رجل الأعمال الكويتي المعروف ناصر الخرافي هو أحد كبار المستثمرين في العالم العربي وهو الرجل الذي يؤكد أن رأسمال العرب للعرب، صنفته “مجلة فوربس” العالمية ضمن قائمة أغنى أغنياء العالم لعام 2008م بثروة بلغت 14 مليار دولار، متقدما ستة مراتب عن عام 2007م، فقد حقق الخرافي العديد من الانجازات والمساهمات في مجال الاقتصاد والأعمال والمجتمع على المستويين العربي والعالمي.
ولد الخرافي عام 1944م وهو نجل محمد عبد المحسن الخرافي مؤسس “مجموعة الخرافي” وأحد مؤسسي “بنك الكويت الوطني” وهو الشقيق الأصغر لجاسم محمد الخرافي رئيس مجلس الأمة الكويتي ووزير المالية السابق، وشقيق فايزة الخرافي أستاذة الكيمياء والتي كانت أول سيدة تتولى منصب مدير “جامعة الكويت” خلال الفترة من 1993م وحتى 2002م .
وتعتبر مجموعة شركات ناصر الخرافي من أكبر الشركات في العالم العربي، وتم إطلاقها في عام 1976م كشركة وطنية للأشغال الهندسية والكهربائية، وتحولت -بعد أن تنوع نشاطها- إلي مؤسسة ذات سمعة عالمية في مجالات الهندسة، والمقاولات، والصيانة، وأعمال النفط والمياه، والكيماويات، والطاقة، ويبلغ عدد العاملين بالمجموعة أكثر من 70 ألف موظف من جنسيات عربية مختلفة.
ويشغل الخرافي إلي جانب رئاسته للمجموعة عددا من المناصب الأخرى، أهمها منصب رئيس مجلس إدارة “الشركة المصرية ـ الكويتية القابضة”، وعضوية مجلس إدارة “بنك الكويت الوطني” ورئيس مجلس إدارة “شركة الأغذية الكويتية” التي يتولى إدارتها حاليا نجله “مرزوق”، كما يتولى منصب المدير التنفيذي لشركة صناعات الألمنيوم.
اختارت مجلة “أريبيان بزنس” الخرافي لمنحه جائزة “خصية العام” 2008م تقديراً لإسهاماته وانجازاته في مجال الأعمال واعتبرت المجلة قصة نجاحه جزءاً من قصة نجاح دولة الكويت في العصر الحديث، من خلال شخصيته القيادية ورؤيته الإستراتيجية التي تجسدت في مجموعة عبد المحسن الخرافي وأولاده والتي تمتد أعمالها ومشاريعها النوعية في أكثر من بلد عربي، وتتوزع استثماراتها في مجالات السياحة والفنادق، والطيران والمطارات، وفي الصناعة خاصة الصناعة الغذائية، والورقية والهندسية ، بالإضافة إلى تقنية المعلومات والغاز والبتروكيماويات والأسمدة والزجاج، كما تنشط المجموعة من خلال فروعها الاستثمارية في القطاع المالي وقطاع الخدمات وغيرها.
ويقود الخرافي استثمارات المجموعة إقليمياً من خلال تنفيذ العديد من المشروعات العملاقة في المنطقة العربية مثل فندق “شيراتون حلب” وفندق “بلودان الكبير” وفندق “فور سيزونز دمشق” في سوريا.
ومن أشهر استثمارات الخرافي شركة “أمريكانا” المنتشرة فروعها في جميع أنحاء الوطن العربي، وهي تعنى بالصناعات الغذائية باستخدام موارد زراعية محلية، وأيد عاملة عربية، وتقدر مبيعاتها بنحو 600 مليون دولار سنويا، وتقدم أكثر من 65 مليون وجبة سنوياً بمواصفات عالية.
ويعرف الخرافي بحبه الشديد لمصر والمصريين، حيث بلغت استثماراته في مصر أكثر من ٣٨ مليار جنيه في نحو ٣٥ مشروعاً صناعياً، وسياحياً، منتشرة في جميع مناطقها ومحافظاتها، وهناك أكثر من ٢٨٥ ألفاً من المصريين يعملون بشكل مباشر في مشروعاته، وهو المستثمر العربي الوحيد الذي ضخ استثماراته بكثافة، بعد أحداث “الإرهاب” التي ضربت مصر في منتصف التسعينات من القرن الماضي وقال في هذا الصدد: ” مهما فعلنا لن نوفى مصر حقها، لأنها ببساطة هي صدر وظهر العرب، وهي المكان الأعظم للاستثمارات، بها العقول والكوادر والسوق والأرض والفرص الواعدة”.
وتتركز مشروعات الخرافي في الصناعات الثقيلة كثيفة العمالة، ومنها مشروع “بورت غالب”، الذي يحوي عدة فنادق كبرى، وميناء دولي على البحر الأحمر يستقبل اليخوت الضخمة التي يمتلكها أثرياء العرب والعالم، ومصفاة للنفط بطاقة ١٥ ألف برميل بتكلفة مليار دولار، ومشروع آخر حول “بحيرة قارون” لاستخلاص الأملاح وتصديرها بتكلفة ٧٨٥ مليون دولار، وهذا المشروع يخلق ٥ آلاف فرصة عمل، هذا إلى جانب سلسلة “أمريكانا” التي يعمل بها ٢٠ ألف مصري.
كما أقام الخرافي مصنعا للورق يهدف إلى إنتاج 200 ألف طن سنوياً ويسوق إنتاجه مصرياً وعربياً وأوروبياً، ومصنعا للحواسب يخطط لإنتاج 300 ألف جهاز سنوياً، بالإضافة إلى امتلاك مجموعة الخرافي “للشركة المصرية – الكويتية القابضة” التي تستثمر أكثر من 250 مليون دولار في مجالات البتروكيماويات والزجاج والمواسير والأسمدة والغاز.
وتبرعت مجموعة الخرافي مؤخراً بخمسة ملايين جنيه “لهيئة الأبنية التعليمية” المصرية لإقامة مدرسة تضم جميع المراحل التعليمية في مدينة مرسى علم بالبحر الأحمر تخدم الأطفال من الحضانة وحتى المرحلة الثانوية بالإضافة إلي مستشفى متكامل، تنوي المجموعة إقامته شمال المدينة لتقديم الخدمة الصحية بالمجان للمواطنين.
وأكد الخرافي أن مجموعته تدرس ضخ استثمارات جديدة في مصر ليرتفع حجمها إلى 50 مليار جنيه واقتناص فرص جديدة بقطاعات عديدة، مؤكداً أن مشروع “بورت غالب” يسير بخطى ثابتة.
وأشار إلي أن المجموعة بدأت استثماراتها في مصر منذ خمسين عاماً في مشروعات سياحية وصناعية وتنموية وتسعى لزيادة استثماراتها باعتبار هذا الأمر “واجب عربي” تجاه مصر داعياً المستثمرين كافة للاستثمار في مصر، لما لهذا الاستثمار من نتائج طيبة وجيدة ويعود بالنفع على الجميع، معتبرا أن امن ورخاء مصر هو للأمة العربية كلها.
أما بالنسبة للسوق السعودي وقعت “شركة المال للاستثمار” الكويتية المملوكة “لمجموعة الخرافي” مؤخراً عقداً مع “الهيئة العامة للاستثمار” في المملكة لتطوير مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في “حائل” حيث يقضي الاتفاق بأن تؤسس المال للاستثمار شركة سعودية برأسمال خمسة مليارات ريال (1.33 مليار دولار) ستملك المجموعة فيها حصة كبيرة وتطرح حصة أخرى للاكتتاب العام، كما شمل الاتفاق تطوير مناطق صناعية وسكنية ومحطة كهرباء وخدمات طبية للمدينة إلى جانب مشاريع أخرى يستفيد منها كل أبناء العالم العربي.
وفي هذا السياق أقامت “مجموعة الخرافي” في مصر “أكاديمية إيماك الدولية- أكاديمية أوراكل” لتخريج حملة ماجستير في إدارة الأعمال التقنية وهو مشروع غير ربحي، يهدف إلي تنمية الموارد البشرية العربية بما يتناسب مع احتياجات السوق الحديثة، حيث يتم تدريب خريجي الجامعات على علوم تقنية المعلومات المتقدمة، مستعينة بخبرات وأساتذة «أوراكل» العالمية، والأكاديمية العربية لتقنية المعلومات والنقل البحري.
وتعتبر أكاديمية “إيماك” الأولى من نوعها في الوطن العربي، وينحصر عمل “أوراكل” في الأكاديمية الجديدة بتحديد التخصصات العلمية التي تحتاجها الأسواق العربية والعالمية، ووضع برامج الدراسة والتدريب بحيث تغطي عدد من التخصصات أهمها: إعداد التطبيقات على شبكة الإنترنت، وإدارة قواعد البيانات الكبرى، وتخريج مستشارين تنفيذيين متخصصين في التطبيقات المالية وتطبيقات نظم إدارة علاقات العملاء، وخبراء إنشاء مخازن المعلومات.
وأكد مرزوق ناصر الخرافي، مساعد مدير عام “مجموعة الخرافي” أن مشروع أكاديمية “إيماك” الدولية هو مشروع لكل العرب وذو هدف وطني وقومي وتنموي، مشيرا إلى أن تركيزه على تدريب الكوادر البشرية العربية ينطلق من إيمانه بأن عوائد الاستثمار في المجالات الاقتصادية، مهما عظمت وكبر حجمها، إلا أنها تظل محدودة أمام عوائد الاستثمار في العقل البشري اللامحدود.
وتقوم “مجموعة الخرافي” بتقديم دعم مادي لتقليل تكلفة الدراسة على الطلبة بما يتناسب مع دخل الفرد، كما تقوم بتعيين أوائل خريجي الأكاديمية في إحدى شركات “مجموعة الخرافي” المنتشرة في معظم أنحاء العالم، وتعتزم المجموعة إنشاء أكاديميات مماثلة تغطي وتخدم كافة أنحاء الوطن العربي كافة.
وقد حصل الخرافي على درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب من الجامعة الأمريكية ببيروت وقال في هذه المناسبة :” الاستقامة والكمال والنزاهة والعمل الجاد مكونات للنجاح اعتنقها.. والنجاح يكون في إحداث التغيير، واحرص على الأثر الإيجابي في كل ما تقوم به مجموعتنا وعلى توفير فرص عمل للآخرين..”
وقال عنه رئيس الجامعة جون واتربوري: “يحق للكويت أن تفخر بابنها الخرافي وأفراد عائلته الذين فعلوا الكثير للبلد والمنطقة العربية”.
مصطفى الطاهر