كاتب، وروائي، وشاعر أمريكي شهير قَلَبَ البنى التقليدية للسرد، وغالباً ما لجأ إلى استعادة المونولوج الداخلي في أعماله حصل على جائزة نوبل للاداب عام 1949، ويعتبر واحداً من أكثر الكتاب تأثيراً في القرن العشرين، تتميز أعماله بمساحة ملحوظة من تنوع الأسلوب والفكرة والطابع.
ولد الاديب الامريكي الكبير ويليام كتبيرت فوكنر في 25 سبتمبر من عام 1897م وقضى فوكنر معظم حياته في الجنوب، حيث ولد ونشأ في منطقة المسيسبي ولم يكمل تعليمه الثانوي، ودرس لفترة بسيطة في جامعة” المسيسبي” ، حيث كانت نتيجته متوسطة باستثناء اللغة الإنجليزية، ثم أخذ يتصرف وكأنه يبحث عن ذاته، فارتدى نظارة أحادية الزجاجة ، وأطلق لحيته ومشى حافي القدمين في الشوارع وارتدى الملابس الغريبة .
بدا حياته الأدبية بكتابة الشعر، وبعد سفره الى نيواوريانز واختلاطه بالوسط الأدبي هناك ، اتجه – تحت تأثير شيروود اندرسون – إلى كتابة النثر فكتب روايتين لم يكتب لهما النجاح ، ولكنه كان يتحسس فيهما طريقه إلى عالمه الخاص، ولكن الفترة العظيمة في حياته ككاتب كانت بين عامي 1929م و 1942م، وفى عام 1950م حصل على جائزة نوبل للآداب، وألقى خطابا يعتبر قطعة فنية وموقفا إنسانيا رائعا.
ومن أهم أعماله فى الفترة الخصبة هي “الصخب والعنف” و “النور في آب” وقد أبدع فوكنر فى مجال القصة القصيرة ، وكذلك فيما يمكن أن نسميه الحكاية وهى قصة تتراوح في طولها بين القصة القصيرة والرواية، وينطبق هذا على بعض رواياته التي تتضمن حكايات كهذه ، مثل : “الدب” و”شمس ذلك المساء” ، ولعل أهم مساهماته هي أسلوبه اللغوي ومبالغاته البلاغية وشاعريته ورموزه وإيماءاته الأدبية .
وقد هاجم الكثير من النقاد الأوائل كتابات فوكنر لتركيزها على العنف والشذوذ حيث قوبلت قصة الملاذ عام 1931م، لما فيها من اغتصاب وقتل، بنقد حاد، واعترف الكثير من النقاد فيما بعد بأن فوكنر لم يكن يفعل سوى تسليط نقده على هفوات ومثالب المجتمع بإظهارها في تقابل مع ما كان يسميه “الحقائق الخالدة” مثل: الحب، والشرف، والشفقة، والكبرياء والحنو، والتضحية وكان فوكنر ينادي بأن من واجب الكاتب تذكرة القراء بتلك القيم.
وكانت التقاليد والتاريخ في الجنوب الأمريكي دائمًا موضوعًا مفضلاً لدى فوكنر وتناول العلاقة بين السود والبيض في عدة اعمال من بينها : “الضوء في أغسطس” عام 1932م، و”أبسالوم” عام 1939م و”اغْرُب ياموسى” عام 1942م وفي في الرواية الأخيرة، يهتم بصفة خاصة بأناس مولدين من أعراق مختلطة ومشاكلهم في إبراز شخصية مميزة لأنفسهم.
ومعظم روايات فوكنر ذات نغمة مأساوية حادة لأنَّها، في معظمها، تمزج المأساة بالملهاة، وكانت روح المرح عنده من ميراث مارك توين وكُتّاب سابقين آخري، حيث كان لمارك توين تأثير مباشر على فوكنر، وتتسم قصص فوكنر القصيرة بسمات رواياته من حيث الأسلوب والفكرة والطابع.
وكان لفوكنر تاثير كبير في الروائيين على مستوى العالم، باعتراف روائيين معاصرين كبار، مثل الروائية الأميركية توني موريسون حاملة جائزة نوبل للأداب لعام 1993م والتي تخرجت في جامعة “هوارد” في واشنطن بعدما قدمت أطروحتها المعنونة “الانتحار في روايات وليام فوكنر وفرجينيا وولف” كما في روايتي “الجاز” و”الفردوس”.
كذلك اعترف الروائي الكولومبي جابرييل جارسيا ماركيز الحائز جائزة نوبل في الاداب لعام 1982م بتأثير فوكنر القوي فيه، حيث قال : “اذا كانت رواياتي جيدة فذلك لسبب واحد هو أنني حاولت أن أتجاوز فوكنر في كتابة ما هو مستحيل وتقديم عوالم وانفعالات، يستحيل أن تقدمها الكتابة والكلمات مثل فوكنر، ولكن لم أستطع أن أتجاوز فوكنر أبداً إلا أنني اقتربت منه”.
وأيضا قال الروائي البيروفي ماريو فارجاس يوسا: “تأثير فوكنر في أعمالي كبير جداً، وضعه الكثير من كتاب العالم في مصاف كبار القرن العشرين، فهو اخترع نظاماً عالمياً للرواية، وابتكر حبكة جيدة للقصة وأدخل إلى النثر الإثارة والترقب، وتشبه عوالم فوكنر عوالم أميركا اللاتينية: مجتمع ريفي فيه الكثير من العناصر الإقطاعية والإثنية، وجعل هذا التقارب الكثير منا يتأثرون به، وقد اكتشفته حين كنت شاباً، انبهرت من طريقته البارعة في تنظيم الحبكة، الزمن المتشابك، طريقته في توليد الأحداث، لا يوجد كاتب من أميركا اللاتينية من جيلي لم يتأثر بشكل مباشر بفوكنر”.
وقد توفي هذا المبدع الكبير في السادس من شهر يوليو من عام 1962م بعد رحلة حافلة بالعطاء في مجالي القصة القصيرة والراوية.