زكي طليمات .. الأستاذ
رائد مسرحي كبير، ناضل وبذل حياته من أجل قيام نهضة مسرحية, وقام ببطولة الكثير من المسرحيات, ومثل في العديد من الأفلام السينمائية، وعلى يديه تخرج العيد من جهابذة الفن المسرحي والأداء في مصر وفي بعض الدول العربية, وقد بلغ صيته خارج حدود مصر.
ولد زكى عبد الله طليمات في عام 1894م بحي عابدين في القاهرة من أب ذو أصل عربي وأم شركسية، وحصل على شهادة إتمام الثانوية العامة بالقسم الأدبي في عام 1916م وفي العام التالي انضم إلى فرقة عبد الرحمن رشدي “المحامى” عند تكوين فرقته المسرحية.
وفي يناير من عام 1921م وعقب حل عبد الرحمن رشدي فرقته المسرحية انضم طليمات إلى فرقة جورج أبيض ولكنه لم يستمر فيها طويلا حيث فضل الوظيفة الحكومية بحثا عن حياة كريمة وعين بوظيفة كاتب بمصلحة وقاية الحيوانات، وتزوج في تلك الفترة روز اليوسف، إلا إن صلته لم تنقطع بالمسرح والحركة المسرحية.
وفى شهر نوفمبر من عام 1925م أوفد في بعثة إلى فرنسا لتلقى فن التمثيل والإخراج وتتلمذ في باريس على يد دينى دينيس، وعاد من بعثته في أكتوبر من عام 1928م، وعين سكرتيرا لمدير الفنون الجميلة.
وفي ديسمبر من عام 1929م نقل إلى وظيفة معاون بدار الأوبرا الملكية، وفي نوفمبر من عام 1930م تم افتتاح معهد التمثيل وعين مشرفا إداريا له ومدرسا للإلقاء، لكن هذا المعهد أغلق في صيف عام 1931م بحجة مخالفته للتقاليد والآداب.
وعين طليمات مديرا لاتحاد الممثلين في عام 1934م الذي ألف بدعم من الدولة لحل أزمة المسرح، ولكن الفرقة لم تستمر طويلا حيث كانت الدسائس والوقيعة سببا في فشل الفرقة وحلها.
وفى عام 1935م تم إنشاء الفرقة القومية المصرية كأول فرقة مسرحية تشرف عليها الدولة وعين عضوا للجنة الإشراف على الفرقة ومخرجا بها، وفى عام 1937م أوفدته وزارة المعارف إلى أوروبا لتمثيل مصر في مؤتمري التعليم الثانوي والمسرح المدرسي ودراسة المسرح الشعبي، وعين مديرا فنيا للفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى التي حلت محل الفرقة القومية في أغسطس من عام 1942م، وفى نفس العام أفتتح المعهد العالي لفن التمثيل العربي وعين زكى طليمات أول عميد له.
وسافر طليمات في عام 1954م إلى تونس بدعوة من حكومتها في تأسيس الفرقة القومية، وشارك في إنشاء معهد الفنون المسرحية بتونس، وفي عام 1961م عهدت إليه حكومة الكويت بتأسيس مسرحها القومي، وعين مشرفا عاما على مؤسسة المسح والفنون بها، وبعد عودته من الكويت في عام 1971 عين مستشارا فنيا للهيئة العامة للسينما والمسرح والموسيقى.
وأخرج طليمات عددا من المسرحيات أشهرها “أهل الكهف”، “تاجر البندقية”، “السيد”، “نشيد الهوى”، “الفاكهة المحرمة”، “الشيخ متلوف”، “مدرسة الأزواج”، “أوبريت يوم القيامة”، “مدرسة النساء”، “الناصر”، و”حواء الخالدة”.
وفي السينما قدم زكي طليمات عدد من الأفلام أشهرها فيلم “من اجل امرأة” عام 1959م، و”بهية” عام 1960م، وفيلم “يوم من عمري عام 1961م والذي قام ببطولته الفنان عبد الحليم حافظ والفنانة زبيدة ثروت، وفيلم ” الناصر صلاح الدين” عام 1963م الذي قام ببطولته الفنان احمد مظهر وأخرجه المخرج العالمي يوسف شاهين.
وكانت السخرية لا تفارق زكي طليمات حتى وهو في أقسى حالات الغم والكآبة وفي عهد الحكم الملكي والاحتلال الانجليزي لمصر تعرض لمحاربة شديدة لكنه صبر ولم ييئس من محاربة الملك والانكليز لمسرحه.
ومن أجل مجابهة تلك الحرب لمسرحه تفتق ذهنه عام 1930م عن فكرة غريبة, حيث قام مع عدد من المسرحيين بتأسيس جمعية لدعم الحركة المسرحية أطلق عليها اسم “جمعية الحمير”, وجاءت تسمية الجمعية بهذا الاسم تحدياً للقصر الملكي والاحتلال الانكليزي, وإشارة إلى أن الحمار أكثر قدرة على التحمل وهم مستعدون للتحمل مثله، وضمت جمعية الحمير في عضويتها فنانين وكتاباً وصحفيين كباراً منهم طه حسين وعباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم وأحمد رجب والسيد بدير وغيرهم.
وتولى زكي طليمات رئاسة الجمعية عند تأسيسها وحددت الجمعية هدفها في الدفاع عن المسرح ضد ما يتعرض له من محاربة لكنها تحولت بعد إنجاز مهمتها هذه إلى جمعية خيرية لجمع التبرعات للفقراء واستمرت الجمعية في نشاطها سنوات طويلة وانضم إليها أجيال من الفنانين والكتاب.
وحصل الفنان الكبير زكي طليمات على العديد من الجوائز أهمها نيشان الافتخار من درجة كوماندور من الحكومة التونسية، في عام 1950م، وجائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1961م، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1975م كما حصل على درجة الدكتوراه الفخرية في نفس العام، وتوفي هذا الفنان العملاق في ديسمبر من عام 1982م.