فنان وممثل وكاتب ومنتج سينمائي مصري قدير، أشتهر بأدوار الفتوة والبطل القوي لما كان يتمتع به من قوة جسدية أهلته للعب تلك الأدوار، أطلق عليه الجمهور العديد من الألقاب منها “وحش الشاشة “، و”ملك الترسو”، واستطاع هذا الفنان أن يحتفظ بنجوميته طوال نصف قرن، وقدم خلال مسيرته عدد ضخم من الأعمال التي حظيت بجماهيرية كبيرة.
ولد الفنان الكبير فريد شوقي في حي السيدة زينب بالقاهرة في يوم 3 يوليو من عام 1920م، ونشأ وسط عائلة مصرية ذات أصل تركي، فجده لأبيه عبده بيك شوقي كان موظفاً بقصر عابدين وهو من أب تركي وأم مصرية، وجده لأمه محمد بيك أسعد المهندس السابق بالسودان، وهو من أم مصرية وأب تركي، ووالده هو محمد عبده شوقي، الذي كان يعمل مفتشاً بمصلحة الأملاك الأميرية بوزارة المالية، وكان خطيباً وطنياً ثائراً من أعضاء الوفد المصري المتحمسين للزعيم سعد زغلول.
انتقل فريد شوقي مع أسرته إلي حي الحلمية الجديدة ودخل مدرسة الناصرية التي حصل منها على الابتدائية عام 1937م وهو في الخامسة عشرة، ثم التحق بمدرسة الفنون التطبيقية وفي هذه المدرسة وجد فرقة مسرحية يقوم بتدريبها المخرج المسرحي الأول عزيز عيد، فانضم إليها وتتلمذ على يديه وبالرغم من انغماسه في جو الحياة الفنية، بالتمثيل مع فرق الهواة والتردد على المسارح في شارع عماد الدين ليمثل أدوار الكومبارس في فرق يوسف وهبي ونجيب الريحاني وعلي الكسار وفاطمة رشدي وجورج أبيض، فانه استطاع أيضاً الحصول على دبلوم مدرسة الفنون التطبيقية، والتحق موظفاً مع أبيه بمصلحة الأملاك الأميرية.
لكن الوظيفة لم تشغله عن نشاطه المسرحي، فقد كان من بين زملائه في حي السيدة زينب والحلمية الجديدة، مجموعة من هواة التمثيل لمعت أسماؤهم فيما بعد، وكونوا فرقة مسرحية أطلقوا عليها اسم “الرابطة القومية للتمثيل”، وكان مقرها حجرة واحدة في شارع الشيخ البقال، وكانت مسرحية الافتتاح بعنوان “الضحية” وقدمت على مسرح “برنتانيا” بشارع عماد الدين وقام ببطولتها فريد شوقي أمام ممثلة غير معروفة.
وواصلت هذه الفرقة نشاطها وقدمت مسرحية أخرى تولى إخراجها في ذلك الوقت “أنور وجدي”، واشترك في تمثيلها مع الفرقة زوزو حمدي الحكيم وإحسان الشريف، وفي عام 1945م افتتح المعهد العالي للتمثيل، فتقدم فريد للالتحاق به, ونجح في امتحان القبول, وحصل على الدبلوم، مع الفوج الأول من الخريجين واستقال من وظيفته الحكومية، وبدأ يبحث عن الفرصة المناسبة لتطبيق العلم على العمل.
بدأت نجومية فريد شوقي تلمع منذ الخمسينات فعمل مع صلاح ابوسيف في فيلم “الأسطى حسن”، لينجح الفيلم الذي اعتبر أحدى العلامات لبداية الواقعية في السينما المصرية، وانهالت بعد ذلك العروض السينمائية عليه فقدم أفلام: “حميدو”، “رصيف نمرة 5″، “النمرود” ثم كتب وأنتج فيلم “جعلوني مجرماً” عام 1954م والذي أخرجه عاطف سالم، وفي عام 1956م، لاحظ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر نجومية فريد الخاصة، فطلب منه أن يقدم فيلما عن بورسعيد.
وقدم فريد شوقي أيضاً أفلام: “سلطان”، “الأخ الكبير”، “أريد حباً وحناناً”ً، “الثعلب والحرباء”، “المجد”، “زهرة السوق”، “سكرتير ماما”، “دماء على النيل”، “ابن الحتة”، “الفتوة”، “وبالوالدين إحسانا”، “دعاء المظلومين”، “الجنة تحت قدميها”، “القضية المشهورة”، “إبليس في المدينة”، “الزوج العازب”، “ساحر النساء”، “أيام العمر معدودة”، “حساب السنين”، “أنا الدكتور”، “سلطانة الطرب”، “بداية ونهاية”، “كفاني يا قلب”، “ومضى قطار العمر”، “أفواه وأرانب”، “قطة على نار”، “حالة خاصة جداً”، “حب فوق البركان”، “حب لا يرى الشمس”، “هكذا الأيام”، “طائر على الطريق”، “الباطنية”، “شاطئ العنف”، “البؤساء”، “كلمة شرف”، “دموع في ليلة الزفاف”، “الخبز المر”، “أنا المجنون”، “عيون لا تنام”، “حكمت المحكمة”، و”خرج ولم يعد”.
وقدم فريد شوقي مجموعة من الأفلام التي تمثل السينما التاريخية منها: “الصقر”، “ألف ليلة وليلة”، “هارب من الأيام”، “عنتر ابن شداد”، “أمير الانتقام”، و”فارس بني حمدان”، “واسلاماه” كما قدم مجموعة من الأفلام التي تمثل السينما السياسية والوطنية منها: “الكرنك”، “بور سعيد”، “الغول”، “شياطين الليل”، و”قهوة المواردي”، وقد اشتهر بعد ذلك على شاشة السينما العالمية، فقام بدور “عطيل” في فيلم ألماني، وفيلم عالمي باسم “كريم ابن الشيخ”، واستعان في فيلم مصري باسم “الجاسوس” بالنجمة الفرنسية آن سيمرنر، وقد ساهمت أعمال فريد شوقي في تغيير بعض القوانين مثل فيلم جعلوني مجرما الذي أدى إلي صدور قانون الإعفاء من السابقة الأولى.
وفي مجال المسرح قام فريد شوقي بأكثر من 18 مسرحية أشهرها: مسرحيات “شارع محمد علي”، “الدلوعة”، و”حكاية كل يوم”، أما في التليفزيون فقد قدم أكثر من 12 مسلسل أشهرها مسلسل “البخيل وأنا” مع الفنانة كريمة مختار ومسلسل “صابر يا عم صابر”.
وقد حصل الفنان فريد شوقي على العديد من الجوائز والأوسمة منها: جائزة التفاحة الذهبية من مهرجان “أنيتاليا” التركي، ووسام الجمهورية للفنون والذي سلمه له الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وجائزة أفضل ممثل من جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية عن فيلم “هكذا الأيام”، وقد توفي هذا الفنان العملاق في يوم 27 من شهر يوليو عام 1998م بعد رحلة فنية حافلة بالعطاء.