الحين لم يعرف الاستقرار أبدا، فبعد أن مكث مع أسرته في مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان، اعتقلته القوات الإسرائيلية وهو صبي لنشاطه، فقضى أغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها، وتم اعتقاله أكثر من مرة في ثكنات الجيش اللبناني وكان هناك أيضاً يرسم على جدران السجن.
بدأ ولعه بالرسم منذ كان صبيًا صغيرًا، فقد عشق حصص الرسم في طفولته وشجعه معلمه “أبو ماهر اليماني” على الرسم، وما زالت كلماته عالقة في ذهن ناجي: “ارسم.. لكن دائمًا عن الوطن”، وظل كذلك بالفعل ونقل رسمه من ورق الكراسات إلى جدران المخيمات ثم جدران السجون والزنزانات فيما بعد، وأول ظهور لأعمال ناجي كرسام كاريكاتير معترف به كان على يد الصحفي “غسان كنفاني” حينما حضر إلى مخيم عين الحلوة، وشاهد لوحات ناجي فأخذها ونشرها.
درس ناجي الإعدادية في لبنان ثم انقطع عن الدراسة بسبب الصعوبات التي واجهته، ثم انضم إلى مدرسة مهنية درس فيها لمدة عامين وفي عام 1960م دخل الأكاديمية اللبنانية للرسم وداوم فيها لمدة سنة واحدة ثم انقطع عنها بسبب الملاحقة من قبل قوات الأمن اللبناني وتعرض للسجن عدة مرات.
وفي عام 1963م سافر إلى الكويت وعمل في مجلة الطليعة الكويتية، ومنذ عام 1968م وحتى عام 1975م عمل في جريدة السياسة الكويتية، ومنذ بداية عام 1974م عمل في جريدة السفير اللبنانية حيث استمر في النشر فيها حتى عام 1983م وكان في عام 1979م قد انتخب رئيسا لرابطة الكاريكاتير العربي.
وفي عام 1983م غادر لبنان إلى الكويت مرة أخرى وعمل في جريدة القبس الكويتية التي بقي فيها حتى عام 1985م حيث انتقل إلى لندن وعمل في جريدة القبس الدولية، وشارك العلي في الكثير من المعارض العربية والدولية وأصدر ثلاثة كتب ضمت العديد من رسومه، التي تميزت بالجرأة منقطعة النظير وكان له أثناء حياته شعبية لم يرق إليها شعبية أي رسام آخر، وشكل بحق ظاهرة نادرة في الكاريكاتير السياسي.
وابتدع العلي شخصية حنظلة في الكويت عام 1969م في جريدة السياسة الكويتية والتي تمثل صبياً في العاشرة من عمره، أدار ظهره في سنوات ما بعد 1973م وعقد يداه خلف ظهره، وأصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجي العلي على رسوماته، ولقي هذا الرسم و صاحبه حب الجماهير العربية كلها و خاصة الفلسطينية لأن حنظلة هو رمز للفلسطيني المعذب والقوي رغم كل الصعاب التي توجهه فهو دائر ظهره للعدو.
ونال ناجي في حياته وبعد مماته تكريما واحتفاء شديدين فقد أُقيم لناجي معارض عديدة في بيروت ودمشق وعمان والكويت وواشنطن ولندن، بالإضافة فوزه بالجائزة الأولى في معرض الكاريكاتير العربي بدمشق عامي 1979م و1980م، وحصل كذلك في عام 1988م على جائزة “قلم الحرية الذهبي” من قبل الاتحاد الدولي لناشري الصحف في باريس؛ فكان أول عربي يحصل على الجائزة، كما اختارته صحيفة “أساهي” اليابانية كواحد من بين أشهر عشرة رسامين للكاريكاتير في العالم.
واستشهد الفنان العظيم ناجي العلي في يوم 29 أغسطس عام 1987م متأثرا بالجراح التي أصيب بها في محاولة الاغتيال الآثمة التي تعرض لها في يوم 22 يوليو عام 1987م، وأقيم مركز ثقافي في بيروت أطلق عليه “مركز ناجي العلي الثقافي”، كما حمل اسم ناجي العلي اسم مسابقة أقامتها جريدة السفير، كما تسابق الشعراء المجيدون لرثائه، مثل: “نزار قباني”، “عبد الرحمن الأبنودي”، و”أحمد مطر” في ونشرت بعد وفاته مجموعة كبيرة من الأعمال النقدية والدراسات التي تناولت حياته وأعماله.