
وُلد العالم الفلسطيني نبيل أحمد فليفل في مدينة القدس، ونشأ في بيئة فلسطينية بسيطة عُرفت بالتمسك بالعلم والمعرفة كطريق لمواجهة التحديات. منذ طفولته أظهر شغفًا غير عادي بالقراءة والاطلاع، وكان يلتهم الكتب العلمية بشغف لا يهدأ. ومع تقدمه في مراحل التعليم، تميز فليفل بنبوغ ملحوظ، خصوصًا في مواد الفيزياء والرياضيات، الأمر الذي أهّله لدراسة الفيزياء النووية، ذلك العلم الذي وُصف بأنه “علم القرن الحادي والعشرين”.
Table of Contents
نبيل أحمد فليفل| نبوغ في مجال الذرة
استطاع فليفل أن يدرس الطبيعة النووية بجدية وإصرار، ورغم صغر سنه إلا أنه تمكن من إنجاز أبحاثه العلمية في وقت قياسي، حتى أصبح في الثلاثين من عمره عالماً واعداً في مجال الذرة.
كان طموحه يتجاوز حدود فلسطين، إذ كان يسعى لأن يكون جزءًا من المجتمع العلمي العالمي، وأن يضع بصمة عربية في مجال معقد وحساس مثل الطاقة النووية.
كان فليفل معروفًا بنهمه الشديد للمعرفة؛ فلم يكن يترك كتابًا في مجال الذرة إلا ويقرأه، الأمر الذي مكّنه من تكوين قاعدة معرفية واسعة جعلته في مصاف العلماء الشباب الموهوبين في العالم العربي.
نبيل أحمد فليفل| أحلامه وطموحاته
لم يكن نبيل فليفل مجرد شاب طموح؛ بل كان يحمل رؤية واضحة لمستقبل العلم في المنطقة العربية. كان يؤمن أن الطاقة النووية ستكون مفتاح التطور في القرن الحادي والعشرين، وأن امتلاك العرب لهذا العلم هو السبيل الوحيد لضمان استقلالهم العلمي والتكنولوجي.
خطط فليفل لمواصلة دراساته العليا، وتوسيع أبحاثه في مجال الذرة، وربط العلم بالتطبيقات العملية التي يمكن أن تخدم المجتمعات العربية في الطاقة والصحة والزراعة والصناعة.
لغز رحيله المبكر
لكن مسيرة هذا العالم الشاب لم تكتمل؛ فقد وُجد جثمانه في ظروف غامضة عام 1984 بالقرب من قرية بيرزيت في الضفة الغربية، ولم يكن قد تجاوز الثلاثين من عمره.
أثار رحيله المبكر صدمة كبيرة في الأوساط الفلسطينية والعربية، إذ بدا واضحًا أن اختفاءه المفاجئ ووفاته لم يكونا مجرد حادث عابر.
نظريات حول وفاته
كغيره من العلماء العرب الذين ارتبطت أسماؤهم بالطاقة النووية، أحاطت الشكوك بوفاة نبيل فليفل، وظهرت عدة تفسيرات أبرزها:
-
الاغتيال السياسي:
هناك من يرى أن أجهزة استخبارات أجنبية، وعلى رأسها الموساد الإسرائيلي، كانت وراء تصفيته، خوفًا من تنامي قدراته العلمية وتأثيره المحتمل على مستقبل العرب النووي. -
الضغوط النفسية والسياسية:
عانى العلماء الفلسطينيون في تلك الفترة من تضييقات هائلة، وربما تعرض فليفل لضغوط أو تهديدات أجبرته على التوقف، لكنها انتهت بموته الغامض. -
الحادث الغامض:
الرواية الرسمية التي حاول البعض تمريرها تقول إنه توفي في حادث عرضي، لكن الغموض الذي اكتنف الحادثة جعل هذه الفرضية ضعيفة ومرفوضة شعبيًا.
أثره وإرثه العلمي
رغم قصر حياته، إلا أن نبيل أحمد فليفل ترك إرثًا مهمًا، ليس فقط في أبحاثه العلمية، بل في الرسالة التي مثّلها. فقد كان رمزًا للشباب الفلسطيني والعربي الذي يسعى للعلم رغم القيود السياسية والاحتلال.
لقد جسّد فليفل الإيمان بأن العلم هو سلاح المستقبل، وأنه الطريق الوحيد لتحرير الإنسان العربي من التبعية والتخلف. وحتى اليوم، لا يزال اسمه يُذكر مع نخبة العلماء العرب الذين رحلوا في ظروف غامضة قبل أن يحققوا كامل أحلامهم، مثل سميرة موسى ويحيى المشد ونبيل القليني.
دروس من قصته
قصة نبيل فليفل تحمل العديد من الدروس:
-
أن العقول العربية قادرة على الوصول إلى مصاف العلماء الكبار إذا أُتيحت لها الفرصة.
-
أن الاحتلال والاستعمار لم يوجها رصاصهما فقط إلى الأجساد، بل أيضًا إلى العقول، خوفًا من أن يسهم العلم في نهضة الأمة.
-
أن قصته يجب أن تكون دافعًا للأجيال الجديدة كي تتمسك بالعلم رغم كل الصعوبات.
الخاتمة
يبقى العالم الفلسطيني الشاب نبيل أحمد فليفل رمزًا للعبقرية الموءودة والطموح المكسور. فقد امتلك الموهبة والشغف والعلم، لكن مسيرته توقفت فجأة وهو في أوج عطائه. لقد مثّل مثالًا صارخًا على أن العلم في العالم العربي ليس مجرد سعي أكاديمي، بل هو أيضًا معركة وجود وصراع إرادات.
ورغم أن رحيله شكّل خسارة كبيرة، فإن ذكراه ما زالت حيّة، تُلهم الشباب الفلسطيني والعربي بأن الطريق إلى النهضة يبدأ من الكتاب والمختبر، مهما كانت التحديات.